إن خبر السقوط في (تكوين 3)، إذ يربط بين هذين الطرفين، أعني - من جهة - تقديم عرض نفسي لنشوء الخطية (وهي شيءٌ يشعر بحقيقته كلٌّ منا كل لحظة في حياته) ثم – من جهة أخرى – إظهار الخطية بصورة مذهلة في طبيعتها غير المعقولة التي لا يُلتَمَس لها العذر، ليسمو كثيراً جداً فوق كل رواية تتناول أصل الخطية من بين ما تأتّى للحكمة البشرية أن تطلع به عبر العصور. ثمَّ إن وجود الخطية والشقاء هو، رغم كل شيء، أمرٌ نعرفه لا من الكتاب المقدس وحسب بل تنادي لنا به كلَّ يومٍ وكلَّ لحظة خليقةٌ تئنُّ بكاملها. فالعالم كلُّه يندرج تحت لافتة السقوط. حتى لو كان العالم من حولنا لا يُعلن ذلك، إذاً لذكرنا به من لحظة إلى لحظة صوت الضمير الذي يتهمنا كل حين، كما يذكرنا به بؤس القلب الذي يُنبينا عن شقاء لا يوصف.