رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الروح القدس حتى مجمع القسطنطينية 381 م. أعلن القديس أثناسيوس منذ البداية رأيه في محاولات الأريوسيين في تشويه الإيمان بالروح القدس وذلك في رسالته الأولى ضد الأريوسية (الفصل الثامن) فقال: "كيف يمكن أن يكون إيمانه بالروح القدس إيمانًا صحيحًا، طالما يتكلم بتجديف على الابن"(1) منكرًا مساواته للآب في الجوهر (هومو أسيون تو باتري). إن ما قاله القديس أثناسيوس هنا يعتبر وكأنه نبوة أو بعد نظر، لأن ما قاله حدث بالفعل. فبعدما أنهى مجمع نيقية الصراع الخاص بألوهية الابن، بدأ الصراع حول ألوهية الروح القدس، فبدأ القديس أثناسيوس يحارب أيضًا ضد إنكار ألوهية الروح القدس. وفي سنة 360 م. أصدر القديس أثناسيوس أول شرح مستفيض عن شخص الروح القدس وانبثاقه من الآب. واجه الآباء الأرثوذكس مشكلة عدم وجود تكملة لقانون الإيمان بعد عبارة "نعم نؤمن بالروح القدس". وقد كان الآباء في نيقية يعتبرون أن قانون الإيمان النيقاوي قد ذكر الروح القدس في إطار إلهي، أي ذكر "آب ضابط الكل... ورب واحد يسوع المسيح... والروح القدس". ويلاحظ وضع كلمة "نؤمن" قبل كل واحد من أسماء الأقانيم الثلاثة: "نؤمن بإله واحد الله الآب ضابط الكل.. ونؤمن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد.. نعم نؤمن بالروح القدس.. ". فبالنسبة لأي مسيحي يسلك في طريق الحق يشعر أن قانون الإيمان النيقاوي هو إعلان واضح عن إيمان الكنيسة بالثالوث القدوس. لم يُذْكَر في قانون الإيمان أننا نؤمن بأي آخر سوى الثلاثة أقانيم، لكن لأن الصراع كان ساخنًا بخصوص لاهوت الابن لذلك شرح قانون الإيمان النيقاوي بالتفصيل ما يخص لاهوت الابن، ثم أتى مجمع القسطنطينية ليضيف الجزء الخاص بالروح القدس. وبعد عودة القديس أثناسيوس إلى الإسكندرية من منفاه عقد مجمعًا وأصدر منشورًا مجمعيًا رسميًا سمى بطومس الأنطاكيين (لأنه أرسل إلى أنطاكية بنوع خاص) يحمل أول حكم بالإدانة تصدره الكنيسة ضد عدم الإيمان بلاهوت الروح القدس. وقد قبل الأسقف بولينوس في أنطاكية الوثيقة بكل فرح ووقّع عليها بإمضائه. وقد أعلن مجمع الإسكندرية في هذه الوثيقة بكل وضوح أن الروح القدس واحد في الجوهر مع الآب والابن adiaireton thV ousiaj tou uiou kai PatroV (إذيرتون تيس أوسياس تو أيو كى باتروس). ولم يقل عبارة (هومو أسيون توباترى) لأن عبارة "واحد في الجوهر" تعتبر أخف، حيث أن الوضع كان ملتهبًا بشدة نتيجة وجود أنصاف الأريوسيين في منطقة أنطاكيا (مثل يوسابيوس النيقوميدى ويوسابيوس القيصري اللذان تسببا في نفى البابا أثناسيوس أربع مرات والخامسة لم تنفَّذ). وقد انبرى في هذه الحقبة مقدونيوس وماراثونيوس اللذان رفضا بشدة القول بلاهوت الروح القدس، وظلا يعلِّمان أن الروح القدس مخلوق وخادم الله، ولذلك دعيا هما وجماعتهما بمحاربي الروح القدس (بنفما توماخوس) الذين حرمتهم الكنيسة آنئذ. وقد حدث في مدة الصراع أن أرسل مقدونيوس وأتباعه إلى البابا ليبريوس في روما، بعثة من مجمعه الخارج على الإيمان المسيحي المسمى بمجمع لمباسكوس سنة 365 م.، ونجح مقدونيوس في إقناع البابا ليبريوس وكل أساقفة إيطاليا واكتسبهم أنصارًا له فيما يخص تعاليمه المغشوشة عن الروح القدس مدعيًا أنه يتمسك بقوانين مجمع نيقية المقدس. ويذكر لنا المؤرخ الشهير هفلي Hefele أنه لم تهدأ روما من سنة 368 م. إلى سنة 381م وهي تقيم المجامع الواحد تلو الآخر (369م، 374م، 380م)، وفي هذه المجامع استعادت روما أرثوذكسيتها وقررت: 1. أن الروح القدس غير مخلوق. 2. أنه في كرامة واحدة وجوهر (أوسيا) واحد وقدرة واحدة مع الآب والابن. 3. أزلي عالم بكل شيء (كلى العلم)، موجود في كل الوجود omnipresent، متميز بشخصه، معبود من الكل، منبثق من الآب فقط، واحد مع الآب والابن في وحدة كاملة مطلقة. وحرمت بالتالي أريوس ومقدونيوس وإفنوميوس(2) وكل من أنكر أزلية الروح القدس وانبثاقه من الآب(3). وأعلنت روما إيمانها بعد وفاة القديس أثناسيوس بخمس سنوات وعلى هدى مقررات مجامع الإسكندرية بالثالوث القدوس، لاهوت واحد قدرة واحدة وكرامة ومجد واحد، وسمى هذا طومس داماسوس(4) ولاقى قبولًا في أنطاكية ووقع علية 146 أسقفًا اجتمعوا في مدينة أنطاكية عام 378 م. بحسب تحقيقات العالم والمؤرخ هفلي. وهذه هي الأحداث التي هيأت الجو أمام البابا تيموثاوس الأول وسائر الأساقفة الأرثوذكس أن يكملوا قانون الإيمان في المجمع المسكوني الثاني المنعقد في القسطنطينية 381م. وبذلك صار يدعى القانون: قانون الإيمان النيقاوي-القسطنطيني Nicene-Constantinople والذي ورد فيه "نعم نؤمن بالروح القدس الرب المحيي المنبثق من الآب نسجد له ونمجده مع الآب والابن...". وفى هذا المجمع تم تأكيد حرم أريوس ومقدونيوس إلى جوار سابيليوس وأبوليناريوس. وانتصرت الأرثوذكسية انتصارها المشهور بعد الصراع الطويل الذي عاشه القديس أثناسيوس الرسولي ما قبل مجمع نيقية وبعده وإلى حين أن رقد في الرب عام 373 م. |
|