رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سلسلة مخافة الله (5) مخافة الله في الكنيسة الأولي بقلم: قداسة البابا شنودة الثالث ونعني الكنيسة في العصر الرسولي, في القرون الأربعة الأولي للمسيحية حيث كانت الكنيسة تحرص علي مخافة الله, وعلي التمسك بحياة القداسة, قداسة المؤمنين وقداسة الكنيسة. وكانت حازمة جدا في حفظ الوصايا الإلهية, لذلك تميزت الكنيسة بالعقوبات الشديدة التي كانت توقعها علي الخطاة في ذلك الزمان حي يعيشوا في خوف الله. نحن لا ننسي العقوبة الشديدة التي أوقعها القديس بولس الرسول علي خاطئ كورنثوس, إذ قال: قد حكمت... أن يسلم مثل هذا للشيطان لهلاك الجسد, لكي تخلص الروح في يوم الرب (1كو 5: 5). ونذكر أيضا حكمه الشديد علي عليم الساجر, إذ ضربه بالعصي (1كو 13: 11)... ونذكر أيضا قوله لتلميذه تيموثاوس الأسقف: الذين يخطئون, وبخهم أمام الجميع, لكي يكون عند الباقين خوف (1تي 5: 20). لأن هذا الخوف يحمي الآخرين من تكرار الخطأ ذاته أو ما يشبهه. وهناك قصة في بدء الكنيسة الأولي لا ننساها: وهي معاقبة القديس بطرس لحنانيا وسفيرا اللذين كذبا عليه, أو كذبا علي روح الله الذي فيه, فعاقبهما أشد عقوبة حتي دون أن يعطيهما فرصة للتوبة. وقال سفر الأعمال في ذلك: فصار خوف عظيم علي جميع الكنيسة (أع 5: 11). وكان ذلك الخوف نابعا لردع الناس عن الخطأ... ومن العقوبات التي كانت مشهورة في الكنيسة الأولي, هي عقوبة عزل المخطئ من جماعة المؤمنين Excommunication والتي ذكر بها القديس بولس أهل كورنثوس بقوله: اعزلوا الخبيث من بينكم (1كو 5: 13) وكانت هناك عقوبات أخري خاصة برجال الإكليروس... قد تصل إلي العزل من الرتبة الكهنوتية Deposal ومن مخافة الله, كان البعض يعترف بخطاياه علانية, ولا ننسي اعترافات القديس أوغسطينوس التي كتبها في كتاب يمكن أن تقرأه جميع الأجيال... إذ كانت مخافة الله في قلبه. فأراد أن يعاقب نفسه بذكر خطاياه أمام الكل. إن الله قدوس لا يمكن أن يرضي بالخطية ولا الشر. وهكذا كان وكلاؤه علي الأرض أيضا (1كو4: 1) (تي 1: 7). لذلك كانت الكنيسة مملوءة بالقديسين, ولا يدخلها إلا القديسون. وكانت الكنيسة مقسمة إلي خوارس, إلي مناطق وصفوف. خورس الباكين, وخورس الراكعين, وخورس الموعوظين... إلي أن يصلوا إلي خورس القديسين الذين يسمح لهم بالتناول. ولم يكن كل أحد يصرح له بدخول الكنيسة. إذ كما يقول المزمور: ببيتك تليق القداسة يارب (مز 93). لذك كان الخطأة يقفون خارج الكنيسة, يتضرعون إلي الداخلين والخارجين أن يصلوا لأجلهم. وكثيا ما كانت الكنيسة تحرم بسنوات من الحرمان علي مقترفي الخطية. ونظرا لأن الكنيسة كانت شديدة في أحكامها, كان الناس يسلكون في قداسة وحرص. كانت توجد وظيفة هي وظيفة الأبيدياكون أي مساعد الشماس. وهذا كان يحرس أبواب الكنيسة من دخول حيوان مثل كلب أو قط. كذلك كان يحرسها من دخول الخطاة, فلا يدخلها أشخاص محكوم عليهم بسبب خطاياهم. والكنيسة في عقوباتها لم تكن تعرف المحاباة. فكان يحكم علي الشخص بالحرمان من الكنيسة, إذا أخطأ خطية تستوجب ذلك مهما كان مركزه أو شهرته... قصة خاطئة مشهورة.. كانت توجد امرأة من مشاهير الراقصات. ولشهرتها الكبيرة ما كان يصادقها إلا الأثرياء وكبار الموظفين. هذه المرأة ذهبت في إحدي المرات إلي الكنيسة بزينتها فأوقفها الأيبوذياكون ومنعها من الدخول قائلا لها: لا يحق لك أن تدخلي الكنيسة لأنك امرأة خاطئة. وقال ذلك لأنه خادم بالكنيسة ومكلف بهذا الأمر. ولا يسمح لأي شخص خاطئ بالدخول إلي الكنيسة كما يقول الكتاب: اعتزلوا الخبيث من وسطكم. ظلت المرأة تتناقش معه بصوت مرتفع إلي أن وصل صوتها إلي الأسقف. فخرج الأسقف مستفسرا, فقالت له: يا سيدي أريد أن أدخل الكنيسة, فقال لها الأسقف: لا تستحقين الدخول إلي الكنيسة لأنك امرأة خاطئة, وبعد المناقشة وعندما وجدت أنها مدانة لأنها خاطئة قالت له يا سيدي ما عدت أخطئ مرة أخري. فقال لها الأسقف: إن كنت صادقة في توبتك فاذهبي احضري جميع أملاكك إلي هنا. فذهبت وأحضرت جميع غناها إلي فناء الكنيسة - التحف والملابس والزينات وكل حاجة تملكها أحضرتها إلي فناء الكنيسة. فأمر الأسقف أن يحرق كل هذا, لأنه حسب قوانين الكنيسة لا يدخل في مالية الكنيسة أجرة زانية. فلما نظرت المرأة كل هذا قالت لنفسها: إن كانوا قد فعلوا بك هكذا في الأرض, فماذا يفعل بك في السماء؟. وتخشعت وسمح لها بالدخول إلي الكنيسة - مجرد سماح فقط. وهكذا دخلت مخافة الله إلي قلبها وتابت. وفيما بعد صارت إحدي القديسات القديس يوحنا ذهبي الفم والإمبراطورة: قصة أخري حدثت في عهد القديس العظيم يوحنا ذهبي الفم بطريرك القسطنطينية, أتت إلي القديس امرأة وقالت له: إن الإمبراطورة قد ظلمتها. فطلب القديس إلي الإمبراطورة أن تنصف المرأة, ولكنها لم تنصفها. وفي يوم جاءت الإمبراطورة إلي الكنيسة في موكبها مع العبيد والحاشية وأرادت الدخول, فخرج القديس يوحنا إلي الباب وأوقف الإمبراطورة ومنعها قائلا: لا تدخلي الكنيسة لأنك امرأة ظالمة. إن الإمبراطورة سببت فيما بعد للقديس يوحنا مشاكل كثيرة, ولكن الكنيسة لا يدخلها إلا القديسون, وليتحمل بعد ذلك ما يحدث, ولذلك كان القديس يوحنا يقول: إن هيروديا مازالت ترجو الملك مرة أخري لكي يعطيها رأس يوحنا علي طبق. فتذكرا ما حدث لسميه القديس يوحنا المعمدان. ولقد احتمل ذهبي الفم كثيرا لكي تثبت مخافة الله داخل الكنيسة. ولا فرق في ذلك بين الملكة وأي فرد من لاشعب... قداسة بيت الله قداس الموعوظين في الكنيسة هو الجزء الأول من القداس الحالي, الذي نقرأ فيه الرسائل والسنكسار والإنجيل وتلقي العظة. وكانت الكنيسة في العصور الأولي, قبل أن يرفع الإبرسفارين, ويبدأ قداس القديسين, كان يقف الشماس ويقول: لا يقف هرطوقي ها هنا, لا يقف موعوظ, لا يقف غير مؤمن. فيخرج هؤلاء ولا يبقي في الكنيسة إلا المؤمنون القديسون الذين يتناولون من الأسرار الإلهية. ثم يغلق الباب فلا يدخل بعد ذلك أحد, ولا يخرج أحد. لأنه غير جائز أن يدخل إلي الكنيسة إنسان متأخر بعد رفع الإبروسفارين كذلك أيضا لا يجوز أن يخرج من الكنيسة أحد في اللحظات المقدسة. لقد كانت الكنيسة شديدة في أحكامها, ولأجل ذلك كانت مملوءة من المؤمنين القديسين... نحن الآن نتهاون ونسمح بدخول الأشرار والظالمين, وتحدث أخطاء داخل الكنيسة, إذ قد يتشاجر بعض الأشخاص أو يتشاتمون هذا طبعا لا يليق بقداسة بيت الله. يعقوب أب الآباء عندما أسس بيت إيل, عندما ظهر له الله في ذلك المكان قال: ما أرهب هذا المكان, ما هذا إلا بيت الله, وهذا باب السماء (تك 28: 17). وفي بعض الكنائس توجد هذه الآية مكتوبة علي الجدران. لأن الكنيسة لا يدخلها إلا القديسون أما الخطاة فغضب الله معلن عليهم. إجراءات كنسية أخري * في الكنيسة الأولي التي تميزت بمخافة الله, لم يكن الحل سهلا من فم الكاهن. فلم يكن الأب الكاهن يقرأ التحليل لإنسان, إلا بعد أن يتأكد من توبته, ومن إصلاح نتائج خطيئته بقدر الإمكان, كأن يرجع الحق لمن قد ظلم منه, كما فعل زكا العشار (لو 19: 8). وكان الخاطئ التائب يتحمل عقوبة كنسية شديدة. لأن العقوبة تشعره بثق الخطأ الذي ارتكبه. * ولم تكن الكنيسة تقبل تبرعا إلا من مال حلال حسب قول المرنم في المزمور زيت الخاطئ لا يدهن رأسي وأيضا حسب تعليم الكتاب لا تدخل أجرة زانية إلي بيت الرب إلهك عن نذر ما (تث 23: 18). وفي قوانين الآباء الرسل توجد قائمة بالعطايا المرفوضة التي لا تقبلها الكنيسة, إذا كان مصدرها غير سليم... وكما كانت مخافة الله قائمة بالنسبة إلي الخطايا الشخصية.. كذلك كانت مخافة الله. قائمة في التعامل مع الهرطقة. وهكذا يقول القديس بولس الرسول: إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم به, فليكن أناثيما أي محروما (غل 1: 8). ويقول القديس يوحنا الحبيب: إن كان أحد يأتيكم ولا يجئ بهذا التعليم, فلا تقبلوه في البيت, ولا تقولوا له سلام. لأن من يسلم عليه, يشترك في أعماله الشريرة (2يو 10, 11). وهكذا بمخافة الله كانت الكنيسة مدققة جدا في أمور التعليم وما كاتب تقبل أي تعليم غريب. وفي تدقيقها كان كل تعليم غريب, وكل خطأ, بقابل بكل حزم وصرامة. وتعقد بسببه المجامع المكانية أو المسكونية, لتقاومه وتقوم بتحديد الإيمان السليم, وعزل أصحاب ذلك التعليم الخاطئ وقطعهم من جسم الكنيسة مهما كانت رتبتهم. ليتنا نأخذ درسا في مخافة الله من الكنيسة الأولي... تلك المخافة الي دعتهم إلي التدقيق في كل شيء, وإلي الجدية في الرعاية والخدمة, وإلي الأمانة في القليل وفي الكثير, حتي حفظوا لنا الإيمان نقيا, وسلموه لنا كما تسلموه (2 تي 2:2). وأخيرا, بعد كل المقدمات التي كتبناها لك أيها القارئ العزيز, في خمس مقالات عن مخافة الله, نود أن ننتقل إلي نقطة عملية وهي: كيف يمكننا الوصول إلي مخافة الله؟. هذا موضوع طويل, أطول من كل ما قلناه.. موعدنا به معك في الأعداد المقبلة إن شاء الله, إن أحبت نعمة الرب وعشنا. |
24 - 08 - 2016, 11:34 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: سلسلة مخافة الله (5)
العظة مفيدة جداً
ربنا يبارك خدمتك |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
سلسلة مخافة الله (13) |
سلسلة مخافة الله (4) |
سلسلة مخافة الله (8) |
سلسلة مخافة الله (7) |
سلسلة مخافة الله-6 يمكنك الحصول علي مخافة الله |