رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يبدو أن كل شيء في عالمنا يتحسّن ما عدا الإنسان. ففي طبيعته الخلقية الأساسية التي تضبط علاقته بغيره من البشر، تراه يسرق، ويقتل، ويكذب، ويخدع، ويخطف، ويشتم، ويقامر، وقد بقي كما هو منذ بدء التاريخ بلا تغيير جوهري. وما ترويه الصحف من حوادث القتل، والسلب، والاغتصاب، والوحشية، والعنف يدل على طبيعة الإنسان. قال كارل يونغ، العالِم النفساني المشهور الذي قضى سنوات طويلة يدرس الإنسان: "إن كل الخطايا البدائية القديمة لم تمت، لكنها رابضة في الأركان المظلمة في قلوبنا العصرية.. لا تزال جاثمة هناك، ولا تزال مرعبة وبشعة كما كانت دائماً وأبداً". إن شهادات كثيرة كهذه صدرت عن رجال عظام، وما نراه كل يوم من فظائع وخطايا يرتكبها الإنسان يجعلنا نوقن أن الإنسان عاجز كلياً عن تغيير ذاته. لقد جرّب على مرِّ العصور، الوسائل الدينية، والثقافية، والخلقية، والتهذيبية، وفشل، والآن أدرك الإنسان أن تغيير النفس يأتي من الله بواسطة المسيح. كيف أصير إنساناً جديداً؟ سؤال يردّده الألوف اليوم: الطلاب، والعمال، والمدرّسون، والحكام، والعلماء، والأغنياء، والفقراء، والسجناء. ماذا أفعل لكي أخلص؟ كيف أنال الحياة الأبدية؟ كيف أصبح إنساناً جديداً؟ كيف أتأكد من قبول الله لي؟ كيف أعرف أن خطاياي مغفورة؟ هذه الأسئلة جميعها يلخّصها سؤال سجّان مدينة فيلبي الوارد ذكره في سفر أعمال الرسل 30:16، الذي سأل بولس قائلاً: "ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص"؟ فأجابه الرسول بولس جواباً صائباً محدداً: "آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص". وهذا الجواب هو لك إن كنت تسأل السؤال نفسه. إن الطريقة الوحيدة التي تصبح فيها إنساناً جديداً هي أن تختار المسيح رباً ومخلصاً شخصياً لك. هذا الاختيار يغيّر حياتك تماماً، بقوة الله القادر على كل شيء. الولادة الجديدة لا حياة إلاّ بالولادة. فكما يأتي الإنسان إلى هذه الدنيا بالولادة الجسدية، يأتي إلى الحياة الجديدة بالولادة الروحية. قال المسيح لنيقوديموس المعلم الناموسي: "إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله" (يوحنا 3:3). ينبغي إذاً أن نولد ثانية. يقول الرسول يوحنا عن المسيح: "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه" (يوحنا 12:1). هذا يعني بكل بساطة أننا ساعة نؤمن بالمسيح يغيرنا الله بالروح القدس، فنصبح أناساً ذوي حياة جديدة طاهرة أبدية. إذ أنه عندما يولد الإنسان مرة ثانية بإيمانه بالمسيح وبعمل الروح القدس في قلبه يحدث تغيير تام في حياته كما يقول الرسول بولس: "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة، الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديداً" (2 كورنثوس 17:5). ضرورة التوبة إن التوبة عامل أساسي في حدوث الولادة الجديدة، لأنها تعبر عن رغبة الإنسان وتصميمه على نبذ الخطية من حياته إلى الأبد. ويبدأ الله عملية التغيير لحظة يترك الإنسان الخطية من كل قلبه، وحياته السابقة، وعاداته الذميمة. وتتضمن التوبة معنى الرجوع إلى الله. يقول الرسول بطرس في عظته الشهيرة: "توبوا وارجعوا لتُمحى خطاياكم" (أعمال 19:3). فمن دون توبة صادقة لا غفران من الله. وتتضمّن التوبة تغيير القصد والاتجاه بالنفس إلى الله. على كل حال، ما عليك إلا أن تكون راغباً ومستعداً، وعند ذلك يساعدك الله. إن التوبة هي نقطة انطلاق النفس في خط سيرها الأبدي مع الله. وعندما ننحني بنفوسنا إلى أخفض مستوى، نستطيع أن ننحني له ونعترف حقاً بخطايانا ونتركها، عند ذلك يتسلّم الله الزمام ويرفعنا إليه. أما ضرورة التوبة فواضحة في قول المسيح: "إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" (لوقا 5:13). الإيمان والتسليم الإيمان عنصر ضروري لنوال الخلاص. يقول الإنجيل: "هكذا أحب الله العالم حتى بذلك ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا 16:3). فماذا يعني الإيمان؟ الإيمان يعني الثقة. أنت تؤمن بطبيب ما. هذا يعني أنك تثق به وبقدرته على وصف العلاج الناجع. هكذا الحال بالنسبة إلى الإيمان بالمسيح. ضع ثقتك به وآمن بأنه قادر على أن يشفي روحك من داء الخطية. والإيمان لا ينفصل عن التسليم. فأنت عندما تؤمن وتثق بطبيب، يعني أنك تسلّم له نفسك ليعالجك. هذه هي الحال بالنسبة إلى التسليم للمسيح. سلّم له حياتك وثق بقدرته على معالجة مشاكلك الروحية. التسليم للمسيح يعني الخضوع له، والانصياع لأمره، ووضع النفس بجملتها بين يديه. والتسليم يعني عدم المقاومة والتمرّد وعدم تنفيذ رغبات الأنانية. إنه يعني الطاعة للمسيح في كل شيء. عمل الإرادة ثم هناك العزم الإرادي. إرادتك لها دور كبير في خلاصك وتجديد حياتك. قد ترغب في أن تخلص؛ قد تريد ذلك وتستحسن العيش للمسيح؛ قد تميل إلى العيش وفق الإنجيل، لكنك لن تنال شيئاً لم تطلبه بإرادتك. العاطفة لا تكفي، ينبغي على الإرادة أن تعمل. وهذه الإرادة يجب أن تعمل بشكل حرّ وتختار ما تشاء بوعي، وإلاّ فلا يتجدّد الإنسان. وعمل الإرادة هو عمل قبول وتسليم. أنت بإرادتك تقبل أن يصبح المسيح مخلصك وملكك. وأنت بإرادتك تسلّم نفسك لعمل ما يريد الله. يقول المسيح: "من يعطش فليأتِ ومن يُرِدْ فليأخذ ماء حياة مجاناً" (رؤيا 17:22). كيف أقبل خلاص المسيح؟ أولاً وقبل كل شيء، ليكن واضحاً أن المسيح الذي مات عنك، وقام، وصعد إلى السماء، هو موجود قريبا منك بالروح، وهو حاضر ليسمع صلاتك ويخلصك. والله أبونا السماوي ينظر إليك بعين الرحمة والحنان منتظراً ساعة رجوعك بالتوبة إليه. والآن، هل تعمل بهذه النصيحة. لقد عمل بها الملايين، وأنا كاتب هذه السطور واحد منهم، وأشجعك يا صديقي على أن تعمل مثلي ولن تندم أبداً. أرجو أن تعمل بهذه النصيحة الآن، وليس غداً. لا تؤجل، فالله يقول: "هوذا الآن يوم خلاص" (2 كو 2:6). وهذه النصيحة بكل بساطة هي: ادخل غرفتك منفرداً، واركع على ركبتيك أمام الله، وارفع من كل قلبك هذه الصلاة: "يا رب، ارحمني أنا عبدك الخاطئ. أَعترف لكَ بأنني أخطأت ضدّك، وأنا الآن أريد أن أرجع إليك. سامحني واغسلني من ذنوبي بدم المسيح. وساعدني من هذه اللحظة فصاعداً على أن أعيش لك وأخدمك. اقْبَل صلاتي هذه إكراماً للمسيح، آمين". بعد أن تصلّي هذه الصلاة، اشكر الله لأنه سمع صلاتك وأعطاك سؤل قلبك ورغبة نفسك. وثق بكل يقين، بأن المسيح عمل عمله المبارك فيك وجعلك إنساناً جديداً. لأن الكتاب المقدس يقول عن المسيح أنه: "يقدر أن يخلّص أيضاً إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله، إذ هو حيّ في كل حين ليشفع فيهم" (عبرانيين 25:7). والآن إن فعلت هذا، أقول لك من كل قلبي "مبروك"، وليحفظك المسيح، واسمع ما يقوله لك في سفر الرؤيا: "كن أميناً إلى الموت فسأعطيك إكليل الحياة" (رؤيا 10:2). امتيازات الإنسان الجديد في اللحظة التي يقبل فيها الإنسان المسيح مخلصاً شخصياً له تحدث عدة أمور: أولاً- غفران الخطايا إن الذي يقبل المسيح مخلصاً له ينال في الحال غفران الخطايا هبة من الله. ة"الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا" (أفسس 7:1). لا شك في أن السبب الوحيد الذي لأجله تُغفر لنا خطايانا هو لأن المسيح قد دفع عنا قصاص خطايانا كاملاً على الصليب. ويمتدّ غفران الله لنا إلى أبعد من ذلك. فالله لا يغفر لنا فحسب بل يبررنا أيضاً. وهذا معناه أن يصبح الإنسان غير مذنب في نظر الله. "متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح" (رومية 24:3). إن التبرير والغفران هديتان مجانيتان لا استحقاق للإنسان فيهما بل مقدمتان كلياً من الله. ثانياً- سكنى الروح القدس الإنسان الجديد يسكن فيه روح الله. "وأنا اطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد، روح الحق... الذي يمكث معكم ويكون فيكم" (يوحنا 16:14و17). إن سكنى الروح القدس هو لكي يرشدك إلى طريق التغلب على صعاب الحياة ومواجهتها كمؤمن بالمسيح. ثالثاً- الانتصار على الخطية يتمتع الإنسان الجديد بالنصرة على التجربة والخطية. لاحظ ما يكتبه الرسول: "عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صُلب معه ليُبطل جسد الخطية كي لا نعود نُستبعد أيضاً للخطية" (رومية 5:6-6). إن هذه القوة الجديدة للانتصار على التجارب والخطايا تأتي من الروح القدس الذي يسكن في قلب المؤمن الحقيقي. وهي ليست نتيجة جهادنا الشخصي ضد التجربة، بل هي حياة الله فينا. إنه يسكن في قلوبنا ليساعدنا على مقاومة الخطية. رابعاً- إن أخطأنا فلنا شفيع عندما يخطئ المؤمن التائب يشقى ويتألم حتى يعترف بخطيته للمسيح ليستعيد الشركة مع الله. هذا هو الفرق بين المؤمن وغير المؤمن. غير المؤمن يجعل الخطية عادة يمارسها، أما المؤمن فلا يمارس الخطية، أي لا يفعلها باستمرار. المؤمن يكره الخطية من كل قلبه، ويرغب في العيش وفق مشيئة الله. "يا أولادي اكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا، وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار" (1يوحنا 1:2-3). |
|