كم هو رائع موقف داود حينما أخطأ وأمر بأن يُحصي الشعب، فأرسل الرب له جاد النبي قائلاً له: «اختر لنفسك واحدًا .. إما ثلاث سنين جوع، أو ثلاثة أشهر هلاك أمام مضايقيك وسيف أعدائك يُدركك، أو ثلاثة أيام يكون فيها سيف الرب ووبأ في الأرض«، وهنا يبرز حس داود وتمييزه الروحي، إذ أدرك أن مراحم الأشرار قاسية (أم12: 10)، لذلك نسمعه يقول: «دعني أسقط في يد الرب لأن مراحمه كثيرة ولا أسقط في يد إنسان» (1أخ21: 9-13). لقد أيقن داود ما فاه به الحكيم: «أمينة هي جروح المحب، وغاشة هي قبلات العدو» (أم27 : 6). واختبر ما قاله أليفاز: «لأنه هو يجرح ويعصب يسحق، ويداه تشفيان» (أي5 : 18).
نعم ليس لنا في عالم الشر والخداع، عالم الإثم والفجور، سوى أن نستأمن أنفسنا بين يدي إلهنا الأمين، وحسنًا فعل الرسول بولس وهو يستودع أخوته في أفسس، مُدركًا هول الصعوبات التي ستلحق بهم، فبعد أن يُؤكد لهم أنه سيدخل بينهم ذئاب خاطفة لا تُشفق على الرعية، وبعد أن يحثهم على أن يسهروا، يقول لهم أخيرًا «والآن أستودعكم يا إخوتي لله، ولكلمة نعمته، القادرة أن تبنيكم وتعطيكم ميراثًا مع جميع المقدسين» (أع 20 : 32)