الإلحاد المعاصر
التقت طالبة بكلية الصيدلة جامعة الإسكندرية بطالبة بكلية الصيدلة بألمانيا الغربية، وكانت الأولى تتحدث مع الثانية عن الله كمحب للبشر، يرافق إنسان ويصادقه، يسكن في أعماقه ويشاركه مشاعره...
كانت الألمانية تسخر من القبطية كفتاة متدينة، تنظر إليها كإنسانة غير متقدمة لا زالت تصدق في وجود الله والعبادة له الخ...
عادت القبطية إلى مصر لتتسلم خطابًا من زميلتها تقول لها فيه: "إنكِ سعيدة الحظ بالله الذي لك تتكئين عليه، فأنني كنت أسخر منك، لكن في أعماقي أشر إنني في عزلة...".
الآن، لماذا يهرب بعض الشباب من الله؟ ولماذا يرتمي البعض في أحضان الله ينفرون منه أو يطلبون اعتزاله، إن لم ينكروا وجوده ويقاوموه.
أذكر إنسانًا ألتقي بآخر من Quebec بكندا، وإذ كان الأخير يمجد وجود الله، سأله الأول: "ماذا تفعل لو أنك فوجئت بالسيد المسيح قادمًا وألتقي بك؟". أجابه: "أقول له: لا أريد أن لأراك". لا تعجب يا عزيزي من هذه الإجابة، فهي ثمرة طبيعية لما ترسخ في ذهنه عن الله، أنه مقتحم الحياة الإنسانية لكبت حريتها، متجاهلًا واقعها البشرى.
هذه الصورة بعيدة تمامًا عن الواقع المسيحي. مسيحنا الذي عرفناه هو كلمة الله السماوي الذي نزل إلى أرضنا، وعاش بيننا كواحد منا، يشاركنا ذات طبيعتنا (يو14:1). شارك الأطفال في طفولتهم، وصار شابًا ليجد الشباب فيه الصداقة والحب على مستوى فريد. أختار من بينهم تلاميذه الأخصاء، فكان التلميذ الذي يحبه (يو20:21) أي القديس يوحنا الحبيب، في حوالي الخامسة والعشرين حين دُعي للتلمذة.
"أذكر خالقك في أيام شبابك" (جا1:12). هذه ليست مجرد وصية إلهية خلالها يسأل الله الشباب أن يرجعوا إليه كخالق حتى لا ينحرفوا، إنما بالأكثر هي دعوة حب يخص بها كل شاب أو شابة، فيها يعلن الله رغبته وإشتياقاته نحو الشباب، ليلتقي بهم في دائرة حب لا ينقطع، يدعوهم ليسكب حبه فيهم ويتقبل حبهم،يجدون في الله "الحب" (1يو8:4) الذي يشبع أعماقهم. هو وحده يخترق حياتهم إلى أعماقها، ويدرك أسرار قلوبهم، يبسط يديه لا ليدينهم أو ينتقدهم بل ليحتضنهم ويرويهم، قائلًا: "إن عطش أحد فليقبل إلىّ ويشرب، من آمن بي كما قال الكتاب تجرى من بطنه أنهار ماء حيّ" (يو37:7،38).