رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فلسطين حماس الإخوان.. لا وقت للمقاومة
نقلا عن مبتدا بإراداتها الملونة قطريًا وتركيًا وإيرانيًا فى الوقت ذاته، اختارت حركة "حماس"، الجناح المسلح للإخوان فى غزة، الانسحاب من المشهد الفلسطينى الواسع، والإصرار على التقوقع داخل القطاع، الذى خطفته بقوة السلاح منذ العام 2007، فيما لا تتردد فى سحقه تحت القصف الإسرائيلى الوحشى، من حين لآخر، عبر إدارتها مغامرات عسكرية غير محسوبة مع الدولة العبرية، لصالح أجندات إقليمية، لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالمقاومة، بقدر ما ترتبط بما يمكن أن نطلق عليه "المكايدة بالوكالة". الحركة تتولى منذ إسقاط إخوان مصر تنفيذ أجندة قطرية تركية لضرب استقرار القاهرة حماس تتحرك بعيدًا عن أبو مازن للتواصل مع تل أبيب مباشرة بحثًا عن الرضا الأمريكى الحركة طبعت علاقتها مجددًا مع طهران.. وتتنصل من المصالحة مع فتح لاستمرار سيطرتها على غزة بعد 30 يونيو 2013، وزوال حكم الإخوان فى مصر، لم يكن خافيًا على أحد أن "حماس" قررت الانحياز للفصيل المتمسح فى إشارة رابعة، من أجل ضرب القاهرة بالعنف، وهدر الاقتصاد وتشويه السمعة الدولية. رائحة عناصر "عز الدين القسام"، واجهة "حماس" المسلحة، فى عدد من الجرائم الإرهابية بسيناء على وجه التحديد، سواء بالمشاركة أو الدعم، أو حتى توفير التدريب للمنفذين، وخاصة من شباب الإخوان، أزكمت الأنوف، ناهيك عن أن التحرش العلنى غير المبرر بتل أبيب، وإشعال القطاع بحرب غير متكافئة معها، انتهت باستشهاد أكثر من ألفين، فضلًا عن جرح الآلاف، وانهيار البنية التحتية لغزة، لم يكن فى أساسه رغبة فى التنصل من جانب الحركة من اتفاق المصالحة مع حركة فتح، وقيادة السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس أبو مازن فى رام الله، فقط، الأمر اشتمل كذلك على رغبة محمومة فى توتير الأجواء بجوار مصر، بعد حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى، ومن ثم إحراجه إقليميًا وأمام شعوب المنطقة، على خلفية أنه لن يفتح الحدود مع القطاع، لنصرته ضد العدوان. "حماس" فعلت كل ما فى وسعها ـ إعلاميًا بالأساس ـ من أجل تشويه القاهرة أثناء الاعتداءات الإسرائيلية على القطاع، تارة برفض الوساطة المصرية لإنهاء الأزمة، لصالح الموافقة على تدخل قطرى تركى فى هذ الأمر، وأخرى، بالزعم أن الإدارة المصرية تلجم المقاومة بالإصرار على عدم فتح معبر رفح للحمساويين، وتارة ثالثة بتصعيد العناد من جانب قادة المكتب السياسى للحركة، بالتواجد فى قطر، والتمنع فى القدوم إلى مصر لحل المشكلة. ورغم أن الإدارة المصرية قادت تحركات دولية وإقليمية مكثفة، تمكنت من خلالها فى الأخير من إجبار الجميع على الاستماع لكلمتها لإنهاء العدوان الإسرائيلى، إلا أن الحقيقة العريضة كانت أن "حماس" عادت للعب دور "صبى البلطجى" لقطر وتركيا، على الحدود الشرقية لمصر، فضلًا عن دور المفتت للقضية الفلسطينية، بالإصرار على صراع القيادة والنفوذ مع أبومازن. لعل ذلك يفسر سر التحركات العنيف، الذى قادته الحركة وعناصرها فيما بعد، لتشويه سمعة قادة "فتح"، بل والتحرش بهم، بالاعتداء على بعض ممتلكاتهم فى رام الله، قبل أن يتهم أبومازن "حماس" صراحة بالتخطيط لاغتياله، بالتعاون مع محمد دحلان، وهو الأمر الذى لم تنفه حماس بالأدلة، وإنما ركزت فقط على تشويه الرجل، والقول إنه يستقى معلوماته من تل أبيب، فى حين تدخل أمير قطر، تميم آل ثان شخصيًا لـ"تسكير الموضوع"، حماية لحماس. وعلى ذكر تل أبيب، ففى الوقت الذى لا تتردد "حماس" فى اتهام أبومازن بالضعف والتواطؤ مع إسرائيل، لم تطلق رصاصة واحدة ـ باستثناء أيام العدوان ـ على الأخيرة، منذ فرض سيطرتها على غزة، فإن أنباء تتصاعد بقوة عن عدم ممانعة الحركة فى الجلوس مباشرة مع الكيان الصهيونى، بغرض التباحث بشأن القضية الفلسطينية، ومن ثم نيل الرضاء الأمريكى، وذلك بعيدًا عن أبومازن، وكذلك عن مصر. بالأمس، كانت "حماس" تدين بالولاء والسمع والطاعة للنظام السورى، وحينما بدا بشار الأسد أحد أهداف وأعداء جماعتها الأم "إخوان مصر"، بالتوافق مع الغرب والأمريكان، أعلنت الحركة الخروج عليه، ومن ثم نالت المكافئة السخية، فى قطر، وهى الآن تسير فى فلكها، وحسب نهج حليفتها تركيا، فى حين تحولت أهدافها من مقاومة المحتل، لتصبح شوكة فى ظهر مصر. ولم يفت الحركة كذلك أن تضع نفسها فى مزاد لتقديم الخدمات لمن يدفع أكثر، وعليه فإن الجناح الموالى لطهران فيها، بقيادة محمود الزهار، انتصر فى النهاية، وتمت مصالحة ما مع نظام الملالى مؤخرًا، بل وتوجه وفد حمساوى رفيع المستوى إلى إيران، لتقديم فروض الولاء والاعتذار عن التباعد، قبل الإعلان رسميًا على لسان، نائب رئيس المكتب السياسى للحركة، موسى أبومرزوق، وهو بالمناسبة يقيم فى القاهرة، أن المياه عادت إلى مجاريها مع دولة الفقيه. على هذا النحو، تصر "حماس" على الانسحاب من المشهد الفلسطينى الواسع، ومن ثم اختزال دورها فى ما يفيد "إخوان مصر"، ومن حالفها فقط، ولا عزاء للمقاومة وتحرير الأرض. |
|