|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أحب الرب إلهك لتطرد من قلبك محبة الخطية " المحبـة لا تسـقط أبداً " (1كو8:13) إن أحببت الله من كل قلبك، تستطيع بسهولة أن تطرد محبة الخطية من قلبك، لأنَّ من يُحب الله لا يجد في الخطية لذة علي الإطلاق، بل ينفر منها، لأنَّها خاطئة ولا توافق طبعه.. ويجب أن تعلم أن الله خلق الإنسان وهو يحمل في داخله غريزة الحب، فإن لم يُحِب الله سيحب الشيطان، وإن لم يُحِب القداسة سيحب حياة النجاسة.. فإن كنت تريد أن تتخلص من شهوة خطية تملكت عليك فلابد أن تستبدلها بشهوة أُخري أقوي وأفضل منها، ولا أظن أنَّ هناك أحلي من شهوة الحُب الإلهي.. ولهذا يقول ابن العبريّ: " من أحب أمر أبغض ما هو ضده، ولا يرغب التفكير في هذا المضاد ". أمَّا مار إسحق السريانيّ فيقول: " الشهوة إذا تسلّطت علي النفس واستعبدتها، تُخرجها من حريتها وتجذبها لتكميل ما تأمرها به، ولا تنقلع من النفس إلاَّ بمحبة شهوة أُخري تُضادها، لأنَّ الشهوة بشهوة تبطل أيضاً، ومحبة بمحبة، وعادة بعادة تتغير.. " ولا توهم نفسك بأنك تستطيع أن تجمع بين هاتين الشهوتين في وقت واحد، لأنَّ محبة الله لا تتفق مع محبة الشيطان " لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَ الإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ وَأَيُّ اتِّفَاقٍ لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟ وَأَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟ وَأَيَّةُ مُوَافَقَةٍ لِهَيْكَلِ اللهِ مَعَ الأَوْثَانِ؟ " (2كو6: 14-16). وإذا سألت كيف أُحِب الله؟ لقلت لك: إنَّ التفكير الكثير في الله، يلد محبته في قلبك، كما أنَّ محبته إذا تولدت في قلبك، تجعلك تفكر فيه بالأكثر، وكل من الأمرين يوصل إلي الآخر ويقويه. ولو أكثرت التفكير في صفات الله أو أعماله أو معاملاته للناس، أو من جهة وصاياه وكلامه.. ستنشغل بالله كثيراً، ومشغوليتك به ستجعلك تفكر فيه بالأكثر، وتفكيرك فيه سيزيد محبتك وهكذا تدور الدائرة. كما أنَّ تفكيرك في الله سيقدس فكرك، ويلد في قلبك مشاعر روحانية سامية، وفي ذلك تستحي أن تفكر في أيّ شيء خاطيء أو شرير، ويكون صعب عليك أن تخلط أفكارك المقدسة بأيّ فكر نجس أو حتي عالمي. ويوصلك التفكير في الله إلي نقاوة القلب، فتتعود الصلاة الدائمة، وتشعر بأنك في حضرة الله باستمرار، وفي هذا الحضور الإلهيّ لا يجرؤ الشيطان أن يقترب إليك.. وبالتالي من الصعب عليه أن يُسقطك في الخطية.. يقول القديس يوحنا الحبيب: " هَذِهِ هِيَ مَحَبَّةُ اللهِ: أَنْ نَحْفَظَ وَصَايَاهُ. وَوَصَايَاهُ لَيْسَتْ ثَقِيلَةً " (1يو 3:5)، وبهذا أعلمنا أن حفظ الوصايا الإلهية يُوّلّد في القلب محبة الله. فالذي يحفظ وصايا الرب يقترب منه، ومن يقترب من الله يقترب من أخيه، ومن يقترب من أخيه من الصعب أن يُخطيء إليه.. وإليك هذا التشبيه: تصور دائرة تخرج من مركزها خطوط، فبقدر ما تبتعد الخطوط عن المركز بقدر ما تفترق عن بعضها البعض، وبالعكس كلّما اقتربت من المركز تقاربت نحو بعضها البعض.. افترض أنَّ هذه الدائرة هي العالم، ومركزها الله، والخطوط هي حياة البشر، فإذا اقترب الناس من المركز عن طريق حفظ الوصايا، اقتربوا نحو بعضهم، وإذا ابتعدوا عن المركز (الله) متجهين نحو الأمور الخارجية، ابتعدوا عن بعض، وهذا يجعلهم يرتكبون الشر بعضهم نحو بعض. فإذا أحببت الله وأشرق عليك الحبيب بشعاع من حُبّه، فكما يقول الشيخ الروحانيّ: لن تحتمل السكني بين الناس، بل ستلقِ عنك كل حُب جسداني، وتتغرّب عن كل شيء في طلب المحبوب، ستنفض كل لذة جسمية وتنبذ كل تمتّع بشريّ ستترك الأب والأم والأخ والصديق.. وتسعي وراء الغنيّ بحُبّه لأنّك ستدرك أن في قلبه حب كثير لك. |
|