المسيح يُشَبِّه نفسه بالكرمة
ويوصى تلاميذه بالمحبة وعدم الانزعاج من مقاومة العالم له ولهم
مَثَل الكرمة (ع 1-8):
1 «أَنَا الْكَرْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي الْكَرَّامُ. 2 كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لاَ يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ، وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ. 3 أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ. 4 اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ، كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ. 5 أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا. 6 إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجًا كَالْغُصْنِ، فَيَجِفُّ وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي النَّارِ، فَيَحْتَرِقُ. 7 إِنْ ثَبَتُّمْ فِيَّ وَثَبَتَ كَلاَمِي فِيكُمْ تَطْلُبُونَ مَا تُرِيدُونَ فَيَكُونُ لَكُمْ. 8 بِهذَا يَتَمَجَّدُ أَبِي: أَنْ تَأْتُوا بِثَمَرٍ كَثِيرٍ فَتَكُونُونَ تَلاَمِيذِي.
مقدمة:
كان الحديث في الأصحاح السابق تشجيعى، الغرض منه تثبيت المسيح لإيمان تلاميذه خلال الفترة الصعبة القادمة. وفي هذا الأصحاح، يستكمل المسيح حديثه بغرض التعليم والتوصية.
ع1-2: يشبّه المسيح نفسه بالكرمة التي تَحْمِلُنَا نحن أغصانها - أعضاء جسده - ويوضح أيضًا مسئولية الله الآب في رعاية أغصان هذه الكرمة. فكل إنسان في المسيح ليست له أعمال صالحة، هو غصن ميت ينزعه الآب. أما الإنسان الحي في المسيح‘ فالآب يتعهده ويهذبه وينقيه من الخطايا بالتعليم والاحتضان، وبالتوبيخ والتجارب في بعض الأحيان، حتى ينضج أكثر في ثمر فضائله، وينمو في القداسة.
ع3: الكلام هنا للتلاميذ باعتبارهم أغصانا جيدة، ويوضح المسيح سبب نقائهم، وهو سماعهم وقبولهم لكلامه.
† وهذا ينطبق علينا جميعا، فقراءة الكتاب المقدس، وسماع كلام الله والعمل به، تعطى للإنسان نقاءً وسلاما وفهما.
ع4-5: دور الله في رعاية الأغصان، لا يلغى دور الغصن (الإنسان) في خلاص نفسه، فالإنسان مطالب بالثمر، ولا وسيلة له في ذلك سوى الثبات في المسيح - الكرمة - فهل يعقل أن ينمو غصن قُطع من كرمة؟! فالمسيح هو جذور نمونا وتقدمنا، وبدونه لا نقدر أن نفعل شيئاٍ. والثبات الذي يتحدث عنه المسيح هنا يذكرنا بما سبق وقاله في (يو 6: 56): "من يأكل جسدي ويشرب دمى يثبت فىّ وأنا فيه". أي أن الثبات الحقيقي في المسيح، هو من خلال جسده ودمه.
ع6: أما من استهان بنعمة الله ولم يثبت فيها، فيكون مصيره -عقابه- عند استعلان دينونة الله العادلة، هو:
(1) النزع، أي لا نصيب له في المسيح.
(2) الجمع مع باقي الأشرار كجمع الحطب.
(3) الطرح في النار.
ع7-8: "إن ثبتم فيَّ": من خلال جسدي ودمي، وثبتت كل وصاياي في قلوبكم وظهرت في أعمالكم، فالعطية الخاصة لكم هي استجابتى الفورية لكل ما تُصَلُّونَ من أجله. وهذا أيضًا ما يؤكده يعقوب الرسول، عندما قال: "... طِلْبَةُ البار تقتدر كثيرًا في فعلها" (يع 5: 16). ونتيجة طبيعية للثبات في المسيح، واستجابة الله لطِلْبات أولاده، أن يزداد ثمر الأغصان في الخدمة، وخلاص نفوس البعيدين، فيعود المجد والتسبيح والمديح كله للآب. أما فخر الأغصان المثمرة، فهو فيما يطلقه عليها المسيح من لقب "تلاميذى".