إن كان الصليب قد فضح الشيطان وكسر شوكته وأفسد الموت الذي جلبه على الإنسان، وصار منطرحًا تحت قدمي المخلص، فقد دخل في مذلة أمام الإنسان الذي يملك بدونه. هذا المفهوم إنكشف في سقوط هامان عند قدمي أستير الجالسة على السرير كعادة الشرق قديمًا في الولائم... وإذ كان الملك قد خرج إلى جنة القصر ربما ليفكر ماذا يعمل، عاد ليجد هامان هكذا في مذلة يتوسل وهو متواقع على السرير فقال: "هل أيضًا يكبس الملكة معي في البيت؟!" [8]. إنه لم يشك في شيء إذ يعرف مرارة نفس هامان في تلك اللحظة، لكن كلماته هذه إنما جاءت لتعبر عن ثورته الداخلية... كانت مؤشرًا للواقفين عن غضب الملك ووضع نهاية لحياة هامان.
ما قاله الملك: "هل أيضًا يكبس الملكة معي في البيت؟!" إنما تعلن عن نظرة الله إلى هامان الحقيقي أي إبليس الذي يدخل إلى قلب المؤمن ليغتصب النفس من يد الله وحضنه، وكأنه بهامان الذي يود أن يسحب أستير من حضن الملك ويغتصبها! الله إله غيور، لا يطيق أن يدخل العدو إلى بيته، ويغتصب عروسه من بين يديه!