من رهبان دير الأنبا مقار ببرية شيهيت، جلس على كرسي الإسكندرية خلفًا للبابا ميخائيل الأول، وكان انتخابه بإجماع آراء الإكليروس والشعب. وعند الرسامة رغب في أن يحتفظ باسمه فأصبح الأنبا مينا الأول سنة 765 م. (474ش). ولما تسلم مقاليد الرئاسة الروحية العليا أخذ يعلم الشعب ويوضح له معنى الإيمان الأرثوذكسي، كما أخذ يبني الكنائس المتهدمة. وكان يعمل بفرح روحي انعكس على وجهه فكان الشعب يتعجب من النعمة البادية عليه، وقد استطاع الأنبا مينا الأول أن ينجز هذه الأعمال البناءة في سرعة وهدوء لأن التفاهم ساد العلاقات بين الأقباط ووالي البلاد إذ ذاك. راهب يطلب إقامته بطريركًا:
لكن عدو الخير لم يدع الأنبا مينا يستمتع بجهوده الروحية طويلًا، فجاءت التجربة هذه المرة من الداخل من أحد الرهبان اسمه بطرس، تودد إلى الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور ثم طلب منه العمل على إقامته بطريركًا على كرسي الإسكندرية، فكتب الخليفة إلى أبي العون والي مصر ليحقق رغبة الراهب. كان أبي العون يحترم البابا مينا إلا أنه اضطر لتنفيذ أوامر الخليفة فاعتقل البابا في دار الولاية، ثم عاد واعتقل الأساقفة لرفضهم تنفيذ طلب ذاك الراهب. واشتغل الأنبا مينا وأساقفته بطلاء المراكب سنة كاملة دون أن يبدو منهم أي ألم أو ضجر، وأخيرًا إذ ازداد بطرس في تشامخه مع الوالي نفسه أمر بحبسه، ثم أذن لساعته للأنبا مينا وأساقفته بأن يعودوا إلى كراسيهم مكرمين.قضى الأنبا مينا سنواته الأخيرة في افتقاد شعبه واستنهاضه للجهاد وفي تجديد الكنائس، خاصة أن الوالي صالح بن علي نهج منهج أبي العون في إنصافه للمسيحيين وفي حسن معاملته للشعب المصري عامة. ثم انتقل البابا إلى كنيسة الأبكار وكانت أيام باباويته ثماني سنين وعشرة أشهر.