رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أهداف زائفة ولكن الشيطان لا يعجبه هذا إنه يجول في الأرض يوزع أهدافًا. ويبذر ويزرع أغراضًا وآمالًا ورغبات وكل ذلك بغية أن يتوه الإنسان عن هدفه الروحي الوحيد الذي هو الالتصاق بالله، والاستعداد للأبدية. وبالأهداف العالمية التي يوزعها الشيطان: يتلظى أهل العالم في جحيم من الرغبات، لا يمكن أن تشبعهم إذ أن في داخل حنينًا إلى غير المحدود. وكل ما في العالم محدود... أول هدف يقدمه الشيطان هو بالذات... فتصير الذات صنمًا يعبده الإنسان وتصير ذاته هي محور ومركز كل تفكيره يريد أن يبنى هذه الذات، ويكبرها ويبنيها، ويجعلها موضع رضي الكل ومديحهم. وينشغل بذاته بحي يهمل كل شيء في سبيلها، حتى علاقته بالله. هكذا تصير الذات منافسًا لله... تدخل أولًا إلى جوار الله في القلب ثم تتدرج حتى تملك القلب كله، وتبقي وحدها فيه، فيتحول الإنسان إلى عبادة الذات ويظل كل يوم يفكر: ماذا أكون؟ ومتى أكون؟ وكيف أكون؟ وكيف أتطور إلى أكبر وأعظم...؟ ويا ليته بذاته اهتماما روحيًا... إذن لكان يبذل من أجل الله ومن أجل الآخرين، ويحيا من أجل الآخرين، ويحيا حياة المحبة التي تضحي، وتبذل نفسها فدية عن الآخرين. وحينئذ يجد ذاته، أعنى الوجود الحقيقي يجدها في القداسة وفي البر والكمال، في الله نفسه... إن بولس الرسول، من أجل الحياة مع الله قال " ولا نفسي ثمينة عندي" (أع20: 24). أما الذي يهتم بذاته بربطها بشهوات العالم فإنه بالتالي: يجعل شهوات العالم هدفًا له. وهكذا يضع أمامه بريق العالم الحاضر وأمجاده، وملاذه ولهوه، وأحلامه وأمانيه، وينشغل بكل هذا حتى ما يتفرغ لأبديته. ويبقى مخدرًا بشهوات الدنيا، ما يضيق منها إلا ساعات الموت، حينما يتركها كارهًا...! أما أنت، فلا يكن لك هذا الفكر ولا هذا الاتجاه، وإنما: كل هدف يبعدك عن الله وعن خلاص نفسك اعتبره خدعه من الشيطان وارفضه في حزم... وكذلك أرفض كل وسيلة تبعدك عن هدفك الروحي. ولا تسمح مطلقًا بأن تكون ذاتك منافسًا لله في قلبك، ولا تسمح بأن يصير العالم هدفًا. فإن الكتاب يقول إن " العالم يبيد وشهوته معه" (1يو2: 17). ويقول أيضًا إن محبة العالم عداوة لله (يع4: 4). إذن راجع منذ الآن كل أهدافك وكل وسائلك، في ضوء اهتمامك بأبديتك: وفي ضوء هدفك الروحي الذي هو محبة الله. إن كل هدف ضد ملكوت الله هو انحراف عن الخط الروحي. وكل شيء يصطدم بمحبة الله في قلبك، اتركه مهما تكن قيمته. كما قال القديس بطرس للرب " تركنا كل شيء وتبعناك" (متى19: 27). إن يوسف الصديق خسر حريته حينما بيع كعبد وخسر سمعته حينما ألفي في السجن، وخسر أبوية وأخوته ووطنه حينما عاش في بلد غريب... ولكن كان يكفيه وقتذاك، الله وحده. كان هو هدفه. الذي هدفه هو الله لا يتأذى إن خسر أي شيء عالمي. إبراهيم أبو الآباء كان الله هو هدفه لذلك سهل عليه أن يترك أهله وعشيرته ووطنه (تك12: 1) ويتغرب وهو لا يعلم إلى أين يذهب (عب11: 8) بل سهل عليه أن يأخذ أبنه ليقدمه محرقة للرب... وبولس الرسول سهل عليه أن يترك المركز السلطة والصلة بالقادة، إذ لم يكن شيء من هذا هو هدفه... واستطاع أن يقول " خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية، لكي أربح المسيح" (في3: 8). وهذا هو هدفه الذي من أجله خسر كل شيء، دون أن يحزن. ودانيال النبى: لم يأبه بالقصر الملكي، ولا بالوظائف، ولا بكل أطايب الملك، ولم يأبه حتى بحياته إذ ألقى في جب الأسود، إذ كان له هدف واحد تضائل أمامه كل شيء... إن الذي هدفه هو الله لا يجعل حتى الأمور الروحية هدفًا له! البعض قد يجعل الصلاة هدفًا له، فيصلى ليس من أجل محبته لله، وإنما لكي يكون رجل صلاة! ويتهم بالدراسة اللاهوتية كهدف، لا لكي يعرف الله فيثبت فيه، إنما لكي يصير من علماء اللاهوت، يعطية العلم شهرة ومكانه وعظمة! وهكذا، أيضًا، قد يتحول الصوم إلى هدف، ويتحول كل عمل روحي إلى هدف، يعمل الإنسان لكي يرضي عن نفسه، أو لكي يرضى الناس عنه!! بينما كل هذه وسائط وليست أهدافًا، فالهدف هو الله. الصلاة والصوم والمعرفة: وكذلك التأمل والقراءة، كل هذه هي مجرد وسائل توصلك إلى هدفك الوحيد الذي هو الله ومحبته. والارتباط به. فإن جعلتها هدفًا تكون قد قصدتها لذاتها... وقد تتقدم فيها، وتكون بعيدًا عن الله الذي قال " هذا الشعب يكرمني بشفتيه. أما قلبه فمبتعد عني بعيدًا" (متى15: 8). وقد تصبح الرهبنة والتكريس هدفًا! ولكن الرهبنة هي مجرد وسيلة توصل إلى الله. ولذلك عرفوها بأنها الانحلال من الكل للارتباط بالواحد فإن تحولت إلى هدف، تحولت الوحدة إلى هدف، والصمت إلى هدف فما أسهل أن تكسر وصايا الله من أجلها! فيتخاصم الراهب مع الدير من أجل حياة الوحدة. يعيش كمتوحد دون أن تكون له فضائل الوحدة، دون أن ينمو في محبة الله. وفي هذا قال مار اسحق " هناك من يجلس خمسين سنة في القلاية، وهو لا يعرف طريقة الجلوس في القلاية". والبعض قد يجعل الإصلاح هدفًا... وبسبب الإصلاح يثور ويتخاصم: ويدين الآخرين ويشهر بهم، ويفقد محبته للناس، ويفقد هدوءه وسلامة ويشتم ويسب، ويتحد ويصخب، ويتحول إلى قنبلة متفجرة تقذف شظاياه في كل مكان. وفي كل ذلك تبحث عن علاقته بالله، فلا تجدها. لقد أصبح إصلاحًا بدون الله وبدون محبة وصارت غيره بلا تدين! وهكذا أيضًا في الخدمة: كثيرون بدأوا بالخدمة.. وأنتهوا بأنفسهم! بدأوا بالسعي إلى مجد الله، وانتهوا بمجد أنفسهم! بدأوا الخدمة وهدفهم هو الله. ثم وضعوا الخدمة إلى جوار الله: وأحيانًا قبله. ثم تركزوا في الخدمة وصارت لهم هدفًا ونسوا الله. ثم بحثوا عن نجاح الخدمة. ثم صار نجاح الخدمة هو نجاحهم الشخصي. وانتهوا إلى الذات وإذ وصلوا إلى هذا، تحولت الخدمة إلى مجال للسيطرة والظهور، وأصبحت مجرد نشاط واستخدام للطاقة وربما أصبحت وسائلها بعيدة عن الله تمامًا، فيها الذكاء والحيلة والدهاء. وضاع الهدف الروحي الذي هو الله! أما أنت ففي كل عمل روحي، قل مع داود النبي: جعلت الرب أمامي في كل حين: وليكن الله هو هدفك الوحيد. أنت من أجله تخدم. وإذا تعارضت الخدمة مع الله، اتركها. لأنه ما أسهل على الشيطان أن يتيهك حتى في داخل الكنيسة. وتذكر إن الإبن الضال الكبير ابتعد عن محبة أبيه وهو في صميم الخدمة " يخدمه سنين هذا عددها" (لو15: 25 32). لذلك كله فإن الله يسألك أين أنا في وسط أهدافك؟ أجب عن هذا السؤال بصراحة كاملة: هل الله أحد أهدافك؟ أم هو الهدف الأول؟ أم الهدف الوحيد؟ أم أنه ليس هدفًا على الإطلاق؟ أم تضعه في آخر القائمة: قد تتذكره أحيانًا، وقد لا تتذكره! أم أن الله قد تحول في نظرك إلى مجرد وسيلة لتحقيق أهدافك! وإن لم يحققها لك: تغضب منه وتثور، وقد تقطع صلتك به. هل تحب الله كما أحبك؟ وهل قلبك كله له؟ أم هناك أهداف جانبية إلى جوار الله، تسعي أن تكون هي الأصل؟ هل تفكر في أبديتك وقبل أن تصل إلى أحضان القديسين، تصل إلى أحضان الله؟ حسبما يكون هدفك هكذا تكون حياتك وهكذا تكون وسائلك. فراجع نفسك... |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
البقاء دون رغبة حياه زائفة |
مزمور 11 - مشورة زائفة |
صَور زائفة للتوبة |
ملكوت الله و ممالك زائفة |
أهداف زائفة |