رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"أنت يا رب عَرَفْتَ. اذكرني وتعهدني وأنتقم لي من مضطهديَّ. بطول أناتك لا تأخذني. اِعْرِف احتمالي العار لأجلك. وُجد كلامك فأكلته، فكان كلامك لي للفرح ولبهجة قلبي. لأني دُعيتُ باسمك يا رب إله الجنود" [15-16]. موضوع تذكر الله ورعايته "اذكرني وتعهدني وأنتقملي من مضطهديّ" [15]. كثيرًا ما يشعر الإنسان بالعزلة، وإهمال الكل له، وعدم مشاركة أحد له، لكن يكفيه أن يجد الله نفسه يذكره ويتعهده ويدافع عنه ضد مضطهديه. يقصد بالمضطهدين هنا الأنبياء الكذبة الذين يدفعون الشعب إلى الهلاك. أما بالنسبة لنا فنرى في المضطهدين، ليس أبناء البشر، بل عدو الخير وأعماله الشريرة وحيله الخبيثة. في وسط آلامه ربما عانى إرميا إلى حين من الشعور بالعزلة، مع إحساسه أنه منسى من أحبائه، وموضع سخرية الأشرار. لكنه في يقين الإيمان يُشبع الله كل احتياجاته: يذكره ويتعهده وينتقم له. الله الذي عرفه وهو في البطن وذكره وتعهده وقدسه للعمل كنبي بين الشعوب يبقى يذكره ويتعهده وينتقم له حتى في أحلك اللحظات، ليس انتقامًا من أعداء شخصيين بل من مقاومي الحق الإلهي. في الأصحاح العشرين نرى فشحور الكاهن يضرب إرميا ويضعه في المقطرة، ولكن مسكين فشحور الذي صار اسمه "مَجُورَ مِسَّابِيبَ" (إر 20: 3) أي المخيف لنفسه ولمحبيه! ما فعله لم يُرعب إرميا بل ارتد على نفسه وعلى محبيه المساعدين له في مقاومته لكلمة الرب. ما نريد تأكيده أن الله يتذكرنا ويتعهدنا ويعمل بنا إن كنا به لا نرتعب ولا نخاف، لأنه هو عامل بمؤمنيه المتكئين عليه وسط تيارات العالم. التذكار هنا لا يعني مجرد تذكار لأحداث ماضية، إنما هو استرداد للأحداث الماضية بطريقة عملية معاصرة. وكأن إرميا يطلب من الله أن يذكر من الماضي ما يعرفه عن إرميا ليعمل في حياته الحاضرة ويُنجح رسالته. والتعهد هنا يعني "الافتقاد"، وهو افتقاد إلهي لا ليدين بل ليخلص خدامه العاملين حسب مسرته. |
|