رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وَفَوْقَ الظَّهِيرَةِ يَقُومُ حَظُّكَ. الظَّلاَمُ يَتَحَوَّلُ صَبَاحًا [17]. إن كان أيوب قد شعر أن نوره قد انطفأ تمامًا، وصارت حياته أشبه بالظلام الدامس، ففي رأي صوفر أن الله يشرق بنوره عليه عند توبته ليجعل من حياته نورًا أعظم من نور الشمس عند الظهيرة، ويحول ظلام الليل إلى نور الصباح المبهج. * "إشراق الظهيرة عند المساء" هو تجديد الفضيلة في وقت التجربة... مكتوب: من يخاف الرب تكون نهايته حسنة" (ابن سيراخ 1: 13)... كلما واجه بالأكثر صلبانًا خارجية، يتلألأ بالأكثر بنور فضائله في داخله، كما يشهد بولس القائل: "وإن كان إنساننا الخارجي يفنى، فالداخل يتجدد يومًا فيومًا. لأن خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبديًا" (2 كو 4: 16). البابا غريغوريوس (الكبير) أيها البهاء الذي لا يراه بهاء آخر! أنت هو النور الذي تختفي أمامك كل الأنوار المخلوقة! أنت البهاء الذي ينطفئ قدّامه كل بهاء خارجي! أنت هو "النور" مصدر كل الأنوار، و"البهاء" ينبوع كل بهاء! أنت هو النور والبهاء، أمامك تصير كل الأنوار ظلمات، وكل ضياء بالنسبة لك ليس إلاَّ ظلامًا! أنت هو البهاء الذي بك تصير الظلمة نورًا، وبك يتلألأ الظلام لمعانًا! أنت هو النور الأسمى، لا تحجبك سحابة ما، ولا يعوقك بخار، يعجز الليل عن أن يسدل بظلامه عليك، لا يعوقك حاجز ولا تُغرٍقك ظلال! أخيرا، أنت النور الذي ينير الخليقة الداخليّة على الدوام، ابْتَلِعْني في هوّة جلالك، حتى أعاين كل أعماقك، بقوّة بهاء لاهوتك ذاته، وعمل البهاء المنعكس عليَّ منك! لا تتركني قط، لئلاَّ يتزايد جهلي وتكثر شروري، فبدونك أصير فارغًا وبائسًا! بدونك لا يكون لأحد صلاح، إذ أنت هو الحق والصلاح الحقيقي وحده! هذا ما اَعترف به؛ وهذا هو ما أعرفه، يا الله إلهي، أنَّه حيثما وُجٍدْتُ بدونك لا يكون لي غير الشقاء - في الداخل كما في الخارج - لأن كل غني غير إلهي إنّما هو بالنسبة لي فقر مدقع! القديس أغسطينوس |
|