رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القمص تادرس يعقوب ملطي
صعود جسد القديسة مريم نياحتها ماتت القديسة مريم، كابنة آدم، خاضعة لنتائج خطيته، وكما يقول القديس أغسطينوس: [جاءت مريم عن آدم، وماتت بسبب الخطية (الجدية). مات آدم أيضًا بسبب الخطية، ومات المسيح المأخوذ عن مريم ليُحَطِّم الخطية[205].] جاء في مقال للبابا ثيؤدوسيوس الإسكندري (حوالي عام 567 م.) بالقبطية البحيرية عن "نياحة مريم"، أنها واجهت حزن الرسل على موتها بالسؤال التالي[206]: "أليس مكتوب أن كل جسد يلزم أن يذوق الموت؟ هكذا يليق بي أن أعود إلى الأرض ككل سكان الأرض![207]" كما يُقَدِّم النص السابق تعليلًا آخر لموتها ألا وهو تأكيد حقيقة التجسد، فقد أورد حديثًا للسيد المسيح مع أمه، يقول فيه: [كنت أود ألاَّ تذوقي الموت، بل تعبرين إلى السماوات مثل أخنوخ وإيليا، لكن حتى هذين يلزمهما أن يذوقا الموت. فلو حققت هذا معكِ لظن الأشرار أنك مُجَرَّد قوة (بلا جسدٍ حقيقيٍ) نزلت من السماء، وأن ما تحقق من تدبير (التجسد) لم يكن إلاَّ مظهرًا..] قصة نياحة السيدة العذراء مريم عاشت القديسة مريم بعد موت ابنها على الصليب في بيت القديس يوحنا الحبيب، وذلك كوصية ابنها، تشهد للحياة الجديدة التي في المسيح يسوع، تسند التلاميذ والرسل بحُبّها وصلواتها. ولما بلغت حوالي الستين من عمرها، في 20 طوبة، اجتمع التلاميذ وعذارى جبل الزيتون معًا[208]، حيث ظهر لهم ربنا يسوع المسيح وأعطاهم السلام[209]، وأخبرهم أنه يعود إليهم في اليوم التالي ليأخذ نفس أمه إليه. بالفعل في اليوم التالي، أي 21 طوبة، عاد الرب محمولًا على مركبة شاروبيمية، يحوط به الآلاف من الملائكة ومعهم صاحب المزامير العذب داود. بكى المجتمعون، وبكت القديسة مريم ومعها العذارى، لكن الربّ عزّاهم. لقد قبَّل أمه العذراء، وباركهم وأمر القديس بطرس أن يتطلَّع على المذبح ليجد ثيابًا سماوية، أرسلها الآب لتكفين القديسة.[210] للحال اتجهت العذراء نحو الشرق، وصلَّت بلغة سماوية، ثم رقدت متجهة نحو الشرق[211]. وقفت العذارى حول القديسة يرتلن، كما جلس السيد المسيح بجوارها، وتهلل داود المرتل، قائلًا: "كريم في عيني الرب موت قديسيه". وفي وقت الساعة التاسعة[212] تقبَّل الرب نفسها، ثم كفن جسدها في الثياب السماوية. لقد أمر الرسل أن يحملوا الجسد، فحمل القديس بطرس رأسها، والقديس يوحنا قدميها، متجهين نحو القبر الجديد في حقل يهوشافاط بالجسمانية.. في حقل يهوشافاط يقول النص القبطي[213]: "عندما جئنا إلى حقل يهوشافاط سمع اليهود صوت الترنُّم فجاءوا ليحرقوا الجسد، مما اضطر التلاميذ أن ينزلوا النعش ويهربوا[214]. لكن سرعان ما خيم الظلام حول اليهود وأصابهم عمى، فلسعتهم النيران التي جاءوا بها. عندئذ صرخ الجميع يطلبون الرحمة، وبالفعل شفوا وآمن كثيرون منهم". رأوبين والنعش يروي لنا السنكسار أن رجلًا يهوديًا يُدعَى رأوبين[215] حاول أن يهين النعش، لكن يديه انفصلتا والتصقتا بالنعش. بدأ يبكي، سائلًا التلاميذ أن يصلوا عنه، لكي يخلص ويصير مسيحيًا. عندئذ ركعوا وصلوا، فشفيت يداه، وتعمد للحال، وصار يبشر. صعود جسدها[216] عيد العذراء عند الأقباط (في 16 مسرى) هو احتفال بذكرى صعود جسدها إلى السماء، إذ سبَقَتنا وجلست عن يمين عريسها وابنها. هذا العيد يحمل شهادة قوية لحقيقة إيماننا الإسخاطولوجي، أي إيماننا بالحياة العتيدة. * لم يتحلَّل جسدها إلى تراب ولا فسد، اتفاقًا مع ما كُتِب عنها "أنت جميلة" (نش2: 13). وبسبب كمال قداسة جسدها البتولي وطهارتها مع كونها مسكنًا لله بالتمام.. الإناء الذي تقبَّل الله، هيكل الابن الوحيد، لا يمكن للموت أن يمسك به على الدوام[217].. الأب جرمانيوس أسقف القسطنطينية * اليوم تُحضر الأرواح السماوية (جسد العذراء) مسكن الروح القدس إلى السماء، وتدخل به في أورشليم السماوية. * اليوم تَحمل الأرواح السماوية الجسد المقدس للعذراء الثيؤطوكوس، وتدخل به إلى السماء ليكون بين الملائكة، يتمتَّع بالنعم غير المنطوق بها.. * إذ عشتِ في هذا الجسد حياة كلها قداسة، لذلك احضري إلى ملكوت ابنكِ ربنا حسب الإرادة الإلهية، اشفعي فينا.. لحن ليتورجي أرمنِّي في عيد صعود القديسة * إني أُحيي صعود الجسد، الأمر الذي لن يقدر قلب بشري أن يدركه.. * جسدكِ يشبه اللؤلؤة يا مريم، والموت نفسه خجل مندهشًا إذ رآكِ تصعدين إلى السماء ببهاء خلال السحاب.. * يا مريم، يا حمامة أفراتا، احميني تحت جناحيك في يوم الدين، حين ترد الأرض أولئك الذين احتفظَت بهم! عيد صعود العذراء للأثيوبيين قصة صعود جسدها[218] لم يسمح الرب للجسد الذي حل ّفيه، وأخذ منه ناسوته أن يصير فريسة للفساد والانحلال، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فإن القديسة مريم كإنسانة مات جسدها، لكنه صعد أيضًا إلى السماء. وكما يظهر من "قصة صعود الجسد حسب رواية القديس يوسف الأريوباغي". كان الرسول توما غائبا في الهند عند نياحة العذراء، وعند عودته سأل عنها فأخبروه بكل ما حدث. تظاهر القديس توما أنه لن يؤمن إن لم يرَ الجسد بعينه في القبر، لكنه عند القبر أخبرهم أن الجسد ليس بداخله، وبالفعل إذ دحرجوا الحجر لم يجدوا الجسد، فلم يعرفوا ماذا يقولون. عندئذ أخبرهم القديس توما أنه رأى جسدها يرتفع إلى السماء، وقد أعطته القديسة مريم "طرحتها" وأراهم إيَّاها، ففرحوا وسألوا الرب أن يروا العذراء. وفي الشهر السابع بعد نياحتها[219] في الخامس عشر من شهر مسرى اجتمع التلاميذ معًا في القبر، وقضوا الليلة في السهر مرتلين[220]. وفي فجر السادس عشر من مسرى حدثت رعود عظيمة وظهرت جوقة من الملائكة، وجاء الرب يسوع محمولًا من الشاروبيم، ومعه السيدة العذراء جالسة في أحضانه، وأعطاهم السلام[221]. إلاَّ أن بعض الروايات تذكر أن جسد العذراء لم يصعد حتى السادس عشر من مسرى، حيث جاء الرب ومعه نفس أمه، وسأل الجسد أن يصحبهما، فأخذها معه على مركبة، تقدمهما الملائكة، وسُمع صوت يقول: "سلام لكم يا إخوتي". موكب الطغمات السماوية والقديسين عند نياحتها * جاء الموت لأم يسوع المسيح هذا ابن الله حتى ما تشرب من كأسه. أمر الرب طغمات العلويين والجيوش الملتهبة والسيرافيم النورانيين. نزل ربوات من الحراس أجواقًا أجواقًا بالثياب البيض، وبصوت مرتفع أنشدوا المزامير. جاء كل الأبرار من كل جيلٍ واجتمعوا معًا، حتى البطاركة الأوائل أيضًا. أصوات خورُس الأنبياء تُغَنِّي بالتسبيح، هذا مع ذاك، كأنبياءٍ للحق. الأحبار الأولون وكل أبناء لاوي بذبائحهم وتقدماتهم وتضحياتهم. وأيضا الاثنا عشر المختارون الرسل يقفون ويجهزون جسد الطوباوية للدفن. يوحنا كشاهدٍ للحق اقترب، وكفن الجسد الممجد الذي للطوباوية. رسولا العهدين المنتصران المختاران أؤتمنا على كنز الحقائق. نيقوديموس البار جهز جسد ابنها للدفن (يو 19: 39)، ويوحنا ابن الرعد المختار جهز جسدها. جاء الرعاة والرعية إلى قمة الجبل، والكهنة الأنقياء والشمامسة مع مباخرهم. أغلقت الرياح قبة السماء تقديرًا، وسبَّحت الأعالي والأعماق بالقيثارات. أشرق نور على هذا المكان الذي اجتمع فيه الرجال والحرَّاس لتحضير الكلية النقاوة للدفن. كما نزل الرب وجهز موسى خادمه للدفن (تث 32: 48-52)، هكذا أيضا مع كل هؤلاء نزل لدفن الوالدة التي بحسب الجسد. على قمة جبل بين السحاب المنير دُفِن موسى النبي بواسطة الله (تث 34: 6). ومريم نفسها، على جبل الجليل دُفِنَت بواسطة الحُرَّاس والملائكة أيضًا مع الرب. يوحنا التلميذ البتول اقترب منها، واحتضن الأم الطاهرة التي أُوكلت إليه من قبل مُخَلِّصنا. نزل الحرّاس بوقارٍ عظيمٍ لا يُوصَف[222]. القديس مار يعقوب السروجي |
|