كانت مريم في هذه الساعة في أشد الحاجة إلى شخص تشاركه بالأخبار السارة التي سمعتها، وتعلن عن فرحتها وبهجتها؛ فقامت في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلى مدينة يهوذا، إلى أليصابات. وصار بينهما حديث جميل، وسجَّل الروح القدس كلماتهما في لوقا1: 39-54. وتشجَّعت مريم بكلام أليصابات التي هتفت: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ»، مع أن أليصابات، بحسب الإمتيازات البشرية، أكرم من مريم، لأنها كانت عجوز وامرأة كاهن ومن نسل هارون، ومريم فتاة صغيرة فقيرة مخطوبة لنجار في الناصرة، ولكنها أعطت مريم الكرامة اللآئقة بها لأنها صارت أمًّا للمسيح، وحسبت حضورها إليها شرف عظيم. بل أكثر من ذلك أن يوحنا المعمدان وهو جنين في بطن أمه تحرك ساجدًا للمسيح. وقد ترنمت مريم بتسبيحة جميلة فيها تعظم الرب وتبتهج بالله مخلِّصها، فما كان يشغلها هو مجد الله وإتمام مواعيده.