رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
19 «كَانَ إِنْسَانٌ غَنِيٌّ وَكَانَ يَلْبَسُ الأَرْجُوانَ وَالْبَزَّ وَهُوَ يَتَنَعَّمُ كُلَّ يَوْمٍ مُتَرَفِّهاً. 20 وَكَانَ مِسْكِينٌ اسْمُهُ لِعَازَرُ، الَّذِي طُرِحَ عِنْدَ بَابِهِ مَضْرُوباً بِالْقُرُوحِ.....». إنجيل لوقا 16: 31 - 19 - إنسان مطروح اسمه لعازر : لعلها من المرات النادرة التي يذكر فيها الكتاب المقدس اسماً لإنسان، إن كان في مَثل أو في حادثة شفاء. الاسم في الكتاب المقدس أكثر بكثير من مجرد أداة نستعين بها للتمييز بين هذا وذاك. الاسم هو كاشف عميق لحقيقة صاحبه. لعازر باللغة العبرية تعني (الله يعين) أو (الله عوني). هذا الفقير كان بكّليته متوكلاً على الله، وكان الله مصدر عونه وقوته فاستحق هذا الاسم. - غني يلبس الأرجوان ويتنعّم تنعّماً : الغني في اللغة العبرية هو من استغنى عن الحاجة أو عن شيء آخر، ولعل هذا الشيء الآخر هنا في هذا المثل كان الله والقريب. خطيئة هذا الغني ليست بغناه بل في أنه أحب العالم وما في العالم كغاية في ذاته لا في شفافيته لله. لم يرَ أبعد من شهواته وملذاته. لم يرَ الله في حياته، فبات طبيعياً في عينيه أن لا تكون الحياة حياة شركة مع الله والآخرين. خطيئة هذا الغني أنه استسلم لأنانيته فأصبحت عادة تقتل فيه كل روح حس وتمييز. لقد أمست أنانيته قانوناً عنده، وهذا بتمامه الموت الروحي وقتل الفرادة الإنسانية. -بيننا وبينكم هوّة عظيمة : بين الغني ولعازر الفقير كانت هوة عظيمة لم يردمها الغني الجاهل بمحبته ومساعدته وعطاءه. هذه الهوة بقيت في الحياة الأبدية لكنها باتت بين لعازر الغني بمجد الله والغني المفتقر له. الهوة بين الأغنياء وفقراء هذا الدهر ستبقى ما دام عالمنا بعيداً عن الله، عالم لا يسعى وراء تنقية القلب والقداسة. - الفقر والغنى الحقيقي : الحقيقة التي يجب أن نعيها أننا كلنا فقراء بحسب القديس باسيليوس "الفقير ليس هو من لا يمتلك خيرات بل هو من اعتنق حالة الفقر الروحي". "الفقير هو الفقير لله".هكذا عندما نسمع طوبى للفقراء فإنهم سيشبعون ندرك للحال أن هذه الطوبى هي للمفتقرين لمجد الرب، المعوزين محبته وعطفه، الساعين إليه. هؤلاء سيشبعون من مجده في ملكوته لأن ملكوت الله ليس طعاماً وشراباً بل عالم الأنوار. كل سمات الإنسان العقلية والروحية وسواها التي تميزه عن سائر المخلوقات تتمحور حول المقدرة على مباركة الله أو ً لا، وعلى معرفة معنى الجوع والعطش الحقيقيين اللذين يشكلان العنصرين الأساسيين لحياته ثانياً. على معرفة أنه فقير وجائع لله فقط وليس إلى ملذات العالم التي هي كخرنوب الابن الشاطر حلوة المذاق لكنها لا تشبع بل تدخل مقتنيها في دائرة مفرغة. إذا أدرك الإنسان هذا يصرخ مع صاحب المزامير: "سأرتوي إذا رأيت مجدك". دعوتنا أمام فقرنا وجوعنا الروحيين هي الشبع من الخبز النازل من السماء. الارتواء من الماء المحيي. أن نذوق وننظر ما أطيب الرب. "إنسان غني... يتنعّم كلَّ يومٍ تنعّماً فاخراً... مات فدفن... فنادى قائلاً يا أبتِ إبراهيم ارحمني... لأني معذَّبٌ في هذا اللهيب". الموت يقلب الأوضاع، فذاك الذي كان محتقَراً على الأرض يتمتع الآن بأعظم الإكرام، وهذا الغني المتكبّر القاسي القلب الذي لم يعرف الشفقة يصرخ طالباً الرحمة! ونحن عموماً نشبه الأخوة الخمسة، نرى أمامنا كثيرين يموتون قبلنا ويرحلون عنا، لكننا نلبث بعيدين عن الصلاح وعن سماع كلمة الله وعن عيش الحياة الحلوة التي أرادها الله لنا... فماذا ننتظر؟! هل ننتظر حتى نجرّب الموت؟ لِمَ لا نعيش وِفقاً للكتب المقدسة وفيها كلُّ ما يُفيدنا! وهذا معنى "عندهم موسى والأنبياء" أي عندهم الكتاب المقدس. لا شيء يدوم يا أحباء بل كلُّ شيءٍ يتغيّر، ولأن كل شيء يزول ويتبدل فحريٌّ بنا ألا ننخدع بلمعان هذا العالم وما فيه من أمورٍ تخلب الأبصار، وليتذكر كلُّ واحدٍ منا موتَه وأنَّ الحياة فرصٌة لنا لا لنأكل ونشرب وندخّن وننغمس في الشهوات والسهرات والمراقص، بل هي فرصٌة لنذوق الحب الإلهي مصدر سعادتنا الحقيقية ولنصير ناقلين لهذا الحب إلى كل البشرية. ما أجمل وما أحلى أن نجعل من حياتنا صفحاتٍ بيضاء نسطر عليها كلَّ يوم أفعال المحبة لكل الناس بدون تفريق للجميع وبدون استثناء! للأهل والجيران والأقرباء، للأصدقاء ورفاق العمل ولأبناء الحي، للفقراء والمحتاجين، للمرضى، للمتعبين نفسياً، للمنغمسين في الأهواء، لنقدم لكل هؤلاء محبًة ترفعهم من بؤسهم ومعاناﺗﻬم وشقائهم، محبًة ترفعهم من هذه الأرض إلى الله. محبتنا قد تتجلى في كسرة خبزٍ نقدّمها لجائع، أو في كلمة منفعة وتعزية نكسرها لقلوبٍ جائعة، المهم أن نبتعد عن رذيلة القساوة واللاشعور وعدم الإحساس. البشرية اليوم في أمسّ الحاجة إلى هذه الإنسانية الرقيقة المخلِّصة، والعاملة وسط العالم بصمتٍ مقدّس، فلنقتحم هذا الميدان الرّحب ولنكن على شبه مسيحنا عوناً للفقراء والمهمَّشين والمتروكين. الله هو محبة مطلقة فلنكن نحن كذلك. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
في مثل الغني والعازر الرجل الغني طلب من إبراهيم أن يرسل لعازر ليبرد لسانه |
الوسادة تحمل رأس الغني والفقير |
الغنى والفقير |
شريط الغنى والفقير - مارى فارس |
الوسادة تحمل رأس الغني والفقير لكــِـن ..... |