رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إنّ سرّ الميلاد هو بكل تأكيد سرُّ فقرٍ وتجرّد: فالمسيح الغني قد افتقر حبّاً بنا، وصار شبيهاً بنا، وبأفقرنا. كلُّ شيءٍ في المغارة يلفّه الفقر والبساطة والتواضع، وهذا سهلٌ إدراكه، ولا سيّما الذين ينعمون بعيني الإيمان؛ إيمان الصغار الذين لهم ملكوت السماوات، كما قال يسوع: "فإن كانت عينك سليمة، كان جسدك كلُّه نيِّراً" (متى 6، 22). إنّ بساطة الإيمان هذه تنير لنا درب الحياة وتجعلنا نقبل بطواعية عظائم الله. الفقر والبساطة والفرح: كلمات لم تعد بنت عصرنا، لدرجة بِتنا معها نخشى التحدث عنها أو نخجل من ذكرها؛ فالفرح الحقيقي أضحى مستحيلاً بسبب كثرة الهموم والآلام والظلم، ولكن يبقى السؤال مطروحاً: كيف يمكننا أمام ذلك كلِّه اختبار معنى الفرح الحقيقي؟ وحتى البساطة، لم تكن أحسن حظاً من الفرح؛ فهناك الكثير من الأمور التي نرفضها لأنها صعبة ومعقّدة وعسيرة الفهم. كيف لنا أن ننعم بعطية البساطة في غمرة الحياة وتعقيداتها؟ أما الفقر، فيبقى الغول المُحارَب بضراوة ليُستأصل من على وجه الأرض. فلكي تؤمن، عليك أن تطلب الروح القدس من جهة، وأن تنتبه إلى بعض الإشارات من حولك من جهة أخرى. وكمثال على ذلك، لننظر إلى ما جرى بجانب قبر يسوع الفارغ. فمريم المجدلية كانت تبكي وتقول "أخذوا ربّي ولا أعلم أين وضعوه!". وبطرس الذي دخل إلى القبر ورأى اللفائف ممدودة والمنديل الذي كان حول رأس يسوع على شكل طوق، لم يفهم أيضاً!. أما التلميذ الذي أحبَّه يسوع، فقد "رأى وآمن"؛ لأنه كان معتمداً على قوة حدْسِه وبساطته. فلقد "رأى وآمن"، أي فهم الإشارات التي أكَّدت له أن الربّ قد قام حقاً، ولم يكن بحاجة إلى براهين لاهوتية معمّقة ولم يكتب صفحات كثيرة عن هذا الحدث. لقد اكتفى بمؤشرات قليلة كتلك التي في المذود. لكنها كانت كافية؛ لأن قلبه كان مستعداً تماماً لفهم سرِّ محبة الله اللامتناهية. في كثير من الأحيان نميلُ، نحن أيضاً، إلى طلب إشاراتٍ معقّدة، وقد يكون هذا صحيحاً ولكنه غير ضروري؛ إذ يكفي القليل لكي نؤمن. فلو كان قلبنا مستعداً ومنفتحاً على عمل الروح القدس السَّاكن فينا والذي يملؤنا فرحاً وسلاماً وراحةً وإيماناً، ولو كنَّا نتحلّى فعلاً بهذه البساطة والاستعداد لعمل النعمةِ في حياتنا، فسوف ندخلُ نحن أيضاً في عدادِ أولئك الذين أُعطيت لهم نعمة إعلان تلك الحقائق، التي تعطي الوجود معنىً، وتمكِّننا من أن نعاين ونلمس لمسَ اليد السرّ الذي كَشَفهُ الكَلمةُ بتجسُّده. وحينها سنكتشف أن الفرح الحقيقي مُمكن، حتى في هذا العالم، بالرُّغم من الصعوبات والآلام في كلّ يوم. |
29 - 07 - 2014, 02:19 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: سر ميلاد ربنا يسوع المسيح
موضوع جميل جداً شكراً رامز |
||||
|