رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هبات متبادلة بين سليمان وحيرام: 10 وَبَعْدَ نِهَايَةِ عِشْرِينَ سَنَةً بَعْدَمَا بَنَى سُلَيْمَانُ الْبَيْتَيْنِ، بَيْتَ الرَّبِّ وَبَيْتَ الْمَلِكِ. 11 وَكَانَ حِيرَامُ مَلِكُ صُورَ قَدْ سَاعَفَ سُلَيْمَانَ بِخَشَبِ أَرْزٍ وَخَشَبِ سَرْوٍ وَذَهَبٍ، حَسَبَ كُلِّ مَسَرَّتِهِ. أَعْطَى حِينَئِذٍ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ حِيرَامَ عِشْرِينَ مَدِينَةً فِي أَرْضِ الْجَلِيلِ. 12 فَخَرَجَ حِيرَامُ مِنْ صُورَ لِيَرَى الْمُدُنَ الَّتِي أَعْطَاهُ إِيَّاهَا سُلَيْمَانُ، فَلَمْ تَحْسُنْ فِي عَيْنَيْهِ. 13 فَقَالَ: «مَا هذِهِ الْمُدُنُ الَّتِي أَعْطَيْتَنِي يَا أَخِي؟» وَدَعَاهَا «أَرْضَ كَابُولَ» إِلَى هذَا الْيَوْمِ. 14 وَأَرْسَلَ حِيرَامُ لِلْمَلِكِ مِئَةً وَعِشْرِينَ وَزْنَةَ ذَهَبٍ. "وبعد نهاية عشرين سنة بعدما بني سليمان البيتين، بيت الرب وبيت الملك" [10]. أدرك داود ما اتَّسم ابنه سليمان من عبقريَّة وقدرة على البناء مع الإمكانيَّات العظيمة التي وضعها بين يديه لإتمام العمل. لذلك وجَّه أنظار ابنه إلى أن البناء لا يتم بالعبقريَّة ولا بالإمكانيَّات الماديَّة أو البشريَّة، وإنَّما "إن لم يبن الرب البيت فباطلًا يتعب البناءون" (مز 127: 1). وضع هذا المزمور لكي يوجِّه قلب ابنه إلى الله العامل في بناء بيته، فيحفظ قلبه بين يديّ الله ويعمل بروح القوَّة. لقد بدأ سليمان العمل ببناء بيت الرب مستندًا على ذراعه الإلهي، فرافقه الرب لا في بناء الهيكل فقط وإنَّما حتى في بناء قصره وملحقاته. إذ بدأ بما هو لله، سنده الله فيما هو له. جاء ترتيب إقامة المباني يكشف عن حكمة سليمان: أولًا: هيكل الرب، مقدِّمًا بكور أعماله الإنشائيَّة لحساب الله نفسه. ثانيًا: بيته أو قصره الملكي، حيث يشعر بشيء من الاستقرار في العمل الملكي أو الرعوي. ثالثًا: بيت ابنه فرعون أو جناح النساء، حيث الاستقرار العائلي. رابعًا: مدن المخازن لحفظ المنتجات والمحاصيل، وإسطبلات للخيل إلخ. خامسًا: أخيرًا بَنَى في لبنان لأجل مسرَّته فيما يحتاجه للصيد والرفاهيَّة. وكأن ترتيب إقامة المباني جاء بالترتيب التالي: سُكنى الله في وسط شعبه، استقرار العمل الملكي، الاستقرار الأسري، النفع الاقتصادي، المسرَّات. "وكان حيرام ملك صور قد ساعف سليمان بخشب أرز وخشب سرو وذهب حسب كل مسرَّته. أعطى حينئذ الملك سليمان حيرام عشرين مدينة في أرض الجليل" [11]. قرأنا في الأصحاح الخامس عن الاتفاقيَّة بين سليمان وحيرام. يكشف هذا الأصحاح عن تحقيق هذه الاتفاقيَّة في جو من الصداقة مع الحب والصراحة والعدالة. أ. نفَّذ حيرام من جانبه ما تعهَّد به من تقديم الخامات وتحقيق مطالب سليمان "حسب كل مسرَّته" [11]. ب. قدَّم سليمان لحيرام 20 مدينة، غالبًا من المدن الصغيرة، في أرض الجليل [11]. يبدو أن هذه المدن لم تكن في تبعيَّة أي سبط، جاءت حدود أشير فوق هذه المدن، (يش 19: 27)، بقيت في أيدي سكَّانها حتى جاء سليمان فاستولى عليها وسلَّمها لحيرام (2 صم 24: 7). تطلَّع إليها حيرام فلم يُسر بها. يبدو أن سليمان قدم هذه المدن لحيرام لا لتصير ملكًا له تُضم إلى مملكته دائمًا، وإنَّما لكي يستغلها كيفما يريد حتى يتم تسديد أجرة العمال. يرى يوسيفوس أن هذه المدن تقع في شمال غرب أرض الجليل. "فخرج حيرام من صور ليرى المدن التي أعطاه إيَّاه سليمان، فلم تحسن في عينيه، فقال: ما هذه المدن التي أعطيتني يا أخي؟ ودعاها أرض كابول إلى هذا اليوم" [12-13]. ويرى يوسيفوس المورِّخ اليهودي أنَّها دعيت كابول وهي كلمة فينيقيَّة تعني "غير مُسرَّة". فيما بعد أخذها سليمان من حيرام مقابل عطايا معينة، ربَّما قدَّم له محاصيل زراعيَّة أكثر. أصلح سليمان هذه المدن وجعلها مسكنًا للإسرائيليِّين. يتساءل البعض: لماذا لم يُسر حيرام بالعشرين مدينة؟ هل كانت المدن بلا قيمة قدَّمها سليمان لحيرام وهو يعلم أنَّها غير نافعة له؟ أم كان حيرام مستغلًا يريد نوال أكبر مكسب؟ يجيب بعض الدارسين بأنَّه لم تكن هذه المدن بلا قيمة، ولم يكن حيرام مستغلًا. فالمنطقة دون شك لها قيمتها كأراضِ زراعيَّة، أمَّا رجال حيرام فكانوا تجَّارًا لا خبرة لهم بالزراعة، ولا يريدون الدخول في هذا المجال. ما يُسر حيرام وشعبه هو أن يُفتح لهم مجال أوسع للعمل التجاري لا الزراعي. فالشعب الذي له أسطول بحري وعلاقات تجاريَّة دوليَّة يتعجب كيف يمكن للإنسان أن يُسر بالعمل الزراعي، كسكَّان كابول. ومن الجانب الآخر الذين يهتمُّون بالعمل الزراعي لا يجدون مسرَّتهم في التجارة البحرِّيَّة، حيث البحر العنيف والمشاكل التي تواجه البحَّارة! لقد وهب الله لكل إنسان كما لكل شعب ما يمكن أن يبهجه ويُسرُّه. إذ لم يُسر حيرام بالمدن لأنَّها لا تناسبه ربَّما قدَّم له الملك سليمان محاصيل أكثر، أو قام بتسديد أجرة العمال ذهبًا بعد الانتهاء من الأعمال الإنشائيَّة. واضح من يشوع (يش 19: 27) أنَّه وجدت منطقة في أيَّام يشوع تسمى كابول، وكانت جزءً من أرض الموعد على حدود سبط أشير. لذا يترجم البعض الكلمة بمعنى "حدود"، وقد جاءت في الترجمة السبعينيَّة بهذا المعنى horion. "وأرسل حيرام للملك مائة وعشرين وزنة ذهب" [14]. يبدو أن هذا المبلغ كان قرضًا استدانه سليمان الملك من حيرام لكي يتمِّم إنشاءاته الكثيرة بجوار بناء الهيكل. لقد ترك له والده الكثير لبناء الهيكل، وجمع سليمان الكثير سنويًا كجزية من الأمم الخاضعة له، لكن إنشاءاته كانت كثيرة وباهظة التكلفة. فقد بنى قصره وملحقاته كما أقام عددًا كبيرًا من المدن [17-19]. لقد أُرهق الشعب ماليًا: * من جهة قدَّموا عطايا لبناء الهيكل. * وأيضًا قدَّموا من غلاَّتهم للملك حيرام مقابل العمال المهرة الذين بعث بهم للعمل. * بناء قصر الملك وملحقاته. * بناء مخازن الملك والمدن الجديدة. * تسديد القرض الذي استدانه من حيرام. * تسديد بقيَّة أجرة العمال الفينيقيِّين لحيرام، إذ لم يُسر بالعشرين مدينة التي قدمها له سليمان، وهي على حدود فينيقيَّة. |
|