صفر كبير يهدد مستقبل طلاب مصر
حملة مكثفة شنها "صدى البلد" بالتزامن مع بدء الموسم الدراسي وفترة الاستعداد التي سبقت بدء الموسم، فتجولت كاميرات الموقع لتلتقط أبشع صور للإهمال داخل المدارس التي يفترض أن تكون صرحا لتخريج أجيال المستقبل.
فقد شهدت مدارس مصر في اول انطلاق يوم دراسي حالات فوضى من عدم أعمال صيانة وترميمات ونقص في مرافق المدارس، بالإضافة إلى انتشار مقالب القمامة حول أسوار المدارس، ورغم اعلان وزارة التربية والتعليم عن استعداد المدارس لاستقبال الطلاب الا أن المشاكل بدأت في أول يوم دراسي، و لم يقتصر الأمر على ذلك وحسب، بل سجلت البحيرة 111 حالة تسمم بين الطلاب قبل انتهاء اليوم الدراسي الثاني.
كيف يؤثر إهمال المدارس على صحة الطلاب النفسية و الجسدية ومستوى تحصيلهم العلمي، هذا ما يرصده التحقيق التالي:
تحصيل "زيرو"
------------
أكدت الدكتورة سامية قدري، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن الإهمال في المدارس وانتشار الظواهر السلبية تؤثر بشكل سلبي على نفسية الطالب وتحصيله العلمي بل وسلوكه أيضاً نتيجة الأحوال المتردية بالمدارس من إهمال وفوضى وانتشار القمامة.
وأوضحت قدري في تصريحات لـ"صدى البلد" أنه على المسئولين بوزاة التعليم والقائمين على العملية التعليمية أن يقوموا بتهيئة أجواء مناسبة للطلاب والتحصيل العلمي وعدم تواجد ما يعرقل سير التعليم أو أن يشعر الطالب بالاشمئزاز من ذهابه للمدرسة لتراكم تلال القمامة حولها وتنبعث الروائح الكريهة لداخل الفصول.
"مدارس بروحين"
------------
وقال الدكتور مصطفى رجب، أستاذ علم الاجتماع التربوي وعميد كلية التربية الأسبق جامعة جنوب الوادي، إن خطة إصلاح المدارس المصرية لم تتغير منذ 70 عامًا، مشيرا إلى أنه لابد من تشريع يُلزم المدارس بإجراء الصيانة في فترة إجازة الصيف، لافتًا إلى أن هناك قرارات وزارية ظهرت لعملية الإصلاح لكنها تتصادم مع كون الموازنة لاتصرف الا قبل بدء الدراسة بفترة قليلية في أغسطس.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد"، أنه لا توجد مراجعة مستمرة على مرافق المياه والكهرباء بالمدارس لغياب عنصر المراقبة، وهو ما يؤثر نفسياً بالسلب ليس على الطلاب فحسب ولكن على المعلمين أيضا ويعطي صورة سلبية عن التعليم، كما أنه يعرض الطلاب للخطر.
وأوضح أن العدد الحقيقي للمدارس في مصر هو 26 ألف مدرسة وليس 49 الف مدرسة، لأن هناك مدارس الفترتين، ففي الصباح يطلق على المدرسة اسم جمال عبد الناصر الإبتدائية وفي الفترة المسائية تكون مدرسة انور السادات الاعدادية المشتركة، لافتا إلى أن ذلك يؤدي إلى مضاعفة العبء على مرافق المدارس.
ولفت إلى أن الجدول المدرسي أصبح خاليا من الأنشطة المدرسية من مسرح، واذاعة، ومجلات حائط، وذلك بسبب نظام الفترتين، مشيرا إلى أن مصر تحتاج إلى 10 آلاف مدرسة شهرياً تدخل الخدمة.
وقال الدكتور سمير عبدالفتاح، أستاذ علم النفس، وعميد معهد خدمة اجتماعية ببنها سابقا، إنه "يجب أن تتوافر عدة عوامل لطلاب المدارس لمساعدتهم على التحصيل الدراسي"، مشيرا إلى أهمية وجود أجواء مناسبة داخل المدرسة، من مرافق مؤهلة للدراسة، ومعلم لديه القدرة على توصيل المعلومة للطلاب، لافتا إلى أن عدم توافر الأجواء تجعل الطالب يصطدم ببعض المشكلات المدرسية التي تؤدي إلى انخفاض في مستواه الدراسي.
وأضاف عبد الفتاح، أن "عدم توافر تلك العوامل يؤثر بالسلب على الطلاب خاصة في مرحلة التعليم المبكر وهو ما يجعل الطالب ينفر من التعليم، متسائلا: كيف يتم إجبار طالب على التحصيل العلمي دون توافر ما يجذبه لتلقي العلم.
وأوضح "عبد الفتاح"، أنه "عندما يكون هناك قصور في جانب من جوانب العملية التعليمية يؤدي بالطبع إلى وجود خلل في المنظومة، لافتاً إلى أنه لابد أن تكون هناك استراتيجية متكاملة لتقديم أكبر قدر يجعل الطالب مؤهل نفسيا للتحصيل العلمي والتأهيل النفسي.
"عزرائيل يحوم في الفصول"
--------------------
ليس التحصيل العلمي فقط قد يتأثر لدى الطالب بالإهمال في المدارس، فقد أكد الدكتور عبد الهادي مصباح، زميل الأكاديمية الأمريكية للمناعة، إن حزمة كبيرة من الأمراض تهدد طلاب المدارس المصرية بالتزامن مع بدء الموسم الدراسي، وأن الإهمال عنصر هام في نقل كثير من الأمراض، سواء كان الإهمال في صورة تراكم للقمامة في المدارس أو في عدم صيانة دورات المياه، أو ترك المجال للباعة الجائلين داخل ساحات المدارس.
وأوضح "مصباح" في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد"، إن عدم التخلص من القمامة على سبيل المثال يرتفع معه مستوى انتشار الذباب والناموس و الباعوض، مما يرفع احتمالات إصابة الطلاب بالتهاب الكبد "أ" و "ه"، و ميكروب السلمونيلا الذي يؤدي للتسمم الغذائي، و كذلك "التيفود" من الأمراض المرشحة للانتشار داخل المدارس، و الملاريا التي يتسبب فيها "الناموس" وقد تؤدي إلى حالات خطرة، لاسيما وأن الملاريا قد تؤدي للوفاة إذا لم يتم التعامل معها بالشكل الصحيح.
وأشار أستاذ المناعة، إلى الخطورة البالغة للباعة الجائلين في محيط المدارس، و كذلك عدم صيانة دورات المياه، وقال: يصاب الطالب بكل الأمراض السابق ذكرها مضافا إليها فيروس "الروتا" و "الانتيروفيروس" المعوية، نتيجة تناول أطعمة ملوثة وعدم غسل الأيدي بسبب سوء حالة دورات المياه، فضلا على أمراض الجهاز التنفسي والحصبة والجديري وغيرها.
نقلا عن صدى البلد