|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الإيمان عطية من الله تنمو حولنا اليوم صحراء روحية. وبالرغم من عظمة اكتشافات العلم والتكنولوجية، لا تزال هناك حالات كثيرة من الحروب والاستغلال والعنف والظلم، والعالم اليوم، لا نحتاج فقط للحب المادي، بل للحب وللرجاء، لأساس أمين، لأرض صلبة تساعدنا لنعيش بمعنى حقيقي حتى في الأزمات والظلمات، في الصعوبات والمشاكل اليومية. وهذا ما يُعلّمنا إياه الإيمان: إنه استسلام واثق بالله. فالإيمان ليس مجرد قبول فكري لحقائق معينة عن الله، بل هو فعل أسلّم به ذاتي بحرية لإله هو أب لي ويحبني. لقد أظهر الله حبه للإنسان ولكل واحد منا وهذا الحُبّ هو حُبّ بلا حدود: فعلى الصليب، يظهر لنا يسوع ابن الله المتجسد وبشكلٍ واضح أنه يمكن لهذا الحب أن يصل بنا، حتى بذل التضحية وبذل الذات. بسرّ موت وقيامة المسيح، ينزل الله إلى عمق بشريتنا ليعيدها ويرفعها إليه. فالإيمان هو أن نؤمن بحب الله، هذا الذي لا ينقص ولا يتغيّر أمام الشر والموت بل هو قادر على تحويل جميع أشكال العبودية والظلم والإستغلال، ويمنح الخلاص للجميع. يؤكد المجمع الفاتيكاني الثاني قائلاً: "لكي يؤمنَ الإنسان، هو بحاجةٍ إلى نِعمةِ الله السابقةِ والمُسانِدة، وإلى معرفة الروح القدس الداخليّة، الذي يُحرِّكُ القلبَ ويردُّه إلى الله، ويفتحُ بصيرةَ العقلِ ويُعطي الجميعَ العذوبةَ في قبولِ الحقيقةِ والإيمان بها " (دستور عقائدي في الوحي الإلهي، رقم ٥). ففي أساس مسيرة إيماننا هناك سرّ العماد المُقدّس الذي به ننال الروح القدس ويجعلنا أبناء لله بالمسيح يسوع ، ويطبع الدخول في جماعة الإيمان، أي في الكنيسة المقدسة: فلا يمكن لأحد أن يؤمن من تلقاء ذاته بدون نعمة الروح القدس، ولا أن يؤمن وحده بل مع الإخوة. الإيمان عطية من الله وهو أيضا فعلٌ حر وبشري كما يؤكد التعليم المسيحي للكنيسة الجامعة: "لا يكتمل الإيمان إلا بنعمة الروح القدس وعونه الداخلي. ومن الثابت أيضاً أن الإيمان فعلٌ إنسانيٌ أصيل، ولا يخالف حرية الإنسان ولا عقله" (عدد ١٥٤) بل يدفعهما ويرفعهما في مجازفة حياة كخروج لحريتنا: خروج من ذواتنا، من ضماناتنا للاستسلام لعمل الله الذي يدلنا على طريقه لننال الحرية الحقيقية، هويتنا البشرية، فرح القلب الحقيقي والسلام مع الجميع. فالإيمان هو قبولٌ، ومن خلال هذا القبول يقول عقلنا وقلبنا: "نعم" للرب، من خلال الإعلان يقول عقلنا وقلبنا ايضاً أن يسوع هو الرب، فتحول هذه الـ"نعم" حياتنا، وتفتح لها الطريق نحو المعنى الكامل وتجددها وتغنيها بالفرح والرجاء. نحن اليوم بحاجة لتربية متجددة على الإيمان تشمل معرفة لحقائقه ولأحداث الخلاص، وتولد خصوصاً من لقاء حقيقي مع الله بيسوع المسيح، من محبته والثقة به. يتطلب زمننا مسيحيين حقيقيين احبهم يسوع وجذبهم إليه (فيليبي ٣: ١٢) ينمون بالإيمان بفضل الإلفة مع الكتاب المقدس والأسرار، أشخاص ككتاب مفتوح يسرد خبرة الحياة الجديدة بالروح القُدُس، وحضور الله الذي يعضدنا في المسيرة ويفتحنا على الحياة التي لا نهاية لها. |
|