منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 06 - 08 - 2016, 01:40 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,164

الوقفة – ج16 مصلوب ما صلبوه ولا شُبِّه لهُمْ! 5 من 7‏

الوقفة – ج16 مصلوب ما صلبوه ولا شُبِّه لهُمْ! 5 من 7‏
ضوء على "تهكّم اليهود" ممّا في تفسير ابن عاشور

لقد ظهر بين المفسِّرين المسلمين، في ضوء الجزئيّة الخامسة عينها، محمد الطاهر بن عاشور ‏‏(تونس 1879- 1973) ليفسِّر على هواه وعلى هوى مَن سبقه. فبتصرّف: [والمسيح كان لَقبًا ‏لعيسى (ع) لقَّبه به اليهود تهكّمًا عليه. لأنّ معنى المسيح في اللغة العبرية المَلِك، كما تقدّم في ‏قوله (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم)- آل ‏عمران:45 وهو لقب قصدوا منه التهكّم فصار لقبًا له بينهم. وقلب الله قصدهم تحقيره فجعله ‏تعظيمًا له. ونظيره ما أطلق بعض المشركين على محمّد اسم مذمَّم؛ قالت امرأة أبي لهب: ‏‏(مذمَّمًا عصينا، وأمره أبينا، ودينه قلَينا) فقال محمد: (ألا تعجبون كيف يصرف الله عنّي شتم ‏قريش ولعنهم، يشتمون مذمّمًا ويلعنون وأنا محمد)...] انتهى.‏
وتعليقي: أنّ معنى التهكّم: السخرية. وما رأيت تهكّمًا في قول محمد (إذ قالت الملائكة... إلخ ‏ممّا في مقولة آل عمران:45) فحجّة ابن عاشور واهية ضعيفة، كأنّه ظنّ أنّ القرّاء سيمرّون ‏على تفسيره مرور الكرام بدون رقابة ودون تحليل وكأننا نجهل معنى ما ورد فيها وما لحق ‏بها من تفسير. ففي تفسير الطبري آل عمران:45 [إنّما سُمِّي "المسيح" لأنه مُسِح بالبركة] ‏وفي تفسير ابن كثير بتصرّف: [وسُمِّي المسيح، قال بعض السلف: لكثرة سياحته. وقيل... ‏‏(كلام سخيف)... وقيل: لأنه كان إذا مسح أحدًا من ذوي العاهات برئ بإذن الله تعالى] لكن ‏سبق لابن كثير الزعم بتهكّم اليهود المذكور، ذلك في معرض تفسيره النساء:157 عينها وليس ‏في تفسير آل عمران:45 فإليك ما قال: [وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله، ‏أي هذا الذي يدّعي لنفسه هذا المنصب قتلناه. وهذا منهم من باب التهكم والاستهزاء، كقول ‏المشركين: (يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون)- الحجر:6 فكان من خبر اليهود- عليهم ‏لعائن الله وسخطه وغضبه وعقابه- أنّه لمّا بعث الله عيسى ابن مريم بالبّينات والهدى، ‏حسدوه على ما آتاه الله من النبوّة والمعجزات الباهرات...] انتهى. ولي وقفة على لعائن ابن ‏كثير بعد قليل.‏
وتاليًا؛ ما قال لنا ابن عاشور أين وجه التهكّم في مقولة آل عمران:45 ولا وجدت بين ‏مفسِّري القرآن، حتّى الآن، مَن زعم أنّ لقب "المسيح" كان تهكمّيًا على المسيح من جهة ‏اليهود، حسب قراءتي تفسير آل عمران:45 لدى كل من الطبري والقرطبي وابن كثير. فمِن ‏أين أتى ابن عاشور بهذه البدعة؟ فإسلاميًّا: (كلّ بدعة ضلالة. وكل ضلالة في النار) فإذ عَلِمَ ‏ابن عاشور أنّ سورة النساء مدنيّة، كذا آل عمران، فالمرجّح لديّ أنه لم يعلم أن محمّدًا كان ‏تحت تأثير القس ورقة بن نوفل وغيره من وجهاء النصارى، فلم يطلق محمد لقب المسيح على ‏‏"عيسى" في أيّة سورة مكّيّة قبل الهجرة إلى المدينة! إنّما بدأ بإطلاقه بعد موت ورقة وبعدما ‏قويت شوكته في المدينة. ورُبّ سائل يسأل: كيف عرف محمد أن المسيح من ألقاب "عيسى" ‏المعرَّب على الأرجح من "إيسوس" اليونانية؟ فالجواب: من اختلاط محمد مع مسيحيّين من ‏الآراميّين-السُّريان ومن الأقباط، خلال رحلاته التجارية ما بين سوق عكاظ وسوق مجنة ‏وسوق ذي المجاز، ممّا في شبه جزيرة العرب، وبين أسواق شاميّة ومصريّة.‏
ـــ ـــ
خطورة لعائن محمد وابن كثير ونتائجها

وُصِف ابن كثير في سيرته على ويكيبيديا بأنّه: (عالِم مسلم وفقيه ومُفتٍ ومحدِّث وحافظ ‏ومفسِّر ومؤرِّخ وعالم بالرّجال ومشارك في اللغة وله نظم....) فإذْ يقرأ المسلم المتديّن لعائن ‏محمد وابن كثير فكيف يبيت ليلته بسلام وفي قلبه حقد على اليهود؟ كيف يستطيع التعايش سلميًّا ‏مع أخيه اليهودي سواء في دولة إسرائيل وفي غيرها؟ لماذا يخجل أصحاب الضمير الحيّ من ‏الاعتراف بأنّ قرآن محمد وحديثه وراء حدوث جميع الفتن بين المسلمين وبين غيرهم من الأمم ‏وأنّهما وراء التعالي الفارغ على الآخرين ووراء كراهية غير المسلمين؟ فإذا نُسِبت لعائن ‏محمّد إلى وحي منسوب إلى الله فإنّ لعائن ابن كثير قد شكّلت في رأيي وصمة أخرى على ‏جبين الإسلام، لأنّ ابن كثير مِن علماء الإسلام! قلت: بئس العلم عِلمُه إذْ لعن اليهود، أسوة ‏بمحمد، بدون تشكيك في مزاعمه قرآنيًّا وحديثيًّا سواء ضدّهم وضدّ غيرهم، لأنّ اللعنة دعاء ‏قبيح وهابط، لكنّ الأهمّ أنّ لعن الإنسان أخاه الإنسان خالف وصية الله القائلة أن يحبّ الإنسان ‏قريبه كنفسه! والمزيد في الإنجيل وفي برنامج [سؤال جريء 427 لماذا نكره اليهود؟] على ‏يوتيوب والرابط مدوَّن تحت (1) وقد شاطر عدد من شيوخ المسلمين محمدًا وابن كثير هذه ‏اللعائن، سواء على منابر إسلامية وفي الكتب وعبر قنوات فضائيّة وعلى الانترنت، مقتدين ‏بأسوتهم "الحسنة" فلم أقرأ أنّ يهوديًّا، أو مسيحيًّا، لعن خصمًا ولم أسمع. ثمّ أنّ مَن لعنوا ‏فرنسا- مثالًا- لم يحسبوا حساب المسلمين من مواطنيها ومن المقيمين فيها. ولم يحفظوا ماء ‏وجوههم من العار بتجنّب التفكير في الوقوف في طوابير، بانتظار منح تأشيرة دخول إليها. ‏ولم يحفظوا ماء وجوههم بتجنّب اللجوء إليها، مجازفين بحياتهم وحياة عوائلهم. ولم يحفظوا ‏ماء وجوههم بالابتعاد عن استخدام منتجاتها. لكنّ الأهمّ أنّ السيد المسيح أوصى أتباعه ‏بمباركة أهل اللعائن بقوله له المجد: {بارِكوا لاعِنيكُمْ}+ ممّا في القسم السابق. فشتّان ما بين ‏المسيحية وبين غيرها وشتّان ما بين وحي الله وبين وحي منسوب إلى الله.‏
ـــ ـــ
الجزئية السادسة: تناقض مقولة النساء:157 مع عادة اليهود ‏

توجد مشكلة في النساء:157 لم يتنبّه إليها مفسِّرو القرآن لأنهم لم يدرسوا الكتاب المقدَّس. ‏وهي أنّ اليهود جَلَدوا المُدان من بينهم ورَجَموا آخر لكنهم لم يصلبوا أحدًا في زمن مجيء ‏المسيح! بل لم يصلبوا أحدًا في العهد القديم على الطريقة الرومانية! فكيف شُبِّه لليهود أنّهم ‏صلبوا المسيح، كيف شُبِّه لهم أنّهم فعلوا شيئًا ليس من عادتهم؟ هذا غير منطقي إطلاقا! بل لا ‏ذِكر لكلمة الصليب في العهد القديم كلّه، باستثناء ما اتّصل به معنويّا، كتعليق المجرم على ‏خشبة بعد قتله، ممّا أشرت إليه في القسم السابق من سفر التثنية، أضف إليه التعليق الوارد في ‏التكوين 40: 19 ونبوءة داود النبي العظيمة عن صلب المسيح: {ثقبوا يديّ ورجليّ}+ ‏المزامير 22: 16‏
إنّما الذي حصل حسب تاريخ اليهود فالعكس تمامًا، إذ ابتُليَت أعداد كبيرة منهم بالصَّلب؛ ‏فأوّلًا: هدّد داريوس الملك الفارسي الوثني اليهود بصلب مَن لا يبالي منهم بإعادة بناء بيت الله ‏الّذي في أُورُشَلِيمَ (عزرا 6: 11) أي هيكل سليمان الذي تهدَّم بعد خراب أُورُشَلِيمَ سنة 70 م ‏فربّما مُورِسَ الصلب على اليهود في عهد داريوس في ضوء تحليل ذلك التهديد.‏
وثانيًا: روى المؤرّخ يوسيفوس أن جنود تيطس الوالي الروماني (غير تيطس المكتوبة إليه ‏رسالة بولس الرسول المسمّاة باٌسمه) أسروا اليهود وأعدموهم صلبًا خارج أسوار أورشليم، ‏إبّان خرابها المذكور، والذي تنبّأ به السيد المسيح في لوقا 21: 20-24 وفي متّى 24: 2 ‏فكثرت الإعدامات ضدّ اليهود إلى درجة أن الخشب اللازم لإعداد الصلبان استُنفِد كُلِّيّا. ‏
فاقرأوا- إخوتي المسلمين- وعُوا أنّ الصلب كان من عادة الفرس قبل ميلاد المسيح ومن عادة ‏الرومان بعد مجيء المسيح، إلى أن ألغى قسطنطين الإمبراطور الروماني (272– 337 م) ‏هذه العقوبة لأسباب دينية. فما كان الصَّلب من عادات اليهود في زمن المسيح، بأقلّ تقدير! ‏لهذا فإنّ قول محمد (ما قتلوه وما صلبوه لكن شُبِّهَ لهم) قد تسبّب في جدالات حادّة بين المسلمين ‏وبين المسيحيّين عبر التاريخ حتّى هذا اليوم وفي إثارة المسلمين ما سُمِّيت فِتَنًا ضدّ المسيحيّين ‏واضطرابات.‏
ـــ ـــ
الجزئية السابعة: تعارض مقولة النساء:157 مع الإنجيل ومع التاريخ

تبدو لي أهميّة هذه الجزئية في مستوى أهميّة الجزئية السابقة؛ وهي أنّ التهمة الموجَّهة إلى ‏اليهود، حسب تقويل القرآن، متعارضة مع حقيقتين، إنجيليّة وتاريخيّة، قائلتين بأن الذي قرّر ‏صلب المسيح هو بيلاطس البنطي- الوالي الروماني- لا اليهود! وأنّ الذين نفّذوا أوامر جَلده ‏وصَلبه حتّى الموت هم الجنود الرومان لا اليهود! إذ لم يكن في وسع رؤساء اليهود اتّخاذ قرار ‏بقتل المسيح، خشية ثورة الشعب عليهم؛ سواء من أتباع المسيح ومن الحاصلين على معجزاته ‏ومن شهود العيان عليها، قطعًا من الجنسين. فشعبيّة المسيح كانت قويّة وواسعة: {ولمّا طلَعَ ‏الصُّبحُ، تَشاورَ جميعُ رُؤساءِ الكَهنة وشُيوخُ الشَّعب على يَسوعَ ليَقتُلوه. ثُمَّ قَيَّدوهُ وأخَذوهُ ‏وأسلَموهُ إلى الحاكِم بِيلاطُس}+ متّى\ بداية الأصحاح 27 فلو كان في وسع اليهود أن يقتلوه، ‏لما أسلموه إلى الحاكِم بيلاطُس ليحكم عليه! بل كان دورهم تحريضيًّا ضدّ المسيح وضاغطًا ‏على الوالي الروماني، لأنّ المسيح أكّد لرئيس الكهنة صحّة "التهمة" الموجّهة إليه بأنه {المَسِيحُ ‏ابنُ الله}+ متّى 26: 63-64 و27: 43 خلال المحاكمة اليهودية.‏
وقد رأينا تاليًا أنّ عسكر الوالي نفّذ جَلْد المسيح وصلبه حتّى الموت، كما تقدَّم، ثمّ سمح الوالي ‏نفسه ليوسف الرامي بأنْ يُعطى جَسَدَ يسوع: {فأخَذَ يوسُفُ جَسدَ يَسوعَ ولفَّهُ في كفَنٍ نظيف، ‏ووضَعَهُ في قبر جديد كانَ حَفَرَهُ لِنفسِهِ في الصَّخر، ثُمَّ دَحرجَ حجرًا كبيرًا على باب القبر ‏ومضى}+ متّى 27: 59-60‏
فالأمر والنهي كان بأيدي الرومان لا اليهود، كما تقدَّم أيضا، لكن الجدير ذكره هو استبعاد ‏دور الرومان من القرآن ومن الحديث؛ إمّا عَمدًا، أي للتدليس على فداء المسيح الذي تمّ ‏على الصليب، ممّا في حلّ لغز مقولة القرآن في القسم السابق، أو جَهلا وفق ما كان يُملى ‏على محمد سواء من كتاب "رؤيا بطرس" المنحول ومن غيره. عِلمًا أن الكتب المنحولة ‏ظهرت ابتداء بالقرن الثاني الميلادي، بينما تمّ تدوين الإنجيل بثمانية أقلام ذهبية خلال القرن ‏الأوّل الميلادي وتحديدًا بعد ارتفاع المسيح إلى السّماء أمام شهود عيان من تلاميذه ومن ‏الرسل الذين اختارهم. فشكرًا لله على توجيه آباء الكنيسة لفرز المخطوطات المدوّنة بإرشاد ‏الروح القدس عن غيرها.‏
أمّا لو أجاز الوالي الروماني لليهود اتّخاذ قرار بالقتل- افتراضًا- لقتلوه رجْمًا لا صَلْبا! كما ‏تقدَّم في الجزئيّة السابقة. والبرهان واضح في الإنجيل إذ حاولوا قتله رجمًا، لكنّه اجتاز من ‏وسطهم سالِما: {قال لهم يسوع: الحقّ الحقّ أقول لكم: قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن. فرفعوا ‏حجارة ليرجموه. أمّا يسوع فاختفى وخرج من الهيكل مجتازًا في وسطهم ومضى هكذا}+ ‏يوحنّا 8: 58-59 كذا حصل حين قال لهم: {أنا والآب واحد. فتناوَلَ الْيَهُودُ أَيضًا حِجَارَةً ‏لِيَرْجُمُوه. أجابهم يسوع: أعمالًا كثيرة حسنة أرَيتُكم من عند أبي. بسبب أيّ عمل منها ‏ترجمونني؟ أجابَهُ اليهود قائلين: لسنا نرجمك لأجل عمل حسن، بل لأجل تجديف، فإنّك وأنت ‏إنسان تجعل نفسك إلها}+ يوحنّا 10: 30-33‏‎ ‎
فأدوار الرومان في جَلد المسيح وفي صلبه [تحقيق نبوءة: {جماعة من الأشرار اكتنفتني. ثَقَبُوا ‏يَدَيَّ وَرِجْلَيّ}+ ممّا في المزمور المذكور أعلى] بين لصَّين [تحقيق نبوءة: {سَكَبَ لِلموت نَفسَهُ ‏وأُحصِيَ مَعَ أَثَمَة، وهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وشَفَعَ في المُذنِبِين}+ أشعياء 53: 12] وفي ‏اقتسام ثيابه [تحقيق نبوءة: {يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وعلى لِبَاسِي يَقترِعُون}+ المزامير 22: ‏‏18] وفي قيام أحد العسكر بطعن جنبه بحربة [تحقيق نبوءة: {وأُفِيضُ عَلَى بَيْتِ دَاوُدَ وعَلَى ‏سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ رُوحَ النِّعمَة والتَّضَرُّعَات، فيَنْظُرُونَ إِلَيَّ، الَّذِي طَعَنُوهُ، ويَنُوحُونَ عَلَيْهِ كَنائِحٍ ‏عَلَى وَحِيد لَهُ...}+ زكريّا 12: 10] وفي التأكّد من موته وفي إنزاله من الصليب وفي تسليم ‏جسده إلى يوسف الرّامي، من بين حقائق غابت عن مؤلِّف القرآن أو تجاهلها، وغابت تاليًا ‏عن مفسِّري القرآن أو غضّ المستنير منهم بالطرف عنها.‏
الوقفة – ج16 مصلوب ما صلبوه ولا شُبِّه لهُمْ! 5 من 7‏
فتأمّلا- أخي المسلم وأختي المسلمة- جيّدًا في هاتين الجزئيّتين، إذ لم تخطر إحداهما في ذهن ‏أيّ مفسِّر قرآني! فإن خطرت فلم يجرؤ على تدوينها، لأنّ في تدوينها مخالفة عامّة الفقهاء من ‏المفسِّرين ومن سائر أهل العِلم. فلو دوّنها لتعرَّض لتهمة الزندقة وما شابه وعقاب الزندقة ‏معروف. ولديكما مأساة الحسين بن منصور الحلّاج (244- 309 هـ) من أشهر الأمثلة على ‏اضطهاد المفكّرين من المتنوِّرين ومن المنوِّرين.‏
ـــ ـــ
أهميّة المعجزة لإثبات صدق الرسالة

في رأيي؛ كان المفترض بصاحب أيّة دعوة "جديدة" أن يثبت للناس مصداقيّته بطريقة سلمية، ‏عوض اختلاق ذرائع، كالكفر والشرك، لتصفية خصومه. وعوض الافتراء على عقائد أهل ‏الكتاب وما لحق بافترائه من تهجير وقتل ونهب وسبي واحتلال، مهما كذّبوه، لأنّهم لم يعادوا ‏أحدًا قبله من ذوي الشائعات لكي يصدَّق قول من قال بأنهم اعتدوا عليه، إنما هو الذي عاداهم ‏لسبب تكذيبهم دعوته وهو الذي تهجّم على عقائدهم. والمفترض أيضًا أن يؤكّد صاحب الدعوة ‏صدقها لمكذِّبيه بأن يصنع آيتين (معجزتين) أو ثلاث، أمامهم وفي وضح النهار، وفقًا لما هو ‏معروف عن أنبياء الله مِن أهل المعجزات. لكنّه فشل في صنع واحدة منها، متذرّعًا بأنّ اليهود ‏قتلوا أنبياءهم. فماذا عن النصارى؛ هل قتلوا نبيًّا أو رسولا، لماذا لم يأتِ بآية أمام النصارى ‏لكي يشهدوا له أمام اليهود وأمام "الكفّار" من قريش وغيرها؟ فما صنع آية (ولا هم يحزنون) ‏فاعتُبِر شأنه شأن مسيلمة بن حبيب وسجاح التميمية والأسود العنسي وطليحة بن خويلد. عِلمًا ‏أنّ مسيلمة (والأرجح: مسلمة؛ أطلق عليه المسلمون اسم مسيلمة تصغيرًا له وتحقيرا) اعتبر ‏نفسه رسولًا من عند الله أيضًا فكتب قرآنًا مثلما كتب محمد، لكن أتلفه المسلمون، ثمّ ألّف نفر ‏منهم سجعًا هابط المستوى ونسبوه إليه استهزاء به وتقليلًا من شأنه. وعِلمًا أنّ أتباع مسيلمة ‏فاقوا أتباع محمد عدديًّا، حسب مراجع إسلامية، فرُبّما تفوّق قرآنه على قرآن محمد. فلم يستطع ‏المسلمون القضاء على مسيلمة إلّا في زمن الخليفة الأوّل، بعد محاولتين فاشلتين. والمزيد في ‏‏"معركة اليمامة" سواء في ويكيبيديا وفي غيرها.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
الوقفة– ج16 مصلوب ما صلبوه ولا شُبِّه لهُمْ! 7 من 7
الوقفة – ج16 مصلوب ما صلبوه ولا شُبِّه لهُمْ! 6 من 7
الوقفة– ج16 مصلوب ما صلبوه ولا شُبِّه لهُمْ! 4 من 7
مصلوب ما صلبوه ولا شُبِّه لهُمْ! 3 من 7
مصلوب ما صلبوه ولا شُبِّه لهُمْ! 2 من 7


الساعة الآن 12:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024