رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
موقعة مياه ميروم... "فاجتمع جميع هؤلاء الملوك بميعاد، وجاءوا ونزلوا معًا على مياه ميروم لكي يحاربوا إسرائيل. فقال الرب ليشوع: لا تخفهم، لأنيّ غدًا في مثل هذا الوقت أدفعهم جميعًا قتلى أمام إسرائيل، فتعرقب خيلهم وتحرق مركباتهم بالنار" [5-6]. إن كان مع كل نصرة تهيج قوات الظلمة، فمع كل هياج لقوات الظلمة يؤكد الرب من جديد أنه يهب نصرة جديدة على مستوى أعظم... في الواقع أن سفر يشوع هو سلسلة من الحروب المتوالية، أو بمعنى أدق سلسلة من النصرات المتوالية، خلالها ينطلق المؤمن من مجد إلى مجد حتى يبلغ إلى قياس ملء قامة المسيح (أف 4: 13)، وتتجمل الكنيسة كلها وتتهيأ بالمجد للعرس الأبدي. يؤكد الرب ليشوع: "لا تخفهم"؛ فإن الله يريدنا في حربنا الروحية أن نكون مملؤين ثقة فيه أنه الغالب، وبه نغلب. يُريد أن يعمل بمؤمنيه وليس بعديمي الإيمان، يسند النفوس المتكئة عليه لا المرتبعة. لماذا يقول الرب: "لأنيّ غدًا في مثل هذا الوقت أدفعهم جميعًا قتلى..." [6]، لأنه غدًا تُشير إلى ما بعد هذا الدهر، فإننا وإن كنا ننال نصرات متوالية، وننعم بسلطان روحي على الظلمة يتزايد مه نمونا الروحي، لكننا نبقى في حرب لا تنتهي حتى يأتي الغد الذي فيه يُلقى إبليس في البحيرة المتقدة نارًا. يقول العلامة أوريجانوس: [إنه الموعد الذي فيه تهلك كل القوة المعادية، حيث تُهزم تمامًا. وذلك عندما ترى الذي عن اليسار يُقال لهم: "اذهبوا عني إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته" (مت 25: 41). إنه ذات الوقت الذي فيه نحن أيضًا إن كنا منتصرين، أي استطعنا نوال النصرة في تبعيتنا ليسوع رئيسنا، يكون لنا الملكوت الذي أعده لقديسيه الذين نفذوا تعاليم الرب وصنعوا البر، ننعم به من أيدي سيدنا يسوع المسيح له المجد والقوة إلى دهر الدهور، آمين]. "فجاء يشوع وجميع رجال الحرب معه عليهم عند مياه ميروم بغتة وسقطوا عليهم، فدفعهم الرب بيد إسرائيل فضربوهم وطردوهم إلى صيدون العظيمة وإلى مسرفوت مايم وإلى بقعة مصفاة شرقًا، فضربوهم حتى لم يبق لهم شارد" [7-8]. لقد تحققت الغلبة ليشوع ورجاله بضرب يابين وكل تابعيه حتى لم يبق لهم شارد، ويلاحظ في هذه المعركة الآتي: أولًا: كما اجتمع الملوك المعادين تحت قيادة يابين الملك حاصور، هكذا إِجتمع رجال الحرب مع يشوع تحت قيادته، فإن حربنا الروحية هي لحساب قائدنا الحقيقي، يسوع المسيح ربنا، إن نزلنا المعركة تحت قيادته نغلب وننتصر، لكننا إن اتكلنا على ذواتنا ومهارتنا وقدرتنا وأسلحتنا نسقط وننهزم. لنصرخ على الدوام إلى يشوعنا فهو وحده العارف حيل إبليس بكل تفاصيلها وله السلطان أن يهدمها تمامًا. ثانيًا: إن كانت هذه الحرب تُشير إلى الحرب الروحية القائمة في القلب، لكنها مع هذا فهي ليست حربًا فردية ضد كل واحد منا، إنما هي حرب مملكة إبليس ضد الكنيسة كلها بكونها مملكة الله. لهذا كما اجتمع جميع رجال الحرب مع يشوع، هكذا يليق بنا في جهادنا الروحي أن نحمل الروح الجماعية، ففي جهادي أطلب صلوات إخوتي المجاهدين مع آبائي وإخوتي الذين غلبوا وانطلقوا! إن كل نصرة تتحقق في أعماق نفسي إنما هي نصرة الكنيسة كلها خلالها يتحقق دخولها إلى كمال أعظم وجمال أروع، وعلى العكس كل ضعف أسقط فيه إنما هو على حساب الجماعة! ليتنا نجاهد بروح الجماعة، روح الوحدة والحب في المسيح يسوع ربنا. ثالثًا: قام يشوع ورجاله بحرب هجومية ضد يابين ورجاله فجاءوا عليهم بغتة وسقطوا عليهم، وكأن السيد المسيح يُريد منا لا أن نقف لننتظر الخطية، وعند هجومها علينا ندافع عن أنفسنا إنما يليق بنا أن نبدأ بكل طاقتنا بالهجوم أولًا على كل خطية قبل أن يكون لها موضع فينا، وتحمل سلطانًا علينا. فلا نقف موقف الخوف والضعيف أمام الخطية إنما موقف التشدد والقوة لنغلب وننتصر ونطردها إلى صيدون العظيمة، أي إلى موضع الصيد. نصطادها نحن قبل أن تصطادنا، ولا نترك فيها شارد يهرب إلى حواسنا أو قلبنا الداخلي بل نحطمها تمامًا. رابعًا: يقول الكتاب "طردوهم إلى صيدون العظيمة"، كلمة "صيدون" تعني (صيد)، لهذا فإن منطقة صيدون تُشير إلى الموقع الذي فيه يصطاد العدو نفوس المؤمنين، كقول المرتل: "هيأوا شبكة لخطواتي" (مز 57: 6). ولهذا سمح الله أن يتحقق طرد إبليس (يابين) وأتباعه إلى صيدون العظيمة، وكأنه يسقط في الفخاخ العظيمة التي نصبها المؤمنين. هو يقيم الفخ لنا، وهو الذي يسقط فيه. بالضربات التي يصوبها العدو ضدنا لإهلاكنا ننال كمؤمنين الغلبة والنصرة ونستحق الإكليل، أما هو فيمتلئ كأس شره ويسقط تحت الهلاك. |
|