رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قلبًا نقيًا أخلق فيَّ يا الله بإيمان قوى طلب داود من الله في مزمور التوبة قائلاً: "قَلْباً نَقِيّاً اخْلُقْ فِيَّ يَا اللهُ وَرُوحاً مُسْتَقِيماً جَدِّدْ فِي دَاخِلِي" (مز51: 14). لأنه عرف من يستطيع أن يغفر الخطايا، كما أدرك أنه لا أحد يستطيع أن يخلق الإنسان من جديد مرة أخرى إلا مَنْ خلقه في البداية على صورته ومثاله. فلا يستطيع أن يخلقه من جديد إلا من كان لديه قوة الخلق. هكذا يقول السيد المسيح: "وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ" (يو10: 10).. مادام السيد المسيح هو الحياة فكيف نستطيع أن نحيا بدونه؟! كما قال عنه بولس الرسول: "لأَنَّنَا بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ" (أع17: 28). وهو وحده الذي يستطيع أن يخلص، هكذا قال: "أَنَا أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ غَيْرِي مُخَلِّصٌ. أَنَا أَخْبَرْتُ وَخَلَّصْتُ وَأَعْلَمْتُ وَلَيْسَ بَيْنَكُمْ غَرِيبٌ. وَأَنْتُمْ شُهُودِي يَقُولُ الرَّبُّ وَأَنَا اللَّهُ" (إش43: 11، 12).. وهو وحده الذي يستطيع أن يحطم الجحيم، والذي يستطيع أن يقهر الشيطان وكل قواته الشريرة. حين قال داود في توبته: "قَلْباً نَقِيّاً اخْلُقْ فِيَّ يَا اللهُ وَرُوحاً مُسْتَقِيماً جَدِّدْ فِي دَاخِلِي"(مز51: 14)، قد أدرك بروح النبوة أنه لا يستطيع أن يعيد الإنسان من الموت إلى الحياة إلا رب الحياة، لهذا جاء رب الحياة مخلصنا الرب يسوع الذي قال: "أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ.." (يو14: 6). إن كان إنسان قد نزف دمه ومشرفًا على الموت، فلا علاج له أو لا حياة له إلا بعملية نقل دم. فالدم هو الحياة. لذلك كان من اللازم أن تُمنَح هذه الحياة من معطى الحياة الذي له سلطان الحياة ويستطيع أن يقيم من الأموات، الذي قال: "أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا" (يو11: 25).. والروح القدس يأخذ من دم المسيح ويغسلنا. وحين قال داود النبي: "قَلْباً نَقِيّاً اخْلُقْ فِيَّ يَا اللهُ وَرُوحاً مُسْتَقِيماً جَدِّدْ فِي دَاخِلِي" (مز51: 14).. ماذا كان يعنى بنقاوة القلب؟ أو بمعنى آخر كيف يحيا الإنسان بقلبٍ نقى؛ بذلك القلب الذي قال عنه السيد المسيح "طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللَّهَ" (مت5: 8). نقاوة القلب ربما يكون معناها عدم محبة الخطية، أي أن الإنسان لا يحب الخطية ولا يشتهيها ولا يفرح بها،أو تكون النقاوة بدرجة أعمق هي كراهية الخطية.. لأنه من الممكن أن يترك الإنسان الخطية ولكنه لا يكرهها. وهناك درجة أعلى من هذه وتلك، وهي أن نقاوة القلب هي الامتلاء من محبة الله.. ليس فقط عدم محبة الخطية ولا كراهية الخطية بل أيضًا محبة البر والالتصاق به؛ لذلك قال السيد المسيح إن أنقياء القلب يعاينون الله.. فنقاوة القلب معناها الاشتياق الحار نحو الله والالتصاق المستمر به. هذه هي حياة القداسة الحقيقية. ليست القداسة هي ترك الخطية فقط، لأنه من الممكن أن يترك الإنسان الخطية خوفًا من العقوبة، لكن ليست هذه هي حياة القداسة. فحياة القداسة هي كراهية الخطية، وليست مجرد الاشمئزاز من الخطية. ويكره الإنسان الخطية ليس في حياته الشخصية فقط، إنما في حياة الآخرين أيضًا. وليس معنى ذلك أن يكره الناس إنما يكره الشر والخطية الموجودة في العالم. كراهية الخطية تجعل للإنسان حساسية شديدة جدًا نحو الشر وهذا ما قال عنه الكتاب: "كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ لاَ يُخْطِئُ، بَلِ الْمَوْلُودُ مِنَ اللهِ يَحْفَظُ نَفْسَهُ، وَالشِّرِّيرُ لاَ يَمَسُّهُ" (1يو5: 18). وقال أيضًا: "كُلُّ مَنْ هُوَ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ لاَ يَفْعَلُ خَطِيَّةً، لأَنَّ زَرْعَهُ يَثْبُتُ فِيهِ، وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُخْطِئَ لأَنَّهُ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ" (1يو3: 9). المولود من الله لا يخطئ هذه هي مرحلة ترك الخطية. أما المرحلة التالية هي لا يستطيع أن يخطئ.. لا يستطيع أن يخطئ بمعنى إنه مهما أتيحت له الفرص والظروف والضغوط لفعل الخطية، بل حتى لو هو نفسه فرضًا حاول أن يخطئ لا يستطيع!! هذه درجة عميقة من النقاوة والقداسة إذا وصل إليها الإنسان يستريح في حياته الروحية. فامتناعه عن الخطية ليس خوفًا إنما طبيعته الروحية لا تقبل أن تتعامل مع الخطية.. لماذا؟ لأن زرع الله ثابت فيه؛ الزرع الإلهي أي الطبيعة الجديدة التي أخذها في المعمودية، هذه الطبيعة الجديدة ثابتة بعمل الروح القدس في سر التثبيت. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
قلبًا نقيًا |
قلبًا نقيًا يشبه قلبك أخلق فيّ يا الله |
قلباً نقياً أخلق فيَّ يا الله |
الله يريد قلبًا نقيًا أولاً، قلبًا قد تطَّهر من آثامه وشروره، |
قلباً نقياً أخلق فيَّ يا الله - صرخة إنسانية |