6 فَقُلْتُ: «آهِ، يَا سَيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي لاَ أَعْرِفُ أَنْ أَتَكَلَّمَ لأَنِّي وَلَدٌ».
7 فَقَالَ الرَّبُّ لِي: «لاَ تَقُلْ إِنِّي وَلَدٌ، لأَنَّكَ إِلَى كُلِّ مَنْ أُرْسِلُكَ
إِلَيْهِ تَذْهَبُ وَتَتَكَلَّمُ بِكُلِّ مَا آمُرُكَ بِهِ.
يقول الرسول بولس: "اختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء، واختار الله ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء، واختار الله أدنياء العالم المزدرى وغير الموجود ليبطل الموجود، لكي لا يفتخر كل ذي جسد أمامه" (1 كو 1: 27-29). إذن سرّ القوة لا في الإناء المختار، وإنما في العامل فيه، لهذا يؤكد الرب لإرميا في أكثر من موضع "أنا معك" [8-9].
ويتساءل العلامة أوريجينوس: كيف يمكن أن تنطبق كلمات إرميا النبي: "لا أعرف أن أتكلم لأني ولد" على المخلص، ما دام الأول رمزًا له؟ ويجيب بأنه في العهد القديم قيل عن المخلص بكل وضوح: "ها العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئيل... قبل أن يعرف الصبي أن يرفض الشر ويختار الخير تُخلى الأرض التي أنت خاشٍ من ملكيها" (إش 7: 14، 16). فقد قيل "قبل أن يعرف الصبي..."، إذ "أخلى نفسه" (في 2: 7)، وجاء عنه في الإنجيل أنه كان "يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس" (لو 2: 52). فإنه إذ أخلى ذاته بنزوله على الأرض أخذ من جديد ما قد تركه خلال إخلاء ذاته بإرادته؛ ليس غريبًا أن ينمو من جهة الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس، بهذا يتحقق القول: "قبل أن يعرف الصبي أن يرفض الشر ويختار الخير" وما غير هذا من النصوص التي ذكرها إشعياء. يقول العلامة أوريجينوس إن المخلص هو كلمة الله العالم بكل شيء، في اتضاعه قبل أن يتجسد ويصير طفلًا ليتعلم لا الأمور الكبيرة وإنما الأمور الصغيرة، لا لغة الله فهي لغته وإنما لغة البشر، لكي يكون مشابهًا لنا في كل شيء. لقد كان التأنس حقيقة بكل معنى الكلمة، حمل ناسوتنا وتدرج معنا في كل شيء كواحدٍ منا حتى يرفعنا إلى مجده الأبدي.