رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أفتيخوس ينام وبولس يعظ إذا كان بولس واعظاً عظيما مجيداً استطاع أن يملك على الجميع مشاعرهم إلى منتصف الليل،فلماذا نام أفتيخوس إذاً بل لماذا تثقل بالنوم العميق !! قد لا نملك الإجابة بالتحقيق ، لكننا يمكن أن نتصور أن أفيتخوس كان صبياً صغيراً ، فالكلمة التى تصفه « شاباً » هى فى الأصل أقرب إلى « الصبى » منه إلى الشاب ، ويظن البعض أنه كان ابن صاحب البيت ، ... وإذا استطاع الرجل القوى الناضج أن يغالب النوم ، فإنه يصعب على الصبى الصغير أن يفعل هكذا ... وإذاً ، هو ضعف الجسد ، وطراوة الحياة التى فعلت هكذا ، ... ومن اللازم أن نتوقف ههنا لكى نلاحظ المواءمة بين السامع والعظة ونوعها ووقتها ، ... فإذاً كان جورج هويتفيلد يشكفى أن التجديد يمكن أن يحدث بعد نصف الساعة الأولى من وقت العظة ، عندما يشحن الذهن أو يجهد الفكر أو تتوتر الأعصاب ، ... مما يعنى أن الأساس ينبغى أن يركز على مضمون العظة ، لا على امتداد الوقت فيها ، ... وقد قيل إن رجلا لم يكن يكره فى حياته أو يرتعب على ما صور تشارلس ديكنز فى إحدى رواياته - أكثر مما يكره أو يرتعب - من أجراس الكنائس عندما تقرع ، ويصل صوتها إلى سمعه ، وذلك لأن أباه كان من جماعة البيورتان وكان حريصاً على أن يأخذ ابنه وهو طفل إلى الكنيسة يوم الأحد ، ويجلسه إلى جواره طول وقت العبادة وقد ذكرنا أن العظة عند البيورتان كانت تستغرق على الأقل ساعتين من الزمان ، والولد مجبر على الجلوس دون حركة إلى جوار أبيه هذا الزمن الطويل ، الأمر الذى يتعارض مع طبيعته الغضة التى خلقه اللّه عليها،... وكانت الجلسة عنده نوعاً من العقاب والعذاب الذى جعله يتعقد ويكره الكنيسة وما فيها عندما شب عن الطوق ، ونحن لا نعجب لصبى صغير ينام فى العظة أو مدرسة الأحد ، طالما أن اللّه لم يعطه بعد الطاقة التى تمكنه من اليقظة طوال الوقت !! .. وهذا يقودنا بدوره للمواءمة بين وقت العظة وقدرة السامع على مواصلة الاستماع ، .. على أن هناك سبباً آخر واضحاً من سياق القصة ، وهو ازدحام المكان الذى لم يتح للشاب أن يجلس إلا فى الطاقة ، وكان مكان العبادة كما هو ثابت فى الدور الثالث من البيت ، وهو يعطينا صورة للعبادة فى أوائل العهد المسيحى ، عندما لم تكن هناك كنائس متسعة ذات قباب وأبهاء ونوافذ وما يلحق ذلك من فخامة وعظمة وجمال ، ... وبالتالى لم تكن هناك المنابر المرتفعة ، وفرق الترنيم ، وما أشبه مما يوجد بكنائسنا الكبرى فى هذه الأيام ، لقد نشأت الكنيسة فى بيوت ، مهما اتسعت ، فإن غرفها وقاعاتها محدودة لا تستوعب العدد الكبير الذى يتزاحم فيها ، ومع ذلك كانت بيت اللّه المهيب ، الذى يطل على باب السماء ، ... وهنا لابد لنا أيضاً من وقفة فيما يجوز أو لا يجوز فى بناء الكنائس.... قال أحد الرعاة الأمريكيين إنه كان يتمنى لو أن مائة ألف دولار أخذت من تكاليف بناء الكنيسة وألقى بها فى البحر ، وذلك لأن الكنيسة ، وقد بنيت بتكاليف كبيرة باهظة ، تحولت إلى ما يشبه المتحف أو المبنى الفخم الذى يذهب إليه الناس ليتسلوا بمنظره العظيم أكثر من الانتفاع به كمكان للعبادة يلتقى فيـــه الإنسان بعمــــق مع اللّه !! .. إن الفضيلة كما يقول أرسطو وسط بين رذيلتين ، ونحن لا نود أن يقف الإنسان من الكنيسة ليرى ما فيها من زينة وبهاء ، وفى الوقت عينه لا نود أن تكون مكاناً محتقراً مهدماً ضيقاً يبعث على الكآبة والألم لمجرد منظره ، ... إن الجمال الصحيح يكون فى الاتساع الذى يساعد على راحة الناس وعدم تكدسهم وتزاحمهم على نحو يخنق الأنفاس ، .. كان المكان مزدحماً ، وممتلئاً بالمصابيح ، وقد اختلف المفسرون حول كثرة المصابيح ، فرآها بعضهم تمييزاً ليوم الرب ، واعتقد بنجل أنها ضرورية فى منتصف الليل حتى تمنع أية شبهة للتصرفات الخاطئة فى الظلام والزحام ، وقال آخرون إنه جاء ذكرها لأنها كشفت ولا شك سقوط الشاب من أول لحظة ... وقال غيرهم إنها كانت السبب فيما تركته من حرارة فى المكان ، مما دفع الشاب إلى البحث عن الطاقة ليجلس فيها ، ... ومهما يكن فإنه واضح أن الزحام كان قاسياً وشديداً ، ولعل بولس كان يتصبب عرقاً وهو يتحدث طوال هذا الوقت ، .. وهنا مكمن التجربة ، فإن الشاب جلس فى المكان الذى ساعده لا على النوم فحسب ، بل على التثقل به ، وربما استسلم للهواء فنام ونعس ، وكانت النتيجة سقوطه من الطابق الثالث إلى الأرض !! . |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
انظروا إنسانًا، شاول وبولس؛ شاول في المغارب، وبولس في المشارق |
كفاك وعظاً يا بولس فقد نام أفتيخوس...يا أفتيخوس كيف تنام وبولس هو الذى يعظ؟ |
أفتيخوس وبولس الواعظ |
أغريباس وبولس الواعظ العظيم |
أفتيخوس |