رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قدر ما صوّر لنا الكتاب المقدس إبرام في أروع صوره وهو خارج في طاعة للدعوة الإلهية يتكئ على وعد الله بإيمان، إذ به يكشف عن ضعفه في صورة بشرية مؤلمة، فقد اتكأ على أرض مصر وقد عرف ما اتسم به المصريون في ذلك الحين من شهوات جسدية فخاف، مطالبًا زوجته أن تقول أنها أخته... "ليكون لي خير بسببك وتحيا نفسي من أجلك!" [13]. هذا وعندما تحدث الكتاب هنا عن المجاعة قال: "وحدث جوع في الأرض" [10]، ولم يقل "اشتد الجوع على إبرام "كما قال عن المصريين: "لأن الجوع أشتد عليهم" (تك 47: 20). وما قيل عن المجاعة التي حدثت في أيام إبرام قيل عن تلك التي حدثت في أيام حفيده يعقوب: "وكان الجوع شديدًا في الأرض" (تك 43: 1) فالمؤمنون قد تحوط بهم المجاعات لكنها لا تمس إلا الأرض أي الجسد، أما غير المؤمنين فينحنون لها وينكسرون أمامها "لأن الجوع اشتد عليهم" (تك 47: 10). وكما يقول العلامة أوريجانوس: [لم تشتد المجاعة على إبراهيم ولا على يعقوب أو أولاده، إنما إن اشتدت إنما تشتد "على الأرض". وفي أيام إسحق قيل أيضًا: "وكان في الأرض جوع غير الجوع الأول الذي كان في أيام إبراهيم" (تك 26: 1). لكن الجوع لم يكن قادرًا أن يغلب إسحق، حتى قال له الرب: "لا تنزل إلى مصر، اسكن في الأرض التي أقول لك، تغرب في هذه الأرض، فأكون معك" (تك 26: 2، 3). وفي رأيي، يتفق مع هذه الملاحظة قول الرسول فيما بعد: "كنت فتي وقد شخت ولم أر صديقًا تُخلي عنه ولا ذرية له تلتمس خبزًا" (مز 37: 25). وفي موضع آخر: "الرب لا يجيع نفس الصديق" (أم 10: 3). كل هذه النصوص تعلن أن الأرض يمكن أن تعاني من الجوع، وأيضًا الذين لهم الفكر الأرضي (في 3: 19). أما الذين لهم الخبز الذي به يفعلون إرادة الآب السماوي (مت 7: 21) والذين تنتعش نفوسهم بالخبز النازل من السماء (يو 6: 51، 59) فلن يعانوا من حرمان مجاعة ]. لا نخف إذن من المجاعة، فإنها تصيب الأرض والأرضيين، أما من التصقوا بالرب وقبلوا جسده المقدس طعامًا روحيًا فلن يصيبهم جوع، إذ يأكلون من شجرة الحياة (رؤ 2: 7) ويشربون عصير الكرمة الحقيقية (يو 15: 1) جديدًا في ملكوت الآب (مت 26: 29). لنكف عن أن نكون أرضًا فلا يصيبنا الجوع، ولننعم بالحياة السماوية فيكون لنا الشبع الأبدي. |
|