رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
محبة القريب بعد ان سمعت مريم بشارة الملاك وأخبرها ان نسيبتها اليصابات تلك العاقر هي حبلىفيذكر انجيل لوقا: “فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا(لوقا39:1). ان تلك الرحلة ليست نزهة نهاية الأسبوع فوعورة اكثر من 80 ميل من الناصرة الي جبال يهوذا والتي يمكن ان تأخذ حوالي 3-4 أيام بالأقدام وعادة مثل تلك الرحلة تكون مصحوبة بمسافرين آخرين. ان مريم رحلت الي جبال يهوذا وهي ليست فقط رحلة على الأقدام ولكنها تعني في الحقيقة رحلة روحية. أولا -فالقديس لوقا اعلمنا ان مريم “قامت” وذهبت لزيارة اليصابات والكلمة اليونانية لكلمة “قامت” arose هي anesteimi والتي تعني اكثر من “نهضت او قامت”، فهي استعملت مجازيا هنا لتصف بداية الي فعل او عمل جديد. في مكان آخر في انجيل لوقا الكلمة تصف أفعال تتضمن جهد روحي عظيم. ففي مثال الإبن الضال “قام” وعاد الي ابيه الذي رحب به بفرح وابتهاج عظيم (لوقا18:15و20)، وبالمثل لاوي جابي الضرائب عند دعوة يسوع له ترك كل شيئ و “قام-rose-anastasa” وتبع يسوع (لوقا27:5-28). وهكذا مريم أيضا بعد ان سمعت من الملاك دعوة الله لها ومن حياتها “قامت” وبدأت رحلتها لزيارة اليصابات. كما في مثل الإبن الضال ودعوة لاوي العشّار تحركت مريم نحو رحلة جديدة مع الرب حيث استلمت مهمتها الجديدة كأم للمسيّا. ثانيا- قامت مريم وذهبت الي ارض جبال يهوذا وهنا استخدم لوقا كلمة رئيسية غنية في معناها اللاهوتي في سرده للحدث، فالكلمة اليونانية ل “ذهبت”-poreuomai” في ذاتها تعني “تذهب او تمشي” ولقد استخدمها لوقا في أماكن أخرى لتصف رحلة لغرض إلهي والأكثر ملاحظة هي رحلة المسيح من الجليل الي اليهودية حيث رسالته المسيانية قد اكتملت (لوقا51:9و 22:13). مريم وهي حبلى بالطفل يسوع في احشائها كأنها تبشر برحلة ابنها فيما بعد من الجليل الي اليهودية وها هي تبدأها من ناصرة الجليل الي جبال يهوذا (لوقا39:1) حيث ستعلن الأعمال العظيمة للرب. بعد هذا اعلمنا القديس لوقا ان مريم قامت بتلك الرحلة “مسرعة” meta spoudes وهذه الجملة قد فهمت بطرق مختلفة، فالبعض فسّرها بأن أشار بانها طاعة مباشرة لرسالة الملاك عن امومة اليصابات الإعجازية، والبعض الآخر رآها بأنها تشير ان رغبة مريم هي ان تسرع لمساعدة نسيبتها المسّنة في مراحل حملها الأخيرة، أو بأن مريم تطلعت بشوق ان تشارك اليصابات برسالة الملاك لها. كل تلك التفسيرات قد تكون كخلفية ولكن الملاحظة التي ذات أهمية هي خاصة تلك الجملة المستخدمة “مسرعة” والتي يمكن ترجمتها ب “مع التفكير” او “مع الرغبة” والتي قد تجلب لنا فهما اعمق للمسألة او الفعل. من هذا المنظور الخاص ذهاب مريم بسرعة يشير الي فرحها تساءلها عما يحققه الله في إسرائيل وفي حياتها هي شخصيا بإرسال المسيّا- الملك. وهذة الخطة الإلهية والتي فيها ان مريم واليصابات الآن مرتطبتان بصورة قوية من خلال خبراتهم بحبلهما وامومتهما الإعجازية وباولادهما ورسالتهما. وهكذا بشكل عنيد وإصرار عجيب قامت مريم وانطلقت لترى العلامة التي أعطاها لها الملاك جبرائيل عن حبل اليصابات العجيب. هذا في الحقيقة مشابه لإستجابة الرعاة للعلامة التي أعطاها لهم الملاك عن المسيح “تَجِدُونَ طِفْلًا مُقَمَّطًا مُضْجَعًا فِي مِذْوَدٍ»(لوقا12:2)، وبعدما سمعوا عن العلامة “فَجَاءُوا مُسْرِعِينَ” ليروا تلك الأخبار المفرحة عن الخلاص والتي أعلنت لهم من الملاك. ان الرعاة لم يذهبوا ليتحققوا من ان قول الملاك كان صحيحا ولا انهم قد اخذوا امراً من الملاك بضرورة الذهاب لذلك الغرض، ولكن من مبادرة شخصية منهم كانت رغبة الرعاة الشديدة ليروا الذي كشفه الملاك واعلنه لهم:” قَالَ الرجال الرُّعَاةُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لِنَذْهَبِ الآنَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ وَنَنْظُرْ هذَا الأَمْرَ الْوَاقِعَ الَّذِي أَعْلَمَنَا بِهِ الرَّبُّ»(لوقا15:2). هكذا مريم آمنت مثلهم برسالة الملاك وذهبت مسرعة لتشهد كأول شخص للأعمال العظيمة التي يقوم بها الله في حياة اليصابات وحياة البشرية كلها. وكما شرح احد اللاهوتيين ان سرعة مريم في الذهاب نبع من الفرح بدعوتها ومن الرجاء الذي بدأ في احشائها ففرح مريم ورجاؤها واستعدادها ذهب في البحث عن العلامات التي يرسلها الله الي شعبه وأيضا لتقدم الخدمة وإلا لما مكثت هناك” فَمَكَثَتْ مَرْيَمُ عِنْدَهَا نَحْوَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا.“(لوقا56:1). ترى ما تأثير تلك الزيارة المفرحة والمقدسة وما نتائجها؟ فلقد امتلأت اليصابات من الروح القدس ويوحنا المعمدان قد تقدّس وهو في رحم أمه وفيما بعد نطق زكريا بعد ان أصابه الخرس لعدم تصديقه لبشارة الملاك. اذا ما أحببت الله ستحب أيضا قريبك وعدوك وجارك فلا تكتفي بمشاعرك فقط للتعبير عن حبك لله ولقريبك بل بالفعل والعمل الصادق (مثل السامري الصالح). وان لم تستطع تقديم العون فأبحث عن من يمكنه تقديم المحبة والخدمة. ان الله نفسه قد علّمنا بمثاله ان نفعل كل شيئ حسنا لكل الناس عْطُوا تُعْطَوْا، كَيْلًا جَيِّدًا مُلَبَّدًا مَهْزُوزًا فَائِضًا يُعْطُونَ فِي أَحْضَانِكُمْ. لأَنَّهُ بِنَفْسِ الْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ».(لوقا38:6) و “ وَإِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ فَضْل لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضًا يُحِبُّونَ الَّذِينَ يُحِبُّونَهُمْ.َوإذا أَحْسَنْتُمْ إِلَى الَّذِينَ يُحْسِنُونَ إِلَيْكُمْ، فَأَيُّ فَضْل لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ هكَذَا.(لوقا32:6-33). وأيضا علينا ان الَّذِي يُعَزِّينَا فِي كُلِّ ضِيقَتِنَا، حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نُعَزِّيَ الَّذِينَ هُمْ فِي كُلِّ ضِيقَةٍ بِالتَّعْزِيَةِ الَّتِي نَتَعَزَّى نَحْنُ بِهَا مِنَ اللهِ.“(2كورنثوس4:1). صلاة: يا قديسة مريم مثال لكل فضيلة انا أسجد أمام قدميك وانا كلي خجل من فتوري وعدم شكري فصلي من أجلي ليسوع ابنك حتى يأتي الي قلبي ليسكن فيه ويمحو كل ضعف وخوف من قلبي ويعطيني قلبا محبا مثل قلبه وسخاء لأقدم الخير نحو كل شخص فيمجد الله في كل وقت ومكان. اكرام: لا تهمل اعترافك بالخطايا و حاول التناول في هذا الشهر نافذة: يا ملجأ الخطاة صلّي من اجلنا |
|