رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تَشْتَاقُ بَلْ تَتُوقُ نَفْسِي إِلَى دِيَارِ الرَّبِّ. قَلْبِي وَلَحْمِي يَهْتِفَانِ بِالإِلَهِ الْحَيِّ [2]. أينما وجد الإنسان غالبًا ما يعاني من الصراع بين اشتياقات الجسد واشتياقات الروح؛ يشعر كأن معركة قد ثارت في أعماقه بين شهوات الاثنين. أما إذا دخل الإنسان إلى بيت الرب تحت مظلة روحه القدوس، فتتحول المعركة إلى انسجام رائع. ترتوي النفس من ينابيع حب الله، ويتهلل الجسد بكل كيانه. * مثمران وسعيدان هما العقل والقلب اللذان يمتلئان نهارًا وليلًا بالشوق نحو مسكن الرب! عندما يحل الموت بالخاطي لا يكون فكره مشغولًا بهذا المسكن، بل بالعقوبات. إنه لا يتأمل في ملكوت السماوات، وإنما في رعب لهيب جهنم... انظروا مدى الحب والشوق اللذين ينخسان نفس القديس بالشوق نحو ديار الرب. ممتاز هو قول المرتل: إني أتأمل في المدخل، أما ما هو في الداخل فلست أعرفه. "قلبي ولحمي يهتفان بالله الحي..." ها أنتم تلاحظون أن النفس والجسم يشتركان معًا في الشوق نحو ملكوت السماوات. لو كان بالحق الجسم ينحل وينتهي في أهواء ولا يقوم ثانية كما يظن الهراطقة، فكيف يمكن لجسم النبي أن يشتاق إلى ملكوت السماوات؟ "قلبي ولحمي" إذ يتألمان ويتعبان بالتساوي، فإنهما على قدم المساواة ينتظران المكافأة. إن كان جهادهما مشتركًا، فلماذا لا تكون مكافأتهما مشتركة؟ أتوسل إليكم أن تنصتوا باجتهاد لما سأقوله. الجسم في العالم الحاضر يتعب أكثر من النفس، فإن النفس تأمر والجسم يخدم. تعب الخادم شيء ومباهج الآمر شيء آخر. النفس تتوق إلى الرب! الجسد يصوم، إنه الجسم هو الذي يرقد على الأرض في البرد، وهو السجين، وهو الذي يُجلد عند الاستشهاد، ويُذبح، ويُشتم، ويُعامل بعنفٍ. والنفس أيضًا تتألم، لكن الألم لا يصل إليها إلا من خلال الجسم. * "قلبي ولحمي يهتفان بالإله الحيّ" [2] يصعب على جسم إنسان ونفسه أن يكونا في انسجام كامل. إنه بالحقيقة كما يقول الرسول أن الروح تقاوم الجسد، والجسد يقاوم الروح (غل 5: 17)، فماذا تعني الكلمات: "قلبي وجسدي يهتفان"؟ هذه الصلاة تصدر فقط من ذاك الذي نفسه ثابتة بالكامل في حب الله... إنه ذات الفكر الذي يعبِّر عنه مزمور آخر: "عطشت إليك نفسي، يشتاق إليك جسدي" (مز 63: 3). هذا هو الجسد الذي يشتاق إلى الرب، الذي كتب عنه في موضع آخر: "كل البشر يرون خلاص الله" (انظر لو 3: 6). أما الجسد الذي يقول عنه الكتاب: "كل بشر هو عشب" (إش 40: 6) فإنه لا يشتهي الرب . القديس جيروم * لأني سأدخل موضعَ الخيمة العجيبة، إلى بيت الله، بصوت الفرح والحمد، بصوت جمعٍ معيَّد واحد" (مز 42 :4). بكى (داود) بحق لأنه كان يسكن الأرض، بينما المظال السماوية تنتظره، حيث يدخل في الوقت المناسب إلى قدس القدير (قابل مز 84 :2، 3، 10)، وفي الحقيقة، فقد فضل وآثر ذلك الموضوع على كل ثروةِ مملكته، كما شهد هو قائلًا في نصٍ آخر: "واحدةً سألتُ من الرب، وإياها التمس أن أسكن في بيت الرب كلَ أيام حياتي، لكي أنظر إلى فرحِ الرب" (مز 27 : 4) وفرحُ الربِ في الكنيسة. الكنيسة أيقونة السماويات وبعد أن يزول الظل حقًا، تظهر الأيقونة جلَّيةً (قابل عب 10 :1؛ كو 2 :17). والظل هو المجمع اليهودي. وفي الظل الناموس، لكن في الإنجيل الحق. لهذا فإن أيقونةَ الحق تسطع في نور الإنجيل، لهذا بكى المرتل بسبب تأجيل الخيرات التي امتلأت حتى الحافة كاملةً بالنعمة والفرح . القديس أمبروسيوس |
|