رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أيقونة مارجرجس وحقيقة التنين والفتاة المرسومين فيها بالطبع في هذه المناسبة نتحلى بذكر سيرته التاريخية المرموقة وسط سير القديسين فهو البطل الذي واجه بإيمانه أعظم أباطرة الرومان وهزمهم بمحى اسمائهم من ذاكرة البشيرية التي حفرت اسمه في قلوبها وتغنت بسيرته وعلت اسمه. لكن في هذه المرة نشير إلى الأيقونة التي شاعت للقديس حيث نجده مرسوم قائدا بملابس الميدان كاملة، ممتطيا جواده وفي يده حربة طويلة يطعن بها تنينا مرعبا، ومن خلفه فتاة تقف أمام قصر كبير تشاهد القديس مارجرجس يصارع التنين ويغرس في فمه الحربة. فقد ذكرت الكثير من المراجع بعض التفسيرات الروحية الرمزية وإنما الواقع التحليلي قد ذكره الباحث چوزيف ممدوح في كتابه “قصة مار جرجس بين التاريخ والتقليد الشعبي” وذكر أنه قد اختلف الآراء في تفسير معني هذه الصورة، كما اختلف المؤرخين في تحديد الزمن الذي ظهرت فيه. ويرجع أنها لم تعرف بوصفها الحالي قبل منتصف القرن الرابع الميلادي. ويرجع الرأي الأول إلى ان البعض يقول أن الصورة كلها مستوحاه من أسطورة فرعونية منذ الاف السنين قبل الميلاد، وهي أسطورة إيزيس واوزوريس وابنها حورس، حيث صور قديما على شكل صقر وهو يمتطي حصانا ويطعن ست إله الشر المرموز له بالتمساح بالحربة وهذا النحت موجود في المتحف المصري بالقاهرة وقد جاء من ميت رهينة بالجيزة، ويوجد مثل اخر في اخميم بسوهاج واخر في مجموعة فيكتوريا والبرت بمتحف لندن ونحت اخر في متحف اللوفر بباريس. يقول المترجم الفرنسي سكوت مونكريف : ” من المعروف تماما ان اصل ايقونة القديس مار جرجس والتنين وجدت في تصويرات المصريين عن الحرب بين حورس وست” وقد ذكر ان النقش، الذي في معبد هيبس في الواحة الخارجة بمحافظة الوادي الجديد هو الذي اوحي برسم مار جرجس، حيث وجد ان حورس في الرسم مع اسد ويضع الحربة علي الوحش، كما يذكر ان جاورجيوس خلق في مصر وبعدها في بيزنطة ومنها الي الغرب، وان اسم جرجس Girgis أي جورج George اشتق من اسم الواحة الخارجة Garga او Kharga . وما يذكر في هذا المجال ان هذه الرمزية التي ادخلها المصريون في الفن المسيحي جاءت اصلا من مصر الفرعونية واخذها عن مصر كل العالم المسيحي، فتصور حورس فوق حصان وهو يطعن الشر ظل في وجدان المصريين حتي القرن الخامس ولم يكن مرفوضا تماما لأنه كان يرمز الي الخير والانتصار علي الشر . ولذلك قصة الشهيد العظيم مار جرجس والتنين تحمل معنى رمزيًا والتنين يُشير إلى الشيطان الذي يحرك العالم الشرير ضد الإيمان وهزيمة التنين تُشير إلى هزيمة الشر ومصدره (إبليس) بقوة الإيمان. والحربة تشير إلى صليب رب المجد يسوع الذي يهب النصرة. والرأي الثاني يشير إلى أن بعض المصادر الكنسية المتداولة في بلاد السورية تقوا انها أسطورة شعبية نشأت متأخرة في القرن السادس الميلادي على أكثر تقدير، وجاء في هذه الأسطورة أن القديس مار جرجس فتك بالتنين في شمال بيروت مباشرة ولا تزال إلى الآن عند مصب نهر بيروت كنيسة مهدمة تحمل اسمه لتحي ذكرى انتصاره . تقول الأسطورة :”أنه في مدينة اللد في فلسطين (في روايات أخرى مدينة سيريني في ليبيا) كان هناك تنين ضخم بني عشه في مدخل نبع النهر. وكان السكان المحليين وثنيين ويعبدونه كآله، يحاولون إخراج التنين من عشه لكي يستقوا من مياه النبع حيث كان المصدر الرئيس للماء في المدينة. ولكي يخرجوا التنين كانوا يوميا يضعون له خروف كغذاء, وعندما نفذت الخراف كانوا يضحون بشخص مختار بالقرعة. وحدث أنه كانت الضحية أميرة محلية، وحينها صدف أن القديس جرجس يمر بالحادث حيث يقوم بمقاتلة التنين متحاميا بالصليب, ثم يتغلب على التنين ويقتله محررا الأميرة. ولكي يظهر السكان امتنانهم اعتنقوا المسيحية” . والبعض يقول أن الإمبراطور يوستنيان أنشأ كنيسة في اللدة: وهي مدينة قديمة تقع في الطريق ما بين أورشليم وقيصرية فيليبي. فيها صارع الشهيد مار جرجس التنين– حسب التقليد المسيحي– وقد أشيع أن السيد المسيح سيأتي فيها ويقتل التنين “ضد المسيح”. اشتهرت اللد بالأرجوان. لفترة طويلة عكف الفنانين المسيحيين على تصوير القديس مار جرجس كشاب شجاع يرتدي ملابس عسكرية وهو يقاتل تنينا من على صهوة جواد قوى وأرجع البعض تلك الصورة إلى أساطير قديمة من العصر الروماني. وفي النهاية توصل الباحث چوزيف ممدوح إلى نتيجة الدراسة التي قام بها وهي أن العديد من الدارسين أكدوا إن هذا التصوير رمزي بالدرجة الأولى بدليل إن معظم إيقونات الشهداء صورت على مر التاريخ بنفس الطريقة ولعل التفسير الأدق للتنين في أيقونة مار جرجس هو إشارة للوثنية والشيطان الذي يسحقه القديس، واعتبر مرجع أخر إن التنين يرمز للطاغية داديانوس أو رامز الشيطان أو رامز الوثنية. ويصور بحجم أصغر لبيان حقارته وتحقير شأنه بجانب القديس العظيم الذي جاءه من السماء ليطعنه بالحربة. لقد حارب مار جرجس التنين داديانوس الشرير وانتصر عليه وانقذ الأمانة المسيحية من طغيان دولة الشر والاصنام فصورة مار جرجس التقليدية تحمل معني روحي نبيل فالبطل قد جاهد في سبيل الكنيسة المقدسة وانتصر على الشيطان الذي رمز له بتنين وفي هذا معنى روحي رائع تحمله لنا صورة البطل الشهيد ما نكاد ننظرها حتى نتذكر جهاده المظفر ضد الوثنية وانتصاره عليها ورفع الوية كنيسة المسيح واستحق بحق لقب أمير الشهداء. وأما الأميرة التي تظهر في الصورة فهي زوجة الإمبراطور التي اعتنقت المسيحية وأمر بقطع رأسها، واعتبر مرجع أخر ترمز الأميرة للكنيسة. بسبب تسرب أخبار الشهيد جرجس إلى الأوساط الشعبية فأخذوا يبنون عليها القصور والعلالي. وبعد أن عزت المسيحية بتنصر قسطنطين أُقيم له عيد بولغ في تكريمه وأخذت الخوارق تتوافر بشفاعته ولكن الناس عمدوا إلى المبالغة في التحدث عنها. واتفق إن قسطنطين اتخذ جرجس شفيعاً لجيشه وأقام له تماثيل رمزية نصبت في بعض مدن المملكة، تمثله راكباً ظهر جواده وتحته تنين يطعنه برمحه إلماعاً إلى انتصاره على عباده الوثن، إلى جانبه فتاة يشير بها إلى البلاد أو المدينة التي خلصها من الشرك باستشهاده. فمن هذا التمثال حاك العامة حول القديس جرجس أسطورة التنين وقصة بنت الملك ونسبوها إلى عدة مدن. |
|