رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ختاما عن الصوم بقلم قداسة البابا شنودة 5\9\2010 ماهو الصوم؟ ولماذا نصوم؟ هل لأن الصوم وصية إلهية علينا أن نطيعها؟ ولماذا أمر الله بالصوم؟ إن الله لا يأمرنا بشىء إلا لخيرنا. إذن لابد هناك فوائد لنا من الصوم من أجلها أمرنا الله به. ثم ماهو الصوم؟ هل هو مجرد علاقة بين الجسد والطعام؟ أم هو فى الأصل علاقة مع الله؟ نعم يا اخوتى، إننا لو فصلنا الصوم عن الله، لا يصبح فضيلة على الاطلاق، فنحن من أجل الله نأكل، ومن أجل الله نصوم. من أجل الله نأكل، لكى نأخذ من الاكل طاقة نستطيع بها أن نخدم الله والناس. ونحن من أجل الله نصوم، لأن الصوم يقربنا إلى الله بالاكثر . فى الصوم يكون الجسد تحت سيطرتنا، ولا نكون نحن تحت سيطرة الجسد، وكما نمنع الجسد عن الطعام، نمنع النفس أيضا عن الخطايا والآثام، فنكون أثناء الصوم، لسنا فقط بجسد صائم، وإنما أيضا بنفس صائمة. وعن أى شىء تصوم؟ يذكرنى هذا بقول أحد الآباء الروحيين: صوم اللسان خير من صوم الفم. وصوم القلب عن الشهوات الرديئة هو خير من صوم الاثنين. وفى الصوم أيضا لا ننجس عقلنا بفكر ردىء . وفى الصوم اكتساب لفضائل كثيرة: منها تقوية الإرادة، وضبط النفس والتدرج على ترك خطايا محبوبة لنا وعادات خاطئة، ومنح الروح فرصة بعيدا عن رباطات الجسد، وفى الصوم أيضا التدرج، تدرج على فضائل معينة. وهكذا يكون الصوم فترة روحية، أو فترة مقدسة. ولا يكون الصوم مجرد جوع للجسد، بل يكون غذاء للروح. فمن الفضائل المصاحبة للصوم: التوبة. والصوم من غير توبة، لا يكون مقبولا عند الله، ولا يستفيد منه الإنسان. والخطية التى يرتكبها الشخص اثناء صومه تكون أبشع. لأنها تدل على أنه لم يبال بقدسية أيام الصوم. ذلك لأن شهر الصوم هو شهر بر وقربى إلى الله. فعلى الصائم أن يتخلص من الأخطاء التى تبعده عن الله وعن الناس، ويتخلص من الكراهية ومن الحقد ومن خطايا النرفزة، ومسك سيرة الناس. ويتدرج أيضا على مقاومة الوقت الضائع الذى هو جزء من حياته. ويخرج من الصوم بحياة افضل، ويكون اكثر نقاوة وطهارة قلبا وفكرا وجسدا . فهل شعرت يا أخى الصائم، بأن الصوم قد غيرك إلى الأفضل! أم خرجت من الصوم، وأنت كما أنت بنفس الطباع، ونفس الأخطاء!! إن كان الأمر هكذا فماذا استفدت من صومك؟! كم أصوام يا إخوتى مرت علينا على مدى أعوام طويلة، ونحن كما نحن؟! إن الصوم بلا شك له فوائده الكثيرة، هذا إذ كنا نصوم فيه بطريقة روحية سليمة، وبالرغبة فى النمو الروحى بواسطته، وتعميق الصلة مع الله تبارك اسمه. وشهر الصوم أيضا هو شهر رحمة يشعر فيه الصائم بالجوع فيشفق علي الجياع، وهكذا تنمو فيه فضيلة العطاء وتستمر معه . الجياع موجودون طوال العام وليس فى شهر الصوم فقط. إذن إذا بدات فضيلة العطاء فى شهر الصوم، يجب أن تستمر حتى تصبح منهج حياة، وأنت حينها تعطى، إنما تعطى من المال الذى أعطاك الله إياه، واصبحت مجرد مؤتمن على تدبيره ليس لخيرك فقط إنما لخير الآخرين أيضا . أنت تعطى فيعطيك الله بالاكثر وإذا امسكت يديك فأنت الخاسر. وما اصدق قول الشاعر عن الأموال: فهى بالإنفاق تبقى.. وهى با لإمساك تفنى إنها مثل قدح من القمح تلقيه فى الأرض فيعطيك طنا من الغلة. إن الفقراء هم رعية الله. أعطاك لتعطيهم، وبالنسبة إليك هم إخوتك فى البشرية. فإن كنت لا تعطى فى فترة الصوم، فمتى ستعطى أذن؟!! والصوم ايضا هو فترة تتفرغ فيها لله بالأكثر. هي فترة أكثر للصلاة وللتأمل ولانشغال الفكر بالله. وهنا اسأل فى صراحة: ما هو نصيب الله فى صومك؟ هل مشاغل الدنيا ومشاكلها تملا فكرك اثناء الصوم؟ وتتوه فى دوامة العمل، ودوامة الأخبار، ودوامة الأحاديث... وتشغل فكرك بالتافهات؟ ولا يبقى وقت لله فى مشغولياتك. إن كنت إنسانا روحيا، فعليك أن تقول لجسدك اثناء الصوم: أنا لست متفرغا لك الآن. بل أنا مشغول بعملى الروحى، وطعامى الحقيقى هو كل كلمة تخرج من فم الله . يا أخى إن يوم الصوم الذى لا تفكر فيه فى الله وفى وصاياه، اشطبه من أيام صومك. لا تجعل مسئولياتك تطفى وتستقطب كل أفكارك. بل إجعل لها حدودا، فتقوم بها ولكن بحيث لا تنسيك واجباتك نحو الله. وليتك فى برنامج صلاتك، ان تصلى من أجل الآخرين أيضا من أجل كل محتاج إلى المعونة. ان الصوم ليس هو أرغاما لك علي عدم الاكل بل هو ارتفاع منك عن شهوة الاكل وان يكون صومك بغرض روحى. ويصير الصوم فترة تخزين روحى للعام كله. ومن هنا تختلف أيام الصوم عن باقى ايام السنة. إن الصوم هو فترة ترتفع فيها الروح فتجذب معها الجسد، وتخلصه من أحماله وأثقاله. فلا نهتم بما للجسد بل بما للروح. نريد أن تكون أرواحنا مع الله، وألا يعوقها الجسد فنخضعه بالصوم، لكى يرتفع عن المستوى المادى ويتحد مع الروح فى عملها . وهنا يكون عمل الجسد أثناء الصوم هو مجرد تمهيد للروح او تعبير عن مشاعر الروح. ويصبح الجسد روحيا فى منهجه. وتكون فترة الصوم هى فترة روحية يقضيها الجسد والروح معا فى العمل الروحى، إن اخطر ما يتعب البعض فى الصوم: ان الجسد لا يتغذى والروح ايضا لا تتغذى! فيكون الصوم بذلك فترة حرمان متعبة! إذن لابد من غذاء الروح اثناء الصلاة، وغذاء الروح هو فى صلاة القلب، وفى التأمل، وفى القراءات الروحية، وفى التسا بيح والتراتيل... والروح إذا تغذت تستطيع أن تحمل الجسد معها . إنك تغذى جسدك كل يوم ومرات عديدة، وبأنواع شتى من الأطعمة. فهل تغذي روحك هكذا؟! وأنت تعطى جسدك مقويات عددية. فهل تعطى روحك كذلك؟! ليتك تهتم بروحك على الأقل كما تهتم بجسدك. |
|