رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
[SIZE="6"ثمة كارثة يبدو أن جماعة الإخوان المسلمين لا تنتبه لها، أو ربما تنتبه، لكن دهاقنتها لا يشعرون بخطورتها، ولا بنتائجها الوخيمة على الجماعة في اللحظة الراهنة، والمستقبل القريب والبعيد.
الكارثة تكمن في أن الجماعة، تخسر بامتياز كل يوم رصيداً في الشارع المصري، رصيداً لا ينحصر في أتباع التيارات المدنية، الذين يناهضون فكرة مزج الدين بالعمل السياسي، أو بالأحرى الذين يرفضون الدين والسياسة، على الطريقة المتأسلمة الإخوانية، ولا يقتصر على شريحة الأقباط التي تعاملت مع الجماعة بقلب مفتوح "نسبياً"، لكونها بدت في مرحلة "الاستضعاف والمسكنة" أكثر نعومة من تنظيمات متشددة، جهادية أو تكفيرية أو سلفية، وليست تتمثل في شريحة المترددين ممن كانوا بالأمس القريب يرددون: علينا بالصبر أربع سنوات، فإن أصلحوا شأن البلاد والعباد، فأهلا ومرحى، وإن أفسدوا جعلنا لنا رئيساً من غيرهم. الإخوان يخسرون الجميع، ويفقدون الكل بحماس وإصرار ليس لهما من نظير، إلى درجة أن التكفيريين أصدروا فتاوى بالخروج على الرئيس محمد مرسي وتكفيره، والسلفيون يشعرون بالمرارة، ويتألمون لصفعة الإخوان على "قفاهم" إذ وعدوهم بأربع حقائب وزارية، حال فوز مرسي، إن ساندوه، ولما فعلوا منحهم الإخوان حقيبة البيئة، في تصرف لم يخلُ من شبهة سخرية واستهزاء، كون هذه الوزارة كانت في عهد المخلوع، شبه مقتصرة على الأقباط، ضمن توزيع أشبه ما يكون بالمحاصصة الطائفية في لبنان. قلت في مقال سابق: إن الإخوان يصنعون لأنفسهم جيتو، لا يختلف عن الجيتوهات اليهودية في أوروبا، ويتحصنون مثل بني النضير وقريظة وقينقاع في يثرب خلف حصون، وكذلك مثل دولة الصهاينة، خلف جدران عازلة، أو سواتر عالية كخط بارليف، وناقشت خطورة أن يعزف الإخوان على ربابة الأمس، فيولولون وينوحون وهم يذكرون الماضي، بما فيه من سجون ومعتقلات وسراديب مظلمة، تماماً مثلما يتحدث اليهود عن محارق هتلر.. وحاولت أن أشرح أن مشكلة تنظيم الإخوان تتجسد في أنه ما أن خرج من السجون، إلى العمل في النور، أصيب بحالة من "الفجع" والنهم والشره السياسي، وبالرغبة في ابتلاع الوطن كله على مرة واحدة. بعض المواطنين، شرعوا يكرهون كل ما له صلة بالإخوان، إلى درجة أن سيدة بسيطة من منطقة شعبية بالإسكندرية، قالت لي بالحرف الواحد: "لم أعد أرغب في التعامل معهم، حتى إني قاطعت البقال على ناصية الشارع، لأنه إخواني، وأصبحت أمشي مسافة طويلة، لأشتري ما يحتاجه البيت من بقال قبطي". هذه الحالة ليست خاصة، فالكثيرون كفروا بالقول وعكسه، وأصبحوا يتندرون على تصريحات المرشد الذي قال ذات يوم على قناة دريم: إن الجماعة لن ترشح رئيساً، ولن نؤيد الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، وإني شخصياً أخشى على مصر من رئيس إخواني.. ثم رشحت الجماعة رئيساً، فكان من بشائر نهضته المباركة -أخشى أن في المفردة نسبة إلى المخلوع- أن أغلق القناة التي استقبلت "أهله وعشيرته" وسمحت لهم بالتعبير عن أنفسهم عبرها، وقت كانوا يتسولون خبراً في عمود لا يكاد يُرى في الصحف، وقبل أن تكون المحظورة محظوظة! كما يتندرون على رئيس، قال في حملته الانتخابية، لو خرجت المظاهرات ضدي سأرحل، لكنه لما وصل إلى كرسي الحكم، وجده أريح من "البُرش" في سجون أمن الدولة، فقرر التشبث به إلى النهاية، وأخذ رجال الشرطة، في عهد أمير المؤمنين الميمون -نسبةً إلى اليمن لا شيء آخر- يقتلون المتظاهرين الذي هتفوا مجدداً: "الشعب يريد إسقاط النظام". هكذا ينعزل الإخوان، والمؤكد أن انعزالهم عن الجميع، سيؤدي إلى نهايتهم، بعد أن يعضوا أصابع الندم على فرصة، ضيعوها بعد أن تربصوا لانتهازها لمدة ثمانين عاماً، وسيسقطون من فوق ظهر ثورة، حسبوا أنهم ركبوها، من دون أن يعلموا أن الثورة بما في صدور شبابها من جموح وعزم كالخيول البرية تأبى الترويض، ولا تُستأنس مهما كان "السائس" ماكراً حاذقاً. الميادين التي أخرجت رموز الجماعة، من غياهب السجون، وأدخلتهم غزاة فاتحين إلى البرلمان وقصر الرئاسة، قررت أن "تكنس" الإخوان إلى الأبد، لأنها قرأت تفاصيل المؤامرة، وفكت شيفرة التنظيم السري، والدليل تلك اللافتة الكبيرة المعلقة على مدخل شارع محمد محمود، أو بالأحرى "عيون الحرية" والمكتوب بخط نسخ جميل عليها: ممنوع دخول الإخوان. نقلاً عن المشهد ] [/SIZE] |
|