|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وَهَبْنِي ضَلَلْتُ حَقًّا. عَلَيَّ تَسْتَقِرُّ ضَلاَلَتِي! [4] "وهبني ضللت حقًا"، بمعنى افترضوا أن اتهاماتكم صدق، وأنني بالحق ضللت، سواء كان ذلك عن جهلٍ أو خطأٍ، فكل إنسانٍ معرض لهذا، فإن هذا يمس حياتي، لأن ضلالتي - إن كنت أخطئ عن عمد وخبث وخداع - تستقر عليّ لا عليكم، فلماذا كل هذا الهجوم القاتل؟ ربما يعني إن كنت بالحق مخطئًا وشريرًا، وأنا أتألم بسبب شري، وحلت كل هذه النكبات عليّ، اتركوني في مرارتي، لماذا تضيفون على آلامي آلامًا؟ * "إنكم تنتصبون ضدي "، كأنه يقول لهم: "كان يليق بكم، بمناسبة ضربي (بالتجارب) أن تنتصبوا ضد أنفسكم. هذا هو التدبير الحسن للانتصاب في جانب الصلاح، أن نقف أولًا ضد أنفسنا، وبعد ذلك ضد الأشرار. ننتصب ضد أنفسنا عندما نتطلع إلى أعمالنا الشريرة، ونضرب أنفسنا بعقوبة الندامة القاسية، ولا نترك أنفسنا قط في خطايانا، ولا ننحاز بأي فكر أحمق نحو أنفسنا. يلزمنا أولًا أن نقتفي في صرامة أثر شرورنا في داخلنا. عندئذ يكون من العدل أن ننتصب لمقاومة الشر في الآخرين لأجل نفعهم، والشر الذي نعاقبه فينا نطبقه أيضًا في الغير... هذا النوع من الانتصاب لا يعرف عنه الأشرار شيئًا، إذ يتركون أنفسهم ويهاجمون الصالحين... لذلك بحقٍ قيل لأصدقاء الطوباوي أيوب الذين كانوا متكبرين عليه وهو تحت العقوبة: "تنتصبون ضدي". بمعنى آخر قيل لهم: "تتركون أنفسكم التي تستحق اللوم، وتنتهرونني بعبارات قاسية". فمن لا يحكم على نفسه أولًا، يجهل الحكم على الغير باستقامة... هكذا قيل للذين كانوا يتصرفون بخداع عندما جاءوا بزانية لتسقط تحت الحكم: "من كان منكم بلا خطية، فليرمها أولًا بحجرٍ" (يو 8: 7). فقد جاءوا يعاقبون خطايا الغير، وتركوا خطاياهم خلفهم. البابا غريغوريوس (الكبير) أزل عنك الكراهية حتى تستطيع إصلاح من تحبه. حسنًا يقول الرب "يا مرائي" لأن الإنسان المحب، وحده الذي له أن يشتكي من خطايا الآخرين، أما الشرير، فمتى اشتكى على الآخرين يكون مرائيًا، إذ يظهر نفسه بصورة غير التي هو عليها... فهناك صنف من المتصنعين يشتكون من خطايا الآخرين كالكراهية والضغينة بقصد الظهور بمظهر أصحاب المشورة... لنحذر لئلا نسقط في هذا، كذلك إذا اضطررت إلى الكشف عن أخطاء الآخرين أو انتهارهم، فلننظر إلى أنفسنا إن كنا نرتكب نفس الخطايا، أو سبق لنا ارتكابها. فإن كنا لم نرتكبها لنعلم أننا بشر معرضون للخطية. أما إن كنا قد ارتكبنا الخطية من قبل وقد تحررنا منها، فلنذكر ضعفنا على الدوام. لذلك وجب علينا أن نكنّ لمن نكشف أخطاءهم المحبة لا الكراهية... ولنحذر لئلا ننشغل بخطاياهم... فلا نلوم الخاطئ ولا ننتهره، بل نحزن بشدة على حالتنا هذه، غير طالبين منه أن يطيعنا، بل أن يجاهد معنا. * علينا ألا نستخدم التوبيخ إلا نادرًا. وإذا اضطررنا إلى استخدامه يجب علينا أن نسعى بشغفٍ إلى خدمة الله لا أنفسنا. ليكون لنا هدف واحد، فلا نفعل شيئًا بقلب مزدوج. لنُخرج من أعيننا خشبة الحسد أو الحقد أو التصنع، حتى نتمكن من الإبصار فنخرج القذى من عيني أخينا. للنظر إلى القذى بعيني الحمامة، اللتين لعروس المسيح (نش 1:4)، التي اختارها الله لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن، أي نقية لا غش فيها (أف 27:5) . القديس أغسطينوس القديس مقاريوس الكبير الأب يوحنا كرونستادت |
|