رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هل سمح الله بهلاك عمورة وسدوم بدون تنبيه مُسَبَّق؟ سؤال سألني حد عن موضوع إزاي حصل خراب سدوم وعمورة من غير ربنا يبعت لهم رسول يعرفهم التوبة وطريق الصلاح؟! الإجابة أولًا: الله لا يتعامل مع الجميع بالمثل.. فهناك شخص يحتاج إلى إرشاد بسيط، وآخر يحتاج إلى عقاب حاد، وثالث يحتاج إلى الإقناع واستيعاب الأمور بهدوء، ورابع تكفيه مجرد إشارة من بعيد، أو تنبيه غير مباشر.. وهناك بعض الأشخاص يضطر الرب إلى تحذيرهم وإنذارهم بتجارب شديدة مثل الوقوع في يد الأعداء أو الإصابة بمرض صعب أو فقدانهم لعزيز... وغيرها من التجارب التي يهدف بها الله عدول الإنسان عن طريق الشر لخلاص نفسه بعدما يكون قد استخدم معه كل الأساليب التي يمكن أن تجذبه حتى يعود إليه.. إلخ. فإذا لم يستجب الإنسان لكل ذلك فمن عدل الله أن ينزل به العقوبة التي يراها عادلة بلا شفقة ليكون عبرة لغيره. وقد أعطى لنا بطرس الرسول في رسالته الثانية ثلاثة أمثلة على عدل الله الذي لا يتعارض مع رحمته: المثل الأول: عدم إشفاق الرب حتى على ملائكة السماء الذين تكبروا فسقطوا وحكم عليهم بالعذاب الأبدي، والمثل الثاني: عدم إشفاق الرب على العالم القديم أيام نوح فجلب عليهم طوفانًا بسبب فجورهم. والمثل الثالث: تحويل الرب سدوم وعمورة إلى رماد جاعلًا منهم عبرة لكل من يعيش حياة فاجرة ويتمادى في الشر. وفي كل هذا يسير عدل الله إلى جوار رحمته. ففناء الأشرار فيه رحمة للأبرار. ثانيًا: كما أن العقوبة تختلف باختلاف درجة الذنب، وعدل الله يقتضى أن تكون العقوبة على قدر الخطية وهناك أيات كثيرة في الكتاب المقدس تدل على ذلك: · فنجد الرب يسوع له المجد يقول في العظة على الجبل: "من قال لأخيه رقا يكون مستوجب المجمع. ومن قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم" (مت5: 22)، وواضح هنا أن العقوبة تختلف حسب درجة الذنب. · ومن جهة اختلاف الخطية في الدرجة وفي موقف الكنيسة منها يقول القديس يوحنا الحبيب".. توجد خطية للموت. ليس لأجل هذه أقول أن يطلب. كل إثم هو خطية. وتوجد خطية ليست للموت" (1يو 5: 16، 17). والخطايا التي ليست للموت تدخل في نطاقها الخطايا غير الإرادية وخطايا الجهل وخطايا السهو. ولاشك أن هناك فرقًا كبيرًا بين الخطية غير الإرادية، والخطية التي تتم بكل إرادة وتصميم. كما أن هناك فرقًا بين خطايا الجهل، والتي بمعرفة... · حتى الذين يذهبون إلى جهنم تتفاوت درجة عذابهم ولهذا يقول السيد المسيح عن كل من المدن التي رفضته ورفضت الإيمان ورفضت تلاميذه "الحق أقول لكم ستكون لأرض سدوم وعمورة يوم الدين حالة أكثر احتمالًا مما لتلك المدينة" (متى 10:15)، (متى 11: 24). وعبارة "حالة أكثر احتمالًا من ..." تدل على تفاوت في العقوبة، مبنية على التفاوت في الذنب. · والتفاوت في الذنب واضح من الناحية العملية فالذى يزنى بالفكر مثلًا ليس مثل الذي يزنى بالفعل، لأنه يكون في هذه الحالة قد نجس جسده وجسدًا آخر معه. والذي يزنى بالفعل، ليس مثل الذي يزنى بالاغتصاب، فهذا أبشع. وكذلك الزنى بالمحارم (لا 20). · وكذلك في خطية الغضب فكان في العهد القديم من يضرب شخصًا عاديًا تطبق عليه في القضاء قاعدة "عين بعين وسن بسن" (لا24: 19، 20) أما الذي كان يضرب أباه أو أمه، فكانوا يرجمونه بالحجارة "من سب أباه أو أمه، فإنه يقتل ... دمه عليه" (لا20: 9). وحكم الله على سدوم وعمورة كان حكمًا عادلًا للأسباب الآتية:- 1) أنهم شعب لم يُقدر نعم الله عليه بل انحرف إلى طريق الشر وتمادى فيه بإصرار عجيب ووقع في أبشع الخطايا التي يمكن أن تخرج الإنسان من دائرة مراحم الرب. ويتضح ذلك مما يلي: أرض سدوم وعمورة كانت أرضاَ يقول عنها الكتاب "أن جميعها سقى، قبلما أخرب الرب سدوم وعمورة، كجنة الرب، كأرض مصر. حينما تجئ إلى صوغر" أي أن الله وهبها جمالًا وخيرًا جعلا لوط يختارها من بين كل الأراضى وكان أجدر بأهلها أن يسيروا فى الطريق المستقيم شكرًا لله وعرفانًا بجميله عليهم. ولكن أهل سدوم وعمورة كانوا أشرارًا بل ويعرفون أنهم يسيرون في طريق الشر.. فقد قال عنهم الكتاب "وَكَانَ أَهْلُ سَدُومَ أَشْرَارًا وَخُطَاةً لَدَى الرَّبِّ جِدًّا" (سفر التكوين 13: 13)، وقال عنهم الله: "إِنَّ صُرَاخَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ قَدْ كَثُرَ، وَخَطِيَّتُهُمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدًّا" (سفر التكوين 18: 20).. 2) بالرغم من ذلك أراد الله أن يدركهم برحمته عندما أوقعهم في تجربة قاسية وهى وقوعهم في يد أعدائهم لعلهم يفيقون ويتضح ذلك مما يلي: فقد حذرهم وعاقبهم الله بالفعل عندما وقعوا في يد أعدائهم وهزموا في الحرب التي قامت عليهم في سفر التكوين 14، وهرب مَلِكَا سَدُومَ وَعَمُورَةَ (بَارَعَ و بِرْشَاعَ) بسبب الحرب التي نُهِبَت فيها أموال وممتلكات البلد، ونفوس أشخاص كثيرين، كان من بينهم لوط.. فهذا كان أحد العقوبات التي حدثت عليهم، والتي كانت بمثابة تحذير لهم من الرب، ولكنهم لم يتعظوا.. 3) كان يعيش في وسطهم لوط البار فبدلًا من أن يتمثلوا به. كانوا سببًا لعذابه ويتضح ذلك مما يلي: فنجد الكتاب المقدس يصور لنا حياة لوط في وسط أهل سدوم وعمورة فيقول: "إذ كان البار، بالنظر والسمع وهو ساكن بينهم، يعذب يومًا فيومًا نفسه البارة بالأفعال الأثيمة" (2 بط 2: 8). كما أنهم كانوا يصرّون على أن يتحول الجميع مثلهم.. فلا يرضيهم فقط أن يكونوا أشرارًا، بل يريدون أن يصبح الجميع مثلهم، وإلا يُعادونهم.. كما نجد إصرارهم على الخطية عندما "نَادَوْا لُوطًا وَقَالُوا لَهُ: «أَيْنَ الرَّجُلاَنِ اللَّذَانِ دَخَلاَ إِلَيْكَ اللَّيْلَةَ؟ أَخْرِجْهُمَا إِلَيْنَا لِنَعْرِفَهُمَا». فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ لُوطٌ إِلَى الْبَابِ وَأَغْلَقَ الْبَابَ وَرَاءَهُ، وَقَالَ: لاَ تَفْعَلُوا شَرًّا يَا إِخْوَتِي.." (سفر التكوين 19: 5-7). وكان رد فعلهم على لوط الذي حاول تخجيلهم بأن يعرض عليهم بناته بتهكم فيخجلوا من الأساس، أو حتى كان يردهم بطريقة غير سليمة (بالرغم من أن هذا بالطبع ليس تصرف سليم من لوط ويعتبر أحد ضعفاته)، فردوا عليه: "«ابْعُدْ إِلَى هُنَاكَ». ثُمَّ قَالُوا: «جَاءَ هذَا الإِنْسَانُ لِيَتَغَرَّبَ، وَهُوَ يَحْكُمُ حُكْمًا. الآنَ نَفْعَلُ بِكَ شَرًّا أَكْثَرَ مِنْهُمَا». فَأَلَحُّوا عَلَى الْرَّجُلِ لُوطٍ جِدًّا وَتَقَدَّمُوا لِيُكَسِّرُوا الْبَابَ" (سفر التكوين 19: 9). ونرى من هذه الجمل نقطتان: أولهما هو معرفتهم أنهم كانوا بالفعل أشرارًا، وهذا يتضح من دفع لوطًا قائلين "ابْعُدْ إِلَى هُنَاكَ"، ثم تهديده بقولهم "الآنَ نَفْعَلُ بِكَ شَرًّا أَكْثَرَ مِنْهُمَا".. أي أنهم يعرفون أنهم خطاة، ويتلذذون بهذا جدًا، ويرفضون رفض أي شخص آخر يسير على غير هواهم.. أي حتى ليس فقط يرفضون النصح، ولكن يرفضون أن يكون هناك بينهم مَنْ هو مخالف لما يتبعونه من فجور وشذوذ جنسي وغيره.. النقطة الثانية، أنه ها هو بالفعل صوت الله -وحتى إن كان من خلال شخص عادي- يقول لهم: "لاَ تَفْعَلُوا شَرًّا".. ولكنهم رفضوا اتباع الصوت.. الأمر بالضبط مثل موضوع التجديف على الروح القدس، وهو رفض عمل الله وصوت الله وروح الله العامل في الإنسان، رفضًا تامًا، بدون أي احتمالات للتوبة حتى نهاية الحياة.. ومن دلائل إصرار هذا الشعب على الخطية وعدم وجود أي استعداد للرجوع ما ذكره الكتاب المقدس عن رد فعل أصهار لوط عندما دعاهم للهرب من المدينة التي سَتُفنى، فنجده يقول: "فخرج لوط وكلم أصهاره الآخذين بناته وقال: "قوموا اخرجوا من هذا المكان لأن الرب مهلك المدينة". فكان كمازح في أعين أصهاره" (تك 19: 14)! 4) الله لم يحكم بحتمية عقوبتهم الرادعة إلا بعد تدقيق شديد. وقد أراد الرب طمأنتنا إلى عدالته في الحكم على سدوم وعمورة بأنه لا ينزل عقوبة بأحد إلا بعد أن يتحقق بذاته الإلهية من تعاظم خطيئته وإصراره عليها إلى الدرجة التي يخرج بها عن دائرة مراحم الله ويصبح لا مجال للعودة وذلك بقول الكتاب المقدس في (تكوين 18: 20،21) وقال الرب: "إن صراخ سدوم وعمورة قد كثر، وخطيتهم قد عظمت جدًا"، "أنزل وأرى هل فعلوا بالتمام حسب صراخها الآتى إلىَّ ، وإلا فأعلم". تأمل في كلمة "أنزل وأرى" التي تبرز لنا مدى تدقيق الرب قبل إصداره الحكم عليهم. 5) الله لم يجد في هذه المدينة إلا بار واحد وكان مستعدًا ألا يهلكها لو وجد فيها ولو 10 أبرار ويتضح ذلك مما يلي: من الأمور الهامة، هي أنه هناك كان شفيعًا عظيمًا عنهم.. وقديسًا لم يأتِ مثله في عظمة الإيمان مثل أبونا إبراهيم.. الذي كان يحاول أن يتشفَّع فيهم أمام الله لئلا يُهلِكَهُم الله.. وكانت صلوات وطلبات إبراهيم أب الآباء الرائعة التي يعرضها الكتاب مثالًا لا مثيل له.. وبرغم من كل هذا، كان الجميع ثابتي القلوب على الفجور، ومستمرين بكل طاقتهم وفكرهم وقلبهم وإصرارهم على ممارسة الخطية.. وها هو الحوار الرائع الذي أجراه النبي إبراهيم كليم الله: "فَقَالَ الرَّبُّ: «هَلْ أُخْفِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ مَا أَنَا فَاعِلُهُ، وَإِبْرَاهِيمُ يَكُونُ أُمَّةً كَبِيرَةً وَقَوِيَّةً، وَيَتَبَارَكُ بِهِ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ؟ لأَنِّي عَرَفْتُهُ لِكَيْ يُوصِيَ بَنِيهِ وَبَيْتَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَنْ يَحْفَظُوا طَرِيقَ الرَّبِّ، لِيَعْمَلُوا بِرًّا وَعَدْلًا، لِكَيْ يَأْتِيَ الرَّبُّ لإِبْرَاهِيمَ بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ». وَقَالَ الرَّبُّ: «إِنَّ صُرَاخَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ قَدْ كَثُرَ، وَخَطِيَّتُهُمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدًّا. أَنْزِلُ وَأَرَى هَلْ فَعَلُوا بِالتَّمَامِ حَسَبَ صُرَاخِهَا الآتِي إِلَيَّ، وَإِلاَّ فَأَعْلَمُ». وَانْصَرَفَ الرِّجَالُ مِنْ هُنَاكَ وَذَهَبُوا نَحْوَ سَدُومَ، وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَكَانَ لَمْ يَزَلْ قَائِمًا أَمَامَ الرَّبِّ. فَتَقَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ وَقَالَ: «أَفَتُهْلِكُ الْبَارَّ مَعَ الأَثِيمِ؟ عَسَى أَنْ يَكُونَ خَمْسُونَ بَارًّا فِي الْمَدِينَةِ. أَفَتُهْلِكُ الْمَكَانَ وَلاَ تَصْفَحُ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ الْخَمْسِينَ بَارًّا الَّذِينَ فِيهِ؟ حَاشَا لَكَ أَنْ تَفْعَلَ مِثْلَ هذَا الأَمْرِ، أَنْ تُمِيتَ الْبَارَّ مَعَ الأَثِيمِ، فَيَكُونُ الْبَارُّ كَالأَثِيمِ. حَاشَا لَكَ! أَدَيَّانُ كُلِّ الأَرْضِ لاَ يَصْنَعُ عَدْلًا؟» فَقَالَ الرَّبُّ: «إِنْ وَجَدْتُ فِي سَدُومَ خَمْسِينَ بَارًّا فِي الْمَدِينَةِ، فَإِنِّي أَصْفَحُ عَنِ الْمَكَانِ كُلِّهِ مِنْ أَجْلِهِمْ». فَأَجَابَ إِبْرَاهِيمُ وَقَالَ: «إِنِّي قَدْ شَرَعْتُ أُكَلِّمُ الْمَوْلَى وَأَنَا تُرَابٌ وَرَمَادٌ. رُبَّمَا نَقَصَ الْخَمْسُونَ بَارًّا خَمْسَةً. أَتُهْلِكُ كُلَّ الْمَدِينَةِ بِالْخَمْسَةِ؟» فَقَالَ: «لاَ أُهْلِكُ إِنْ وَجَدْتُ هُنَاكَ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ». فَعَادَ يُكَلِّمُهُ أَيْضًا وَقَالَ: «عَسَى أَنْ يُوجَدَ هُنَاكَ أَرْبَعُونَ». فَقَالَ: «لاَ أَفْعَلُ مِنْ أَجْلِ الأَرْبَعِينَ». فَقَالَ: «لاَ يَسْخَطِ الْمَوْلَى فَأَتَكَلَّمَ. عَسَى أَنْ يُوجَدَ هُنَاكَ ثَلاَثُونَ». فَقَالَ: «لاَ أَفْعَلُ إِنْ وَجَدْتُ هُنَاكَ ثَلاَثِينَ». فَقَالَ: «إِنِّي قَدْ شَرَعْتُ أُكَلِّمُ الْمَوْلَى. عَسَى أَنْ يُوجَدَ هُنَاكَ عِشْرُونَ». فَقَالَ: «لاَ أُهْلِكُ مِنْ أَجْلِ الْعِشْرِينَ». فَقَالَ: «لاَ يَسْخَطِ الْمَوْلَى فَأَتَكَلَّمَ هذِهِ الْمَرَّةَ فَقَطْ. عَسَى أَنْ يُوجَدَ هُنَاكَ عَشَرَةٌ». فَقَالَ: «لاَ أُهْلِكُ مِنْ أَجْلِ الْعَشَرَةِ». وَذَهَبَ الرَّبُّ عِنْدَمَا فَرَغَ مِنَ الْكَلاَمِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ، وَرَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى مَكَانِهِ". (سفر التكوين 18: 17-33) وهناك آية أخرى توضح أنه لم يوجد ولا بار واحد في تلك المدينة، وهي عندما "أَحَاطَ بِالْبَيْتِ رِجَالُ الْمَدِينَةِ، رِجَالُ سَدُومَ، مِنَ الْحَدَثِ إِلَى الشَّيْخِ، كُلُّ الشَّعْبِ مِنْ أَقْصَاهَا" (سفر التكوين 19: 4).. يا إلهي! من الحدث إلى الشيخ؟!! كل الشعب؟! من أقصاها.. "الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 3: 12). رأينا عقابًا آخرًا فعله الله لهم للتحذير، وهو عندما ضرب الملائكة هؤلاء الرجال بالعمى على باب بيت لوط (سفر التكوين 19: 11)، وكان من الممكن أن يدفعهم هذا إلى التوبة والندم على خطاياهم، ولكنهم لم يتعظوا، ولم يهتموا.. فجاءهم العقاب الكبير.. 6) تتجلى رحمة الله على أولاده العارفين طريقه بالرغم من ضعفاتهم وزلاتهم في إنقاذ لوط. فبالرغم من أن هناك أخطاء في حياة لوط حيث أنه اختار العيش الرغد بين الأشرار على الحياة في سلام مع أبونا إبراهيم، كما أنه أخطأ عندما عرض بناته للخطية بقوله لأهل سدوم خذوا ابنتي بدلًا من الملاكين (حتى وإن كان عرضه بغرض إخجالهم). ولكن الله لم يتركه يهلك بل أن الله أراد أن ينقذه هو وكل الذين يعيشون في بيته المؤمنين بالله أي زوجته وابنتيه العذراوتين وكذلك بناته المتزوجات مع أزواجهن الذين يدعون أصهار للوط. ورغم أن أصهاره كانوا من أهل سدوم ولكن الله كان مستعدًا أن يخلصهم إن آمنوا به ودللوا على ذلك بخروجهم مع لوط فنجد الملاكان يقولان للوط"من لك ههنا؟ أصهارك وبنيك وبناتك وكل من لك في المدينة أخرج من المكان، لأننا مهلكان هذا المكان إذ قد عظم صراخهم أمام الرب فأرسلنا الرب لنهلكه". ويصور لنا بطرس الرسول موقف الله من الأبرار والأشرار في رسالته الثانية فيقول: "يعلم الرب أن ينقذ الأتقياء من التجربة، ويحفظ الأثمة إلى يوم الدين معاقبين، ولا سيما الذين يذهبون وراء الجسد في شهوة النجاسة، ويستهينون بالسيادة. جسورون. معجبون بأنفسهم، لا يرتعبون أن يفتروا على ذوى الأمجاد" (2بط 2: 9، 10). فنرى من هذه القصة ن هلاك الأشرار المُصِرِّين على شرهم فيه خلاص للأبرار، وأيضًا اهتمام الله، ومحبته للبشر الذي يريدون العيش معه.. ونرى شفاعة القديسين واضحة جلية في حدود المستطاع.. ونرى حين أمسك الملاكان بلوطًا وابنتاه وامرأته ودفعاهم دفعًا خارج المدينة، وذلك "لِشَفَقَةِ الرَّبِّ عَلَيْهِ" (سفر التكوين 19: 16).. كلمة جميلة.. "لشفقة الرب عليه".. أي إله عظيم مثل هذا؟! أبعد كل هذا نقول أنه لم يحاول الله معهم؟! ألم يرسل رجلًا بارًا وهو لوط إليهم لعلهم يرون مثالًا جيدًا وسط الظلمة؟! ألم يحصلوا على قديس شفيع لا مثيل له وبسبب عدم وجود لمحة من الخير فيهم فقدوا كل أمل في النجاة؟! ألم يصروا هم على فجورهم، لدرجة الهجوم على أي شخص حتى بغير رضاءه، ورفضهم أن يكون بينهم مَنْ لا يسير على هوائهم، سواء برضاه أم بغيره؟! ألم ينبههم الله بعد الحرب التي أُخِذ كل ما لهم فيها من ممتلكات وأناس وغيرهم؟! ألم يحدث عقابًا آخر لهم وهو العمى، الذي لم يرتدِعوا ولا حتى به؟! سنوات مع إيميلات الناس! |
|