|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لأَنَّ الفِرِّيسِيِّينَ واليهودَ عامَّةً لا يَأكُلونَ إِلاَّ بَعدَ أَن يَغسِلوا أَيدِيَهُم حتَّى المِرفَق، تَمَسُّكاً بِسُنَّةِ الشُّيوخ "يَغسِلوا أَيدِيَهُم" تشير إلى الرُتبة الطقسية التي كان علماء الشريعة اليهود في ذلك الزمان يجعلون لها شانا عظيما. فغسل الأيدي ليس هدفه الناحية الصحِّية بل لإزالة النجاسة مراعاةً للتقاليد الطقسية اليهودية (مرقس 7: 3-4). وقد رفض يسوع هذه السُنّة لان الفِرِّيسِيِّينَ كانوا مخطئين في اعتقادهم، إذ أنهم يُقبَلون من الله لأنهم أتقياء من الخارج (متى 15: 20). وكذلك رفض هذه السُنَّة تلاميذ يسوع ولم يمارسوها (مرقس 7: 2-5). وفي نظر لوقا الإنجيلي يُميِّز يسوع بين ديانة الفِرِّيسِيِّينَ الظاهرية وديانة القلب الباطنية (لوقا 11: 37-54)، وديانة القلب هي في نظر يسوع أول ما يقتضيه الله (لوقا 16: 15)، ويقول أوريجانوس" محور الكتاب المقدّس، هو قلب الإنسان "، لأجل ذلك توعّد يسوع الفِرِّيسِيِّينَ على تمسكهم بالديانة الظاهرية والاكتفاء بها ووبَّخهم قائلا: "الويلُ لَكُم، فإِنَّكُم تَبْنونَ قُبورَ الأَنبِياء، وآباؤكُم هُمُ الَّذينَ قَتَلوهم. فأَنتُم تَشهَدونَ على أَنَّكم تُوافِقونَ على أَعمالِ آبائِكُم: هُم قَتَلوهُم وأَنتُم تَبْنونَ قُبورَهم" (لوقا 11: 47). إن البحوث الأثرية الحديثة قد أيدت موافقة هذا التوبيخ. فمنذ بدء عهد هيرودس الكبير وبعده شُيدت في فلسطين قبور الأنبياء الضخمة (لوقا 11: 44). وبَيّن لوقا الإنجيلي لماذا لا يكتفي الله بالديانة الظاهرية إذ قال "أَلَيسَ الَّذي صَنعَ الظَّاهِرَ قد صَنَعَ الباطِنَ أَيضاً؟" (لوقا 11: 40). والإنسان يدان على أعماله الخارجة من القلب كما جاء في قول المسيح "الإِنْسانُ الخَبيثُ مِن كَنزِه الخَبيثِ يُخرِجُ ما هو خَبيث، فمِن فَيضِ قَلبِه يَتَكَلَّمُ لِسانُه" (لوقا 6: 45). |
|