رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ولا يُوقَدُ سِراجٌ وَيُوضَعُ تَحْتَ المِكيال، بل عَلى المَنارَة، فَيُضِيءُ لِجَميعِ الَّذينَ في البَيْت. تشير عبارة "سِراجٌ " إلى وعاء كان يُصنع من فخار أو نحاس يُوضع فيه سائل قابل للاشتعال، كالزيت أو النفط أو القطران، ثم يوضع فيه فتيل يشعلونه عند حلول الظلام. وهكذا المسيحيون يوقدون بزيت النعمة ويحترقون، أي يقدِّموا أجسادهم ذبائح حية، كما ورد في توصيات بولس الرسول " إِنِّي أُناشِدُكم إِذًا، أَيُّها الإِخوَة، بِحَنانِ اللّهِ أَن تُقَرِّبوا أَشْخاصَكم ذَبيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسةً مَرْضِيَّةً عِندَ الله. فهذِه هي عِبادَتُكمُ الرّوحِيَّة" (رومة 12: 1)؛ والروح القدس يُشعلهم ويجعلهم نُوراً يعكس نُور المسيح الذي فيهم؛ والسِراجٌ يرمز أيضا إلى الهداية كما يترنم صاحب المزامير "كَلِمَتُكَ مِصْباح لِقَدَمي ونُور لِسَبيلي" (مزمور 119: 104)، كلام الله هو النُور الذي يضيء طريقنا، وهو نُور لخطواتنا، ويُعلق القديس يوحنا الذهبي الفم على لسان السيد المسيح " أنا الذي أوقد النُور، أمَّا استمرار إيقاده فيتحقق من خلال جهادكم أنتم. وبالتأكيد لا تقدر المصائب أن تعطل بهاءَكم إن كنتم لا تزالون تسلكون حياة تليق بنعمته، فتكونون سبباً لتغيير العالم كله"؛ أمَّا عبارة " َيُوضَعُ تَحْتَ المِكيال " فنشير في القديم إلى عادة حيث كان النَّاس يحملون محصولهم من القمح في الليل لكيلا يراهم أحد ويصيبهم بالحسد ثم يضعون السِراجٌ أي القنديل تحت المِكيال الذي يستخدم لتعيين حجم الحبوب لبيعها، وطبعا المِكيال يُخفي ضوء القنديل فلا يرى النَّاس كمية القمح! أمَّا عبارة "المِكيال" فتشير إلى وعاء ذو سعة مُعيَّنة من حديد أو خشب يُستعمل لكيل السَّوائل والموادّ الجافّة، ويرمز المِكيال إلى الحسابات البشرية المادية التي كثيراً ما تقف عائقاً أمام الإيمان (يوحنا 6: 5 – 7)، لذلك حينما أرسل السيد تلاميذه للكرازة سحب منهم كل الإمكانيات المادية" لا تَقتَنوا نُقوداً مِن ذَهَبٍ ولا مِن فِضَّةٍ ولا مِن نُحاسٍ في زَنانيرِكم" (متى 10: 9) لكي ينزع عنهم كل تفكير مادي، تاركًا كل الحسابات في يديّ الرب نفسه، كونه هو غناهم وطعامهم وشرابهم ولباسهم وحمايتهم! والمِكيال يشير أيضا إلى الخطيئة التي تحجب النُور الروحي تحت وعاء حيث يغلِّف الإنسان روحه بملذات العالم، فيحبس الروح، فيتحوّل الجسد عائقا للروح؛ كما أنه يرمز إلى الانحرافات السلوكية والدينية، وكما يرمز أخير إلى إخفاء أو إهمال صوت الخير والحق، وقد يكون نتيجة الكبرياء والتمركز حول الذات. كم مكيال حاول ويحاول البعض من قادة ومن مِلحدين وناقمين من خلاله إخفاء نُور المسيح ونُور الكنيسة ونُور القديسين فيها؟ |
|