|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اعترافك بينك وبين نفسك أنك أخطأت وهذا هو المصدر لكل الاعترافات الثلاثة التي ذكرناها، ويسبقها في الزمن. لأنه إن لم تعترف داخل نفسك أنك أخطأت، فعلى أي شيء إذن ستعترف على الله، أو على الأب الكاهن؟! وكيف تعترف على من أذنبت إليه، إن كنت لا تشعر أنك أذنبت في شيء.. إذن لابد أن تحاسب نفسك، وتشعر في أعماقك باقتناع كامل أنك أخطأت. لأنه بدون هذا لا تكون توبة ولا يكون اعتراف. وقد قال القديس مقاريوس الكبير: أحكم يا أخي على نفسك، قبل أن يحكموا عليك. وقال أب رهبان جبل نتريا للقديس البابا ثاؤفيلس "صدقني يا أبى لا يوجد أعظم من أن يرجع الإنسان بالملامة على نفسه في كل شيء".. إذن لابد أن تدين نفسك أولًا داخل قلبك. وهذا سيدفعك أن تدين نفسك أمام الله، وأن تدين نفسك أمام الأب الكاهن. والذي لا يدين نفسه، لا يمكنه أن يتوب. العشار أدان نفسه. حكم على نفسه أنه خاطئ. لذلك أمكنه أن يقف في الهيكل بخشوع يقدم توبة، ويطلب مغفرة، ويخرج مبررًا (لو18: 13). أما الفريسي الذي لم يكن يدين نفسه في شيء، فلم يجد في حياته خطأ يقدم عنه توبة، أو يطلب عنه مغفرة!! إن الذي يشعر أنه سليم تمامًا، هل من المعقول أن يسعى إلى الطبيب أو يطلب شفاء؟ هكذا من الناحية الروحية: لا يطلب التوبة إلا من يعترف بأخطائه. لما كان داود لا يحس بخطيئته، لم يقدم توبة.. لقد أخطأ داود، ووسط دوامة الخطيئة، ما كان يفكر مطلقًا فيما قد فعله. لذلك لم يقدم ندمًا ولا توبة. واضطر الأمر أن يرسل الله له ناثان النبي، الذي كشف له ثقل خطيئته وبشاعتها. فاعترف داود أنه أخطأ (2صم 12: 13). ومن ذلك الوقت فقط بدأت قصة توبته. وأيوب أيضًا ما كان يعرف أنه محارب بالبر الذاتي. لذلك دخل في جدل طويل مع أصحابه الثلاثة، بل كثرت شكواه من الله نفسه، وقال له "في علمك أنني لست مذنبًا، ولا منقذ من يدك" (أى 10: 7). "لأنه يعرف طريقي. إذا جربني أخرج كالذهب" (أى 23: 10). وهكذا كان أيوب بارًا في عيني نفسه" (أى 32: 1). واحتاج الأمر أن يرسل له الله أليهو بن برخئيل البوزى ليكشف له نفسه، بل أن يكلمه الله ويشرح له..إلى أن وصل أيوب أخيرًا إلى انسحاق النفس، وقال للرب "ها أنا حقير، فماذا أجاوبك. وضعت يدي على فمي" (أى 40: 4). وقال أيضًا "قد نطقت بما لم أفهم. بعجائب فوقى لم أعرفها" (أى 42: 3). أكثر أمرين يمنعان الاعتراف والتوبة، الأعذار والبر الذاتي. كأن يعتذر الإنسان بضعفه، أو بضعف الطبيعة البشرية عمومًا، أو بشدة الحروب الخارجية، أو بأنه ارتكب الخطية عن جهل أو نسيان، أو كان فيها ضحية لغيره. أو يلصق المسئولية بغيره: فيتهم الكنيسة بعدم رعايتها له، أو يتهم أب اعترافه بعدم الاهتمام، أو يعاتب الله نفسه لأنه لم يرسل معونة.. أما التائب الحقيقي، فلا يتهم إلا نفسه، حاملًا عار خطيئته بنفسه. ويقف أمام الله كمذنب لا يبرر ذاته، كما حدث للص اليمين الذي اعترف قائلًا "نحن بعدل جوزينا، لأننا ننال استحقاق ما فعلنا" (لو 23: 41). إن الأعذار تحاول أن تغطى على الخطية، أو تخفف ثقلها. أما البر الذاتي فهو أخطر، لأنه ينكر وجود الخطية. إنه أخط رمن الأعذار التي تعترف بوجود الخطية، وإنما تحاول أن تهرب من مسئولياتها، أو تقلل منها. أما البر الذاتي، فلا يرى أن شيئًا خاطئًا قد حدث منه. لذلك وبخ الرب الفريسيين "الواثقين بأنفسهم إنهم أبرار" (لو 18: 9). وقال إنه "لم يأت ليدعو أبرارًا بل خطاة إلى التوبة" (متى 9: 13). حقًا هؤلاء الذين يرون ذواتهم أبرارًا، ونفوسهم جميلة في أعينهم.. ربما ينطبق عليهم قول الكتاب "يوجد بار يبيد في بره" (جا 7: 15). هؤلاء بعيدون تمامًا عن التوبة. وإن واجهتهم بأخطائهم، يجادلون كثيرًا، ولا يعترفون. إن السماء لا تفرح بتسعة وتسعين (بارًا) من أمثلة هؤلاء، الذين يرون أنهم "لا يحتاجون إلى توبة" (لو 15: 7). بل تفرح بالخاطئ المنسحق في توبته، معترفًا بأخطائه. الأخطاء التي يعترف بها، هي التي يتوب عنها ويطلب مغفرة. إننا نندم فقط على الخطايا التي نعرفها ونعترف بها. ونحتاج أيضًا أن نندم على الخطايا التي سوف نعرفها عن ماضينا، حينما يكشفها الله لنا فيما بعد، أو التي تتكشف لنا من خلال قراءاتنا الروحية وما نسمعه من العظات ومن أفواه المرشدين والآباء. فنبدأ أن نتوب عنها. وهكذا ننمو في توبتنا، وننمو في اعترافنا بأخطائنا. مقاييسنا الروحية تصبح أكثر حساسية، وموازيننا تصبح أكثر دقه. فلا نعرف فقط أخطاءنا، إنما بالأكثر نشعر بثقل هذه الخطايا وبشاعتها. إن داود النبي لما عرف عمق خطيئته، صار له عُمق في التوبة، وعمق في انسحاق القلب وتذلله أمام الله.. لذلك علينا أن نتعمق في الفهم الروحي لنعرف حالتنا تمامًا. وجائز أن فضائلنا التي نفتخر بها الآن، نبكى بسببها فيما بعذر. نبكى على ضآلتها وتفاهتها وضعف مستواها، كلما تتسع أمامنا الآفاق الروحية والرؤية الروحية.. ونبكى أيضًا على افتخارنا بهذه الفضائل.. المهم أن تكون لنا المعرفة الحقيقية، سواء بأخطائنا أو نقائصنا. وبالاعتراف يستحق الإنسان المغفرة.. وذلك حسب قول القديس يوحنا الرسول "إن قلنا إنه ليس لنا خطية، نضل أنفسنا وليس الحق فينا. إن اعترفنا بخطايانا، فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا، ويطهرنا من كل إثم" (1يو 1: 8، 9). والاعتراف ليس هو مجرد كلمة: أخطأت. لقد قال عخان بن كرمي هذه الكلمة بعد فوات الفرصة (يش 7: 20). إذ ظل بعيدًا عن الاعتراف طول الوقت، إلى أن أشار الرب إليه بالاسم. فاضطر أن يعترف. ولم ينل سماحًا، بل رجمته كل الجماعة. ويهوذا الإسخريوطي قال: أخطأت (متى 27: 4)، ومات هالكًا. وفرعون -عن سياسة، وليس عن توبة- قال: أخطأت (خر 9: 27). وكررها مرة أخرى فقال لموسى وهرون "أخطأت إلى الرب إلهكما وإليكما. والآن اصفحا عن خطيتي هذه المرة فقط" (خز 10: 16). ومع ذلك هلك فرعون، لأن قلبه لم يكن تائبًا.. الاعتراف الذي نقصده، هو النابع من التوبة. هو علامة من علامات التوبة، وعنصر من عناصرها. أما الاعتراف بغير توبة، فلا يفيد شيئًا. ما دمنا إذن في الجسد، ومادامت أمامنا فرصة للتوبة، قبل أن يغلق الباب، فلنفحص إذن ذواتنا، ولندرك خطايانا، ونعترف بها، مقدمين بذلك توبة.. وهكذا تتغطى الخطية بدم المسيح، وننال عنها حلًا. كما ننال أيضًا حلًا عن طريق الإرشاد الروحي للسير في الطريق السليم. والاعتراف الممزوج بالتوبة فيه ترك للخطية وندم عليها. ومن علامات التوبة أيضًا: الخجل والخزي. |
02 - 02 - 2014, 01:24 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: اعترافك بينك وبين نفسك أنك أخطأت
توبيك مهم جدا
شكرا مارى |
||||
03 - 02 - 2014, 11:08 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اعترافك بينك وبين نفسك أنك أخطأت
شكرا على المرور |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
دائماً يدور حديث بينك وبين نفسك |
اخلق حوار داخلي بينك وبين نفسك |
حزنك بينك وبين نفسك فقط |
اجلس بينك وبين نفسك |
اجعل نفسك ميزاناً في ما بينك وبين غيرك |