كان نيرون Nero أول إمبراطور يضطهد المسيحيين، ففي يوليو سنة 64 م - في السنة العاشرة لحكمه - شبَّ حريق ضخم في روما، بدأ بالقرب من السيرك الكبير Great Circus في منطقة يكثر بها المحلات التي كانت ممتلئة ببضاعة سهلة الاشتعال. امتدت النيران بسرعة في كل الاتجاهات واستمرت مشتعلة أسبوعًا، وما أن هدأت النيران حتى اشتعلت مرة أخرى في حديقة تيجلّينس Tigellinus قائد الحرس واستمرت ثلاثة أيام. وبانتهاء الحريق كان ثُلثي مدينة روما قد تحوّل إلى كتلة من الأنقاض. في اليوم الثالث من اشتعال الحريق أتى نيرون من أنتيام Antium ليُعاين المشهد، وكانت سعادته الوحشية البالغة أثناء مشاهدة ألسنة اللَّهب الصاعدة من المدينة سببًا في سريان الاعتقاد أنه كان هو الذي أمر بإشعال الحريق، أو على الأقل عمل على منع إخمادها. وانتشر هذا الاعتقاد بسرعة، ويقال أن مشاعل كانت تُلقى داخل المنازل، بواسطة رجال مجهولين كانوا يقولون أنهم ينفذون الأوامر الصادرة إليهم. وإلى الآن غير معروف حقيقة مسئولية نيرون عن هذا الحريق، فبالنظر إلى الحرائق الكثيرة المدمرة التي أصابت روما على مر تاريخها فمن غير المستبعد أن يكون هذا الحريق أيضًا - وهو أسوأها على الإطلاق - قد وقع نتيجة حادث.
اتهام المسيحيين بإشعال المدينة:
في ذلك الوقت انتشرت الشكوك حول الشخص المسئول، حتى انزعج نيرون وفكر في تحويلها عن نفسه باتهام المسيحيين بإشعال المدينة. ويقول المؤرخ تاكيتوس Tacitus أنه مع أن أحدًا لم يصدق هذا الاتهام إلا أنه قُبِض على المسيحيين وسيقوا إلى الموت بمنتهى الوحشية، فالبعض لفّوهم في جلود الحيوانات وألقوهم للكلاب الجائعة فمزقتهم إربًا، والبعض الآخر صُلبوا، وآخرون ألقوا عليهم القار ومواد مشتعلة، وبعد طعنهم بالحراب أشعلوا فيهم النيران فصاروا مثل المشاعل. تمت هذه الأعمال البربرية في حديقة قصر نيرون بينما كان الإمبراطور يستمتع مع ضيوفه بمشاهدة سباق للعربات. العيد يوم 24 يونيو.