|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إيليا والمعركة على جبل الكرمل ولعله من المناسب أن نذكر هنا ان إيليا لم يذهب إلى آخاب ، بل إن آخاب ذهب للقاء إيليا ، ... وهذا هو الفارق العظيم بين الرجلين ، أن إيليا يعلم أنه أعظم من آخاب ، إن قيمة الإنسان الحقيقية لا تظهر فيما يملك من متاع أو ما يلبس من ثياب فاخرة ، أو ما يحيط به من الخدم أو الحشم ، أو مظاهر العظمة أو القوة ، إن قيمته الحقيقية تكمن في شخصيته ونفسه ، . كان إيليا أشعر ، يتمنطق بمنطقة من جلد ، وعندما ركض أمام آخاب ، سار ما يقرب من ستة عشر ميلا على قدميه ، ... لم يكن له مركبة آخاب أو ثيابه أو بهاؤه أو مظهره ، ولكنها هذه جميعها ، ليست إلا الغلاف الذى يغطي الحمقى والأشرار فى الأرض !! .. أما جوهر الإنسان ففي قلبه المرتبط باللّه ، وهو الذى يمكن أن يعطيه أعظم قيمة في هذا الوجود !! .. وفي اللقاء بين الملك وإيليا كان آخاب الإنسان الأحمق الذى غطت الخطية الحقيقة عن عينيه وقلبه ، ... فهو يرى الذنب كل الذنب فى إيليا : " ولما رأى آخاب قال له آخاب : أ أنت هو مكدر إسرائيل ؟ " "1مل 18 : 17 " .. وهو لا يستطيع أن يرى خطية واحدة فى نفسه ، أو في الشعب الذى ترك اللّه ، .. أو عبادة البعل وعشتاروث التي كانت سر النكبة والكارثة والمجاعة !!! .. وهي الصورة الدائمة للبشر ، فهم يدفعون عن أنفسهم النتيجة : التى لابد أن تكون لخطاياهم ، ... وهي في نظرهم الظروف السيئة أو أخطاء الآخرين أو القسوة التي لا مبرر لها من اللّه !! ... ولم يخف إيليا من أن يضع الصورة الصحيحة للمأساة كلها إذ قال : " لم أكدر إسرائيل، بل أنت وبيت أبيك ، بترككم وصايا الرب وبسيرك وراء البعليم " " 1 مل 18 : 18 " ... وقاد إيليا الجميع إلى المعركة الفاصلة على جبل الكرمل .. وكان لابد من أن تدرك الأمة - عن بكرة أبيها - من هو الإله الحي الحقيقي وحده ، ومن هي الالهة الزائفة الباطلة الكاذبة !! ؟ والبينة على من ادعى !! ؟ .. فإذا زعم إنسان أنه فيلسوف أو شاعر ، فالبرهان يظهر في فلسفته أو شعره ، ... وإذا قال أنه رجل فإن أعمال الرجال تظهره ، وإذا ادعى أنه نبي مرسل من اللّه ، فإن أقوال النبي أو أعماله هي التي تشهد له !! .. وقد وقف إيليا وحده فى مواجهة ثمانمائة وخمسين نبياً للبعل وعشتاروث ، ولم تكن الكثرة دليلا على الحق أو الصواب الذى يزعمون أنه فى جانبهم، ... وأعطاهم إيليا الفرصة الكاملة أولا دون أن يستطيع صراخهم أو جراحهم التى سالت من أجسادهم بسيوفهم ، والتى ظنوا أنهم يرضون الآلهة بها ، .. لم تستطع أن تعينهم في شيء وسخر إيليا منهم سخرية الواثق بإلهه ، وكانت سخريته لاذعه ، فى قوله : " ادعوا بصوت عال لأنه إله . لعله مستغرق أو في خلوة أو في سفر أو لعله نائم فيتنبه " .." 1 مل 18 : 27 " .. ومن الغريب أن هذا التحدي لم ينته بعصر إيليا ، فإن البعل يذهب ويجيء في العصور كلها ، حيث يستبدل اللّه بآلهة غريبة ، أو كما قال أحدهم : " إن البعل العصري هو ما يعبده الناس من ثروة أو شهوة أو جاه ، أو مجد عالمي أو راحة مادية ، ... وهم يضعونها في مواجهة البر والأمانة والحق وكل ثمار الروح القدس في الإنسان الباطن " !! .. وإذ عجز الأدعياء عن أن يثبتوا ادعاءهم ، تقدم هو ورمم بالاشتراك مع الشعب مذبح الرب المنهدم ، وقدم الذبيحة بما لا يدع مجالا للشك أو التساؤل أو الخداع ، إذ أنه لم يرتب الحطب والذبيحة فقط ، بل صب ماء كثيراً حتى لا يقال إن النار المشتعلة حدثت عن طريق خداع بشري ، وأبصر الشعب جميعاً النار التي أتت من السماء لتلتهم كل شيء . على أنه من الملاحظ أن النار لم تنزل إلا بعد صلاة النبي ، وهكذا في كل حين يشجع اللّه أبناءه ليحسوا بكيفية اختبارية بينه وبين العالم ، وهو مستعد أن يظهر ذاته لهم وللعالم أجمع ، بصورة لا تحتمل اللبس أو الإبهام !! .. ألم يقل عرافو فرعون أمام ضربة البعوض : " هذا إصبع اللّه " "خر 8 : 19 " ... وإذ رأى الشعب المعجزة بلغ بهم الانفعال ذروته وسجدوا على وجوههم أمام اللّه ، واشتركوا مع إيليا في ذبح أنبياء البعل على نهر قيشون !! .. ومع أن هذا الانفعال كان قصيراً ووقتياً ، إلا أنه - على أية حال - عرف الجميع من هو الإله الحق ، ومن هى الآلهة الباطلة !! .. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
على جبل الكرمل صلى إيليا بمفرده |
إيليا على جبل الكرمل |
إيليا مع كهنة البعل على جبل الكرمل |
مدخل تشويقى لقصة إيليا وأنبياء البعل على جبل الكرمل |
إيليا والمعركة على جبل الكرمل |