أنهار الكتاب المقدس

[Mary Naeem]

أنهار الكتاب المقدس

نظراً لأهمية الدور الذي كانت الأنهار ولازالت تلعبه في حياة الشعوب فإن الأنهار والمساقي ترد في الكتاب المقدس في معاني تصويرية كثيرة، يمكننا أن نجملها تحت عنوانين رئيسيين

أولاً : النهر : صورة للبركة والإنعاش
ففي بيئة صحراوية كالتي تغلب علي منطقة الشرق الأوسط، وفي بلاد لاتنزل عليها الأمطار طوال فصل الصيف كأرض فلسطين، من الطبيعي أن تكون الأنهار شيئاً محبباً عند الناس، ولهذا ترد في صور عديدة جميلة كالآتي :

(1) نهر النعم : «ماأكرم رحمتك ياالله، فبنو البشر في ظل جناحيك يحتمون. يروون من دسم بيتك، ومن نهر نعمك تسقيهم» (مزمور 36: 7، 8). أنظر أيضاً مزمور 65: 9، 46: 4. وكلمة نعم في الآية السابقة تعني مسرات، وهي جمع للكلمة العبرية «عدن» اسم الجنة. وهذا يوضح لنا أن الله لديه مسرات يريد أن يمتع الإنسان بها. وليس من الخطأ أن يرغب الشاب في الحصول علي المسرات، لكن الخطأ الكبير والخطر أيضاً أن يسعي الشاب لأن يجد مسراته في الخطية (جامعة 11: 9).

[Mary Naeem]

(2) نهر البـر : «ليَجْرِ الحق كالمياه والبر كنهر دائم» (عاموس 5 :24). والرب في الآيات السابقة والآيات اللاحقة لهذه الآية في نبوة عاموس يحذرنا من مظاهر البر السطحية ومجرد الطقوس الخارجية كبديل للبر الذى فى القلب، ولقد أثبت الناموس فى العهد القديم أن بر الإنسان في منتهي الضحالة. أما أن يجري البر كنهر دائم فكان يلزم أولاً أن يموت المسيح ثم أن نؤمن به الإيمان القلبي. لقد شهد الله لبر هابيل علي أساس الذبيحة (تكوين 4: 4، عبرانيين 11: 4) وشهد الله لبر إبراهيم بسبب إيمانه (تكوين 15: 6، رومية 4: 3، 9، ...).

(3) نهر السلام : «ليتك أصغيت لوصاياي، فكان كنهر سلامك وبرّك كلجج النهر» (إشعياء 48: 18). والملفت للنظر أن هذا الأصحاح نفسه يختم بالقول «لاسلام قال الرب للأشرار». أما السلام الدائم المستقر فهو نصيب المؤمن المطيع لوصايا الرب.

(4) نهر الحكمة : «كلمات فم الإنسان مياه عميقة. نبع الحكمة نهر مندفق» (أمثال 18: 4) إن من يتعلم الحكمة من الله يكون كلامه عميقاً لاسطحياً. ويكون منعشاً للسامعين. هكذا كانت كلمات المسيح كإنسان حتي وهو في سن الشباب الناشئ «كل الذين سمعوه بهتوا من فهمه وأجوبته». والسر في ذلك كان نبع الحكمة فيه (إقرأ لوقا 2: 04-25). ليتنا نتعلم منه.

[Mary Naeem]

(5) نهر الكلمة :«طوبي للرجل الذي .. في ناموس الرب مسرته، وفي ناموسه يلهج نهاراً وليلاً. فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه تعطي ثمرها في أوانه وورقها لايذبل» (مزمور 1: 1-3). ماأجمل منظر الشجرة عند مجاري المياه، هكذا يكون منظر الشاب القريب من كلمة الله «بم يزكي (ينظف) الشاب طريقه؟ بحفظه إياه حسب كلامك» (مزمور 119: 9).

(6) نهر الروح القدس : «إن عطش أحد فليقبل إليّ ويشرب. من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حي. قال هذا عن الروح القدس» (يوحنا 7: 37-39). وإذا كانت كلمة الله، كما رأينا الآن، تشبّه بالمياه التي تغسل وتنظف (يوحنا 15: 3، أفسس 5: 26)، فإن الروح القدس يشبه بالمياه التي تروي وتنعش.

(7) نهر الحياة: «وأراني نهراً صافياً من ماء حياة لامعاً كبلّور خارجاً من عرش الله» (رؤيا 22:1) هذا هو النهر الروحي العجيب، نهر الحياة الذي في وسط فردوس الله. ولأنه لامع كبلّور فهو صورة للحياة الأفضل التي سنتمتع بها علي الوجه الأكمل في السماء عن قريب. ماأروع هذه الصور السباعية الجميلة للنهر في الكتاب المقدس. إنه يحدثنا عن النعم في إنعاشه، وعن البر في دوامه، وعن السلام في هدوئه، وعن الحكمة في عمقه، وعن الكلمة في فعله، وعن الروح القدس في جريانه، وعن الحياة في صفائه !!

[Mary Naeem]

ثانياً : النهر : صورة للمصائب والغضب
فمع أن الأنهار سبب بركة للبشر، لكن كم من المرات حدثت الفيضانات فكسحت من أمامها كل شئ، ودمرت كل صور الحياة. والكتاب المقدس يصور لنا النهر في هذه الصفة أيضاً.

(1) النهر صورة للعدو المكتسح «عندما يأتي العدو كنهر فنفخة الرب تدفعه» (إشعياء 59: 19) أنظر أيضاً أشعياء 8: 7و8، رؤيا 12: 15و16.

(2) النهر صورة للاضطهادات والتجارب «فكل من يسمع أقوالي هذه ويعمل بها أشبهه برجل عاقل بني بيته علي الصخر فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبت الرياح ووقعت علي ذلك البيت فلم يسقط لأنه كان مؤسساً علي الصخر. وكل من يسمع أقوالي هذه ولايعمل بها يشبّه برجل جاهل بني بيته علي الرمل. فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبت الرياح وصدمت ذلك البيت فسقط. وكان سقوطه عظيماً» (متي 7: 24-27).

تري أياً من الرجلين أنت تشبه أيها القارئ العزيز ؟!

[Mary Naeem]

مصادر المياه فى الكتاب المقدس

يُخبرنا الكتاب المقدس عن مصادر أخرى للمياه بالإضافة إلى الأنهار التى تحدثنا عنها فى الأعداد السابقة مثل: الآبار، الينابيع، العيون، البرك، المساقى.

1- الــبـــئر
عبارة عن حفرة عميقة فى الأرض غالباً ماتكون صناعية، أى من صُنع الانسان (تكوين 26: 18-32،25؛ عدد21: 18). وقد تكون البئر حالة من ثلاثة :

أ - حفرة للوصول إلى المياه الجوفية فى باطن الأرض.

ب - حفرة للوصول إلى نبع للمياه منخفض عن سطح الأرض حيث يندفع منها الماء دائماً بقوة الضغط الداخلى.
وفى هذه الحالة قد يسمى مصدر المياه بئراً أو عيناً (أنظر تكوين 61: 7،41، 42: 11،61).

جـ - مجرد مخزن لتجميع مياه الأمطار وقت وفرة الماء لاستخدامه فى وقت الجفاف، عند ندرة المياه. ولهذا فأحياناً تكون تلك الآبار فارغة (تكوين37: 24) وغالباً ماتُنحت تلك الآبار فى الصخر عند سفوح التلال.

[Mary Naeem]

وتُغطى الآبار بحجر كبير يوضع على فم البئر لحمايته من التلوث (أنظر تكوين30: 10) وللوصول إلى مياه البئر يحتاج الانسان إلى دلوٍ أو جرة، وبكرة وحبل طويل يصل إلى مستوى المياه المنخفض الذى يبلغ أحياناً حوالى 52 متراً كما فى بئر يعقوب المذكور فى يوحنا4 الذى قالت عنه المرأة السامرية «لا دلو لك والبئر عميقة» (يو4: 11). الأمر الذى يستلزم جهداً كبيراً لاستجلاب الماء.

2- النبع أو الينبوع
هو نبع طبيعى للمياه تخرج فيه المياه فوق سطح الأرض مندفعة من الأرض.

3- العين
كلمة عامة عن أى مصدر للمياه يستمد المياه من العُمق من مصدر غير منظور وتتدفق منه المياه باستمرار سواء كان هذا المصدر بئراً أو نبعاً.

4- البرك
أحواض تتجمع فيها المياه.

5- المساقى أو السواقى
هى الأنهار الصغيرة أو الجداول (قضاة 5: 15؛ إشعياء11: 15؛ مزمور65: 9).

[Mary Naeem]

ومن أشهر الآبار المذكورة فى الكتاب المقدس :

1 - بئر لحى رئى: وهى أول بئر مذكورة فى الكتاب، وذُكرت بالارتباط مع هروب هاجر من وجه ساراى مولاتها (تكوين16: 14) - وتعنى بئر الحى الذى يرى - أى الله. وعندها أيضاً تمت مقابلة اسحق مع رفقة (تكوين24: 62-65).

2 - بئر سبع : أى بئر السبعة أو بئر القسم. وُسميت باسمها مدينة شهيرة فى اسرائيل.

3 - بئر يوسف : البئر التى طُرح فيها يوسف من إخوته وكانت البئر فارغة ليس فيها ماء.

4 - بئر بيت لحم : وهى البئر التى طلب أن يشرب منها داود عندما كان مُحاصراً من الفلسطينيين، فخاطر ثلاثة من أبطاله وأتوا بمياه بئر بيت لحم إلى داود (2صموئيل23: 15-17).

5 - بئر يعقوب : قُرب مدينة سوخار حيث تقابل الرب يسوع مع المرأة السامرية فى يوحنا4 وتحدث معها عن الماء الحى.

[Mary Naeem]

ومن أشهر عيون الكتاب المقدس :

1) عين حرود : أى عين الارتقاء حيث جمع جدعون رجال الحرب قبل ذهابه لمقابلة المديانيين (قضاة 7: 1).

2) عين هقورى: أى عين الراعى، حيث شق الله نبعاً لشمشون لانقاذه من عطشه (قضاة 15: 19،18).

3) عين جدى : وهو اسم عين وبلدة معاً (1صموئيل23: 29، 24: 1، نشيد1: 14)

4) عين روجل : (2صموئيل17: 17) نبع قُرب وادى هنوم، إليها لجأ يوناثان وأخيمعص الكاهنان أثناء ثورة أبشالوم على داود.

5) عين نون : معناه عيون، حيث كانت تتجمع عدد من الينابيع، ولكثرة المياه هناك ذهب إليها يوحنا المعمدان ليعمد الآتين إليه.

[Mary Naeem]

أما أشهر البرك فى الكتاب المقدس فهى :
1 - بِركة حشبون : حيث تُشبَّه عيون العروس بمياه تلك البِركة الساكنة العميقة (نش7: 4).

2- بِركة بيت حسدا: يوحنا5: 2 حيث أقام الرب المُقعد منذ 38 سنة.

3 - بِركة سلوام : حيث طلب المسيح من المولود أعمى أن يغتسل فيها فيُبصر.

[Mary Naeem]

أنهار الكتاب المقدس

نهر جيحون:

أحد الأفرع الأربعة للنهر الذى كان يسقى الجنة (تكوين2: 10-14). وهو المُحيط بجميع أرض كوش.

ولأن كلمة كوش تعنى أسود، وتُشير للخطية، فإن هذا النهر يصوّر لنا نعمة الله المتجهة للخطاة. ومعنى جيحون نبع أو مجرى.

نهر فيشون:

الفرع الأول للنهر الذى كا يسقى الجنة، وهو يعنى الجارى بسرعة أو الفائض، وكان يحيط بجميع أرض الحويلة حيث الذهب الجيد والمقل وحجر الجزع (تكوين2: 11، 12).

وهو يصوّر نعمة الله الفائضة التى تهب الغِنى الحقيقى وتُعطى البر الإلهى.

نهر حداقل:

الفرع الثالث للنهر الذى كان يسقى الجنة (تكوين2: 31)، (والفرع الرابع هو الفرات). وهذا النهر مع الفرات يحدان منطقة مابين النهرين فى العراق ذات الشهرة التاريخية والروحية حيث كانت موطن ابراهيم الأصلى.