رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إمكانية القيامة إن كان العقل عاجزًا أمام فهم القيامة وكيف تكون، فإن الإيمان بالله وقدرته قادر على استيعاب ذلك. فنحن نؤمن أن الله قادر على كل شيء ولا حدود لقدرته الإلهية. ومهما كان الأمر صعبًا أمام الملحدين أو غير المؤمنين، أو أمام الذين يعتمدون على الفكر والعلم وحدهما، فليس شيء عسيرًا أمام. "إن غير المستطاع عند الناس، هو مستطاع عند الله" (مر 10: 27). إن عملية قيامة الأجساد، أسهل بكثير جدًا من عملية خلقها من قبل. الله الذي أعطاها نعمة الوجود، هو قادر بلا شك على إعادة وجودها. هو الذي خلقها من تراب الأرض، وهو قادر أن يعيدها من تراب الأرض مرة أخرى.. بل ما هو أعمق من هذا، أن الله خلق الكل من العدم. خلق الأرض وترابها من العدم، ثم من تراب الأرض خلق الإنسان. أيهما أصعب إذن: الخلق من العدم، أم إقامة الجسد من التراب؟! إن الذي يقدر على العمل الأصعب، من البديهي أنه يقدر على العمل الأسهل. والذي منح الوجود يقدر بالحري على حفظ هذا الوجود.. فالذي يتأمل القيامة من هذه الناحية، إنما يتأمل القدرة غير المحدودة التي لإلهنا الخالق، الذي يكفى أن يريد، فيكون كل ما يريد، حتى بدون أن يلفظ كلمة واحدة. أو يصدر أمرًا.. إنها إرادته، التي هي جوهرها أمر فعال قادر على كل شيء... نسمى القيامة إذن معجزة، ليس لأنها صعبة، وإنما لأن عقلنا البشرى القاصر يعجز عن إدراكها وكيف تكون.. ولكن الإيمان دائرته أوسع وأعمق.. يقبل ذلك بسهولة معتمدًا على الوحي الإلهي. لذلك فالقيامة هي عقيدة للمؤمنين. الذي يؤمن بالله وقدرته، يستطيع أن يؤمن بالقيامة. والذي يؤمن بالله كخالق، يؤمن به أيضًا مقيمًا للموتى. أما الملحدون وأنصاف العلماء، فلا يصل إدراكهم إلى هذا المستوى. إنهم لا يؤمنون بالقيامة، كما لا يؤمنون بالروح وخلودها، كما لا يؤمنون بالله نفسه وعندما أقول أنصاف العلماء، إنما أبرئ العلماء الكاملين في معرفتهم. نصف الحقيقة أن الجسد قد تمتص الأرض بعض عناصره، ويتحلل جزء منه، وقد يتداخل في أجساد أخرى. والنصف الثاني أن المادة لا تفنى. فأينما ذهب الجسد، فمكوناته موجودة، ومصيرها إلى الأرض أيضًا.. والله غير المحدود يعرف تمامًا أين توجد عناصر الجسد، ويقدر على إعادتها مرة أخرى إلى حالتها، الله بقدرته اللانهائية. وبخاصة لأنه يريد هذا، ولأنه قد وعد به البشرية على ألسنة الأنبياء. وفي كتبه المقدسة. إذن القيامة في جوهرها، تعتمد على الله تبارك اسمه. تعتمد على إرادته، ومعرفته، وقدرته فمن جهة الإرادة: هو يريد للإنسان أن يقوم من الموت، وأن يعود إلى الحياة. وقد وعده بالقيامة والخلود. وتحدث عن القيامة العامة بصراحة كاملة وبكل وضوح. وما دام الله قد وعد إذن لابد أنه ينفذ ما قد وعد به. ومن جهة المعرفة والقدرة: فالله يعرف أين يوجد عناصر الأجساد التي تحللت، وأين توجد عظامها. ويعرف كيفية إعادة تشكليها وتركيبها. كما يعرف أيضًا أين توجد أرواح تلك الأجساد، ويسهل عليه أن يأمرها بالعودة إلى أجسادها، ويسهل عليها ذلك. وهو يقدر على هذا كله، جل اسمه العظيم، وتعالت قدرته الإلهية. وبكل الإيمان نصدق هذا.. إن الذي ينكر إمكانية القيامة، هو بالضرورة ينكر المعجزات جملة. وينكر الخلق من العدم. وينكر قدرة الله، وقد ينكر وجوده أيضًا. مثال ذلك الصدوقيون الذين "يقولون إنه ليس قيامة، ولا روح، ولا ملاك" (أع 23: 8). حقًا، إن عدم الإيمان بأمر ما، يؤدى إلى عدم الإيمان بأمور أخرى كثيرة. أما المؤمنون، الذين يؤمنون بالله، ويؤمنون بالمعجزة، ويؤمنون بعملية الخلق من العدم، يؤمنون بالقدرة غير المحدودة التي للخالق العظيم، فإن موضوع القيامة يبدو أمامهم سهل التصديق إلى أبعد الحدود. |
|