رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
زوجة صالحة أمينة بلغت الفتاة سن الزواج وكان والداها يخافان عليها من تيارات الشر الجارفة ففكرا في تزويجها حفظًا لطهارتها وقداسة سيرتها خاصة وأنها كانت تمتاز بجمال بارع تحوطها مظاهر الثراء والغنى. زوجاها من شاب غني من عائلة مباركة حسنة السمعة، وكان تقيًا جدًا، قبلته الفتاة زوجًا عن رضا وارتياح كبير، وكان الزوج سعيدًا لتوفيقه إلى زوجة صالحة يترنم بقول سليمان الحكيم "من يجد زوجة يجد خيرًا وينال رضى من الرب" (أمثال 18: 22)، وكقوله أيضًا: "امرأة فاضلة من يجدها لأن ثمنها يفوق اللآلئ، بها يثق قلب زوجها.. تصنع له خيرًا لا شرًا كل أيام حياتها.. تشتغل بيدين راضيتين.. سراجها لا ينطفئ في الليل.. تبسط كفيها للفقير وتمد يديها إلى المسكين.. العز والبهاء لباسها.. تفتح فمها بالحكمة وفي لسانها سنة المعروف، تراقب طرق أهل بيتها ولا تأكل خبز الكسل، يقوم أولادها ويطوبونها. زوجها أيضًا يمدحها، (أمثال 31: 10 - 28). أمضى الزوجان الشابان أياما سعيدة كأنها نسيج من الذهب والحرير يتمتعان بالمسرات الطاهرة والاتحاد المقدس وسط كل مظاهر الغنى مع خوف الله وإكرام الجميع. استمرا على ذلك زمانًا، وكانت ثيؤدوره تمتاز بمحبتها للفقراء والمساكين وكانت تتصدق عليهم، ترتاد كثيرًا دور العبادة والكنائس. لكن العدو كان يسهر حاسدًا ويدبر لهما المكائد لإفساد حياتهما مثله مثل الحشرة الدنيئة التي تهاجم خفية جذور الورود الجميلة فتفسد رونقها وتذبلها. كثرة الأصحاب تخرب النفس (أم18: 22) في وسط مظاهر الغنى وفي وسط الحفلات والاجتماعات والليالي الترفيهية تكاثرت الزيارات والاهتمامات العالمية، الأمر الذي يحدث كثيرًا في حالة الثراء، على رأي سليمان الحكيم: الغني يُكثر الأصحاب والفقير منفصل عن قريبه أم 19: 4. تمكن شاب غني جدًا ومن عائلة كبيرة من التعرف بها وزيارتها ضمن الزائرين -وكان اسمه يوحنا- ورويدًا رويدًا بدأت العلاقة الطاهرة تنمو بينهما بحكم ظروف الحياة المتشابهة التي كانوا يعيشون فيها ولم يكن يدر بخلد الزوجة ثيؤدوره أو زوجها الطيب القلب أن هذا التعارف سوف ينقلب وينتهي بمأساة وكارثة خلقية. بدأ الشاب ينظر إلى ثيؤدوره نظرة احترام وتكريم لزوجة شريفة كما يفعل الكثيرون وكان يبادل زوجها عبارات الإخلاص والوفاء والمودة الأخوية.. في لياقة ونباهة ونكاته الفريدة أدبًا وحياء.. لكن في وسط كل هذا كانت هناك ثغرة خطيرة هي أن هذه التسلي وهذه الموائد كان ينقصها ذكر اسم السيد المسيح وحضوره في الوسط فتهرب الذئاب من بين الحملان، ينقصها أن تكون كما قال عنها القديس بولس الرسول"إن كانت تسلية ما للمحبة، إن كانت شركة ما في الروح، إن كانت أحشاء ورأفة فتمموا فرحي حتى تفتكروا فكرًا واحدًا ولكم محبة واحدة بنفس واحدة مفتكرين شيئًا واحدًا.. فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع ربنا أيضًا" (فيلبي2: 2- 20) كانت الفتاة المسكينة واهمة إذ ظنت أنها تعيش حياة مرحة ونسيت أنها دخلت من الباب الواسع الذي يؤدي إلى الهلاك وكثيرون يدخلون منه، لا بل لم يكن يخطر لها على بال أن هذا الطريق يؤدي إلى الهاوية، كأن أمر السقوط يتعرض له فريق دون آخر،نسيت فعل الحية الماكرة وخداعها التي أسقطت منذ القديم أبانا آدم الذي كان في الفردوس متنعما وطرد من الجنة كان الشاب من عادته أن يحضر كثيرًا لزيارة زوجها حتى توطدت عُرى الصداقة بينهما وبين زوجته أيضًا، وكان الكل يأنس فيه الإخلاص والرد والأدب الجم وصفاء الضمير وعفة النفس والبساطة والطهر ومحبة خدمة الآخرين.. استغل عدو كل بر هذه الظروف وقاتل الشاب بقتال الشهوة الرديئة نحو الفتاة. وبعد أن كان فكره طاهرًا خدعة إبليس بتصورات شريرة وأفكار فاسدة وكان يستسلم لهذه الأفكار فلم يستطيع أن يسيطر على التجربة - ورويدًا رويدًا وُجدت الدالة القوية بحكم كثرة الزيارات، حتى أنه كثيرًا ما كان يقوم بالزيارة في غياب الزوج، والزوجة المسكينة لا يخطر على بالها أمر ولا يراودها إلى هذه اللحظة أدنى شك من جهة زياراته. وعلى توالي الأيام بدأت الشهوة تقوى على الشاب. نسى مركزه ومركز عائلته، نسى كرامته وسمعته، نسى أنه بالخطية يسئ إلى نفسه وإلى الله كما يسئ إلى عائلته وإلى وطنه وإلى هذه الفتاة وزوجها ويحول حياتهما إلى جحيم.. نسى كل شيء لأن الشهوة أعمت عينيه وصار للبهائم مشابهًا، وكان يفكر بكل تركيز في الطريقة التي بها يستطيع أن يقتل شرف الزوجة ويتمم رغباته الدنيئة.. وفي إحدى الليالي وكان الزوج غائبًا -على سفر- رأى الشاب أن الفرصة مواتية له لفعل الشر، تحرك الشاب وتحدث إلى الزوجة ثيؤدوره حديثًا غير لائق ولم يستح أن يعرض عليها مشورة إبليس النجسة، لكن ثيؤدوره كانت ضابطة لنفسها وكانت هذه الأقوال المذمومة صدمة لها، وقعت في قلبها موقعًا سيئًا فصدته في عزة وكرامة وقوة ووبخته في عنف وزجرته في شدة وطردته شر طردة. |
|