لقد أوضح الله لخادمه حزقيال مدى مسئوليته عن هلاك كل نفس لا يُحذّرها متهاونًا معها، الأمر الذي أرعب خدام الله عبر العصور، لهذا حينما شعر القديس أمبروسيوس بخطأ ارتكبه الإمبراطور ثيؤدوسيوس، أسرع بالكتابة إليه يحذره قائلًا له: [هل أستطيع أن أصمت؟! فإن ضميري يصير مقيدًا، ونطقي ينزع عني، وأصير في أبأس حال يمكن أن أكون عليه...! إن كان الكاهن لا يتكلم مع من يخطئ... يموت الخاطئ في خطيته، ويخضع الكاهن نفسه للعقوبة لأنه لم يحذر من الخطأ ].
مرة أخرى يكتب إليه هكذا: [أتوسل إليك أن تصغي إلى ما أقوله بطول أناة. فلو أنني لا أستحق أن تسمع لي أكون أيضًا غير مستحق أن أقدم تقدمات عنك، أنت الذي وثقت في بنذورك وصلواتك... ليس من جانب الإمبراطور أن يرفض حرية الكلام، ولا من جانب الكاهن ألا ينطق بما يفكر فيه].
لقد قدم لنا القديس يوحنا الذهبي الفم مثلًا رائعًا لاهتمام الرقيب لا بالجماعة ككل بل بكل نفس كما لو كانت الجماعة كلها، إذ يقول: [كل واحد منكم - في عينيَّ - يساوي المدينة كلها].
مرة أخرى يقول: [لا يقل لي أحد إن كثيرين قد نفذوا الوصية، فإنني لا أبتغي هذا، بل أريد الكل أن يفعلوا هكذا. فإنني لا أستطيع أن التقط أنفاسي حتى أرى ذلك قد تحقق! فإنه إن كان واحد قد ارتكب الزنا بين أهل كورنثوس لكن بولس كان يتنهد كما لو أن المدينة كلها ضاعت ].
لقد شعر القديس بولس بمسئوليته كرقيب، فيقول لقسوس الكنيسة التي في أفسس: "لذلك أشهدكم اليوم هذا أني بريء من دم الجميع، لأني لم أؤخر أن أخبركم بكل مشورة الله... اسهروا متذكرين أني ثلاث سنين ليلًا ونهارًا لم أفتر عن أن أنذر بدموع كل واحد" (أع 20: 26، 27، 31).
وكما يقول الآب قيصريوس أسقف آرل: [من أي دم الرسول بريء...؟ دم النفوس طبعًا وليس دم الأجساد].
كما يقول: [يلزمنا أن نخاف لئلا تهلك نفوس الكثيرين بسبب مجاعة كلمة الله الناجمة عن اهمالنا فتطلب من نفوسنا في يوم الدينونة ].