القديس بولس
هو يخوض المعركة عينها: معركة حق الأمم ولكن من وجهة نظر اليهود. إنه يخوضها خلال المقارنة بين الكهنوت اللاوي والكهنوت الجديد، معلنًا أنه لو كانت هناك كفاية في الكهنوت اليهودي لما قامت الحاجة إلى كهنوت "على طقس ملكيصادق" الذي قدّم له إبراهيم العشور علامةً على أن ملكي صادق أعلى مكانة من إبراهيم (عبرانيين 4: 14؛ 5؛ 7-10) فالمقارنة التفصيلية بين العهدين القديم والجديد، وأفضلية الجديد الذي حررنا من الحاجة إلى الناموس - هذا كله دليل على أن الرسالة للعبرانيين قد كتبها بولس إليهم، وعلى الأخص لأنه كان متلهّفًا إلى دخولهم الإيمان بالسيد المسيح بوصفه المسيا الذي نادى به الأنبياء. إنه منذ أن لاقاه السيد المسيح على الأرض في دمشق لم يهدأ ولم يسترح، بل إنه رُجم في لسترة ولم يتركه راجموه إلا حين زعموا بأنه مات، قام وباشر نشاطه الكرازي لفوره! وهو حين تفاخر بضيقاته انتهى إلى القول: "... الاهْتِمَامُ بِجَمِيعِ الْكَنَائِسِ. مَنْ يَضْعُفُ وَأَنَا لاَ أَضْعُفُ؟ مَنْ يَعْثُرُ وَأَنَا لاَ أَلْتَهِبُ؟" فقد أشعلته محبة السيد المسيح اشتعالًا فأشعل كل من استطاع أن يلهب قلبه. حتى السجن والسلاسل لم تمنعه من الكرازة. فعاش فاديه بحق. وبحق عاش في كرازته المبدأ المثالي الذي أصرّ عليه، وهو أنه في المسيح يسوع "لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (غلاطية 3: 28).