رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب الغيرة المقدسة - البابا شنوده الثالث الغيرة نار ملتهبة الغيرة المقدسة هى نار متقدة في قلب المؤمن تدفعه بحماس شديد للسعى بكل الجهد لأجل خلاص الناس، وبناء الملكوت. وكما قيل عن السيد الرب إنه: "يريد أن جميع الناس يخلصون، وإلى معرفة الحق يقبلون" (1تى 2: 4).. هكذا أيضًا الإنسان الذي تلهبه الغيرة المقدسة، يريد أن جميع الناس يخلصون.. وليس فقط يريد، إنما يعمل بكل قوته، وبكل مشاعره، ولا يهدأ، كما قال داود النبى: "إنى لا أدخل إلى مسكن بيتى، ولا أصعد على سرير فراشى، ولا أعطى لعينى نومًا، ولا لأجفانى نعاسا، ولا راحة لصدغى. إلى أن أجد موضعًا للرب، ومسكنا لإله يعقوب" (مز 131). هكذا الذي تلهبه الغيرة المقدسة، لا يهدأ ولا يستريح، إلى أن يجد موضعا للرب في قلب كل أحد، ويخلص على كل حال قومًا (1كو 9: 22). الغيرة نار في قلب إنسان حار بالروح، يشتعل قلبه بمحبة الله، ومحبة الناس، ومحبة الملكوت. وبكل حرارة يعمل بجدية، ولكي يحقق رغباته المقدسة، من جهة خلاص الناس وإنتشار الملكوت. ولذلك حسنا عندما أراد الله أن يرسل تلاميذه للخدمة، حل الروح عليهم مثل السنة من نار. وبهذاألهبهم للخدمة، وصارت كلماتهم في الكرازة كلمات نارية، كأنها اسهم من نار تلهب القلب وتحرك الضمائر، و"لا ترجع فارغه" (إش 55: 11).. كلمة من القديس بطرس الرسول في يوم الخمسين قادت ثلاث آلاف إلى الإيمان (أع 2: 41). وبهذه الروح النارية، وبهذه الغيرة المقدسة، أتى ملكوت الله بقوة.. إنها النار التي قال عنها السيد المسيح: "جئت لألقى نارًا على الأرض، فماذا أريد لو اضطرمت" (لو 12: 49). إنه العمل النارى الذي بدأ يوم الخمسين واستمر. وبه وقف الرسل القديسون أمام كل قوة اليهود وكل قوة الرومان، يشهدون للإيمان " بكل مجاهرة، بلا مانع" (أع 28: 31) " ونعمة عظيمة كانت على جميعهم" (أع 4: 31، 33). ما أجمل قول المزمور: "الصَّانِعُ مَلاَئِكَتَهُ رِيَاحًا، وَخُدَّامَهُ نَارًا مُلْتَهِبَةً" (سفر المزامير 104: 4). فإن كنت نارًا تلتهب، حينئذ تصلح أن تكون خادمًا لله. إذ يجب أن يكون خدامه " حارين في الروح" (رو 12: 11)، لأن إلهنا نفسه قيل عنه إنه: "نار آكلة" (تث 24: 24). إرمياء النبي كذلك: كانت كلمة الله في جوفه " كنار محرقة " فلم يستطيع أن يهدأ، ولم يقدر أن يسكت، على الرغم من كل التعب الذي أصابه (إر 20: 9). قال له الرب: "هأنذا جاعل كلامى في فمك نارًا" (إر 5: 14). وصاح إرميا: "أحشائى أحشائى. توجعنى جدران قلبى. يئن في قلبى. لا أستطيع السكوت" (إر 4: 19). وهوذا داود النبي يقول: "غيرة بيتك أكلتنى، وتعييرات وقعت على" (مز 69: 9). أي أن التعبير الذي يصيبك يا رب من الخطاة، أو يصيب كنيستك وشعبك، كأنه وقع على أنا شخصيا. وداود شعر بهذا فعلا، لما عير جليات صفوف الله الحى (1صم 17: 26). ولم يهدأ حتى أزال ذلك العار.. الغيرة هى حالة قلب متحمس، ومتقد بمحبة الله، يريد أن محبة الله تصل إلى كل قلب. وهو إنسان يحب الله، ويريد أن جميع الناس يحبونه معه هو إنسان يشتغل قلبه من نحو مجد الله ونشر كلمة الله، ويريد أن ملكوت الله ينتشر حتى يشمل كل موضع وكل أحد. ويريد أن الإيمان يدخل كل قلب، ولا يفقد أحد نصيبه في هذا الملكوت. الإنسان الذي يتصف بالغيرة، يكون إنسانًا متقدًا بالنار. كلامه كالنار في حماسته، وصلاته كالنار في قوتها، وخدمته كالنار في فاعليتها وفي امتدادها. بغيرته يلهب القلب، ويشغل المشاعر، ويقوى الارادة ويدفع السامع دفعًا نحو التوبة ونحو الملكوت، وينخسه في ضميره بطريقة لا يمكن أن يقاومها.. وبعكس ذلك هناك من يتكلمون باسلوب فاتر لا يقنع أحدًا ولا يأتى بثمر، ولا تظهر فيه حرارة الروح. ومن أمثلة الكلمة الباردة، توبيخ عالى الكاهن لأولاده. قال لهم " لا يا بنى، ليس حسنا الخبر الذي اسمع: تجعلون شعب الله يتعدون.. " كلام لا جدية فيه ولا حزم ولا حرارة، لذلك لم يؤثر فيهم، وقيل بعده: "ولم يسمعوا الصوت أبيهم" (1صم 2: 23 – 25). عرضوا أباهم لغضب الله عليه. مثال آخر وهو انذار لوط لأنسبائه في سادوم. لم تكن في حياته بينهم القوة التي تجعل لكلامه تأثيرا. لقد رأى شروهم من قبل، ولم تكن له الغيرة المقدسة على وصية الله. يكفى أنه أعطاهم بناته زوجات وصاهرهم! لذلك عندما قال لهم " قوموا اخرجوا من هذا المكان، لأن الله مهلك المدينة"، لم يسمعوا، بل يقول الكتاب " فكان كمازح في أعين أصهاره" (تك 19: 14). بعكس ذلك كان بولس الرسول مثلا، الذي أنه وقف متهما أمام فيلكس الوالى، ويقول عنه الكتاب " وبينما كان يتكلم عن البر والتعفف والدينونة العتيدة ارتعب فيلكس.." (أع 24: 25). وبنفس الوضع حينما تلكم أمام أغريباس الملك، لم يستطع هذا الملك الوثنى أن يقاوم قوة الكلام الذي كان يتكلم به بولس، " فقال أغريباس لبولس: بقليل تقعنى أن أصير مسيحيًا" (أع 26: 28). الغيرة قوة فعالة، فيها الاهتمام والجدية، وليست فيها رخاوة. فقد قال الكتاب " ملعون من يعمل عمل الرب برخاوة" (أر 48: 10). لذلك كان خدام الله المتصفون بالغيرة، يعملون بكل جهد وقوة وبذل ولعلنا سنشرح ذلك في الفصل الخاص بـ(شروط الغيرة). قال الرب لتلاميذه: هلم ورائى فاجعلكم صيادى الناس (مت 4: 19). و الصياد المفروض فيه أن يبحث عن الأماكن التي يوجد فيها اسماك، والتي يمكن فيها الصيد، ويضع الطعم، ويرمى الشبكة، ويجاهد ويصبر، كما قال القديس بطرس " تعبنا الليل كله.." (لو 5:5). إذن المسألة فيها تعب وجهد، ولكنها تنتهى بالفرح كلما امتلأت الشبكة سمكًا. بولس الرسول كان يسهر إلى بعد منتصف الليل يعظ (أع 20: 7). ومعروفة قصة افتيخوس الذي نام فوقع من الطاقة (أع 20: 7). وربنا يسوع المسيح ظل يعظ الناس طول اليوم، حتى مال النهار (لو 9: 12). إذن علينا أن نبذل جهدًا، بكل غيرة، من أجل خلاص الناس.، كما قال الرسول عن خدمته " في تعب وكد، وأسهار مرارًا كثيرة" (1كو 11: 27). لخادم المتلهب بالغيرة، لا يكتفى فقط بالتعب، وإنما يصلي ويكتئب ويبكي! |
07 - 02 - 2014, 05:19 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الغيرة المقدسة - البابا شنوده الثالث
يصلي ويبكي ويكتئب! إنه يصلى ويقول: لتكن مشيئتك منفذة على الأرض، كما هى منفذة في السماء. وليأت ملكوتك.. فلتملك يا رب على قلب كل أحد. ولتملك على الشعوب وعلى الأمم.. على البلاد التي إنتشر فيها الإلحاد، وبدأت تفقد الإحساس بوجود الله. ولتملك على كل واحد لا يعرفك، ولا يعرف محبتك للبشر وخلاصك العجيب.. و هناك شخص إذا إشتعلت الغيرة في قلبه، ولم يستطع أن يعمل شيئا، يقف أمام الله ويبكى. يقف أمام خريطة آسيا مثلا، ويبكى على مئات الملايين التي لا تعرف الله: ألف مليون شيوعى في الصين لا يعرفون الله، وكذلك حوالى خمسمائة مليون في الهند، وأكثر من مائتى مليون في اليابان، و.. وما أكثر الذين يعبدون برهما وبوذا Buddha وكنفوشيوس Confucius..! حقا أين ملكوت الله فى هذه القارة التي ولد فيها المسيح.. متى يا رب يتحقق المزمور الذي يقول: "للرب الأرض وملؤها، المسكونة وكل الساكنين فيها.." (مز 24)؟! وماذا نقول أيضًا عن الهنود الحمر، وعن القبائل البدائية في أواسط أفريقيا وفي النصف الجنوبى منها. إن لم ينفعل من أجل الغرباء البعيدين، فعلى الأقل يشتعل قلبه من جهة المسيحيين الذين لهم اسم المسيحية فقط، بينما يسلكون في حياة الإباحية والمادية، ولا صلة لهم بالله ولا بالكنيسة، ولا يحيون حياة روحية..! ثم ماذا عن المسيحيين الذين يغيرون مذهبهم أو دينهم، أو يعيشون بلا دين..؟! متى يرجع هؤلاء جميعًا جميعًا إلى الله؟! هنا وتملك الغيرة على القلب، فيقول مع إرميا النبى: " ياليت راسى ماء، وعينى ينبوع دموع، فأبكى نهارًا وليلا قتلى بنت شعبى" (إر 9: 1). إنه يبكى نهارًا وليلا، على أولئك الذين قتلتهم الخطية، والذين أضلهم الشياطين، وإختاروا طريقا آخر، واصبحوا عرضة للهلاك. هوذا داود النبى، تملكه الكآبة، وتملكة الدموع، من أجل الخطاة الذين إنحرفوا فيقول في غيرته للرب: الكآبة ملكتنى من أجل الخطاة الذين تركوا ناموسك. رأيت الذين لا يفهمون فاكتأبت، لأنهم لم يحفظوا أقوالك0 غاصت عيناى في مجارى المياه، لأنهم لم يحفظوا ناموسك (مز 119). نتذكر هنا صموئيل، حينما ناح على شاول: لما رفض الرب شاول: "إغتاظ صموئيل، وصرخ إلى الرب الليل كله" (1صم 15: 11) " ناح صموئيل على شاول والرب ندم لأنه ملك شاول على إسرائيل" (1صم 15: 35). ونتذكر هنا جهاد آباء الاعتراف لأجل أولادهم: وفى ذلك يقول القديس بولس الرسول: "أطيعوا مرشديكم واخضعوا، لأنهم يسهرون لأجل نفوسكم،:أنهم سوف يعطون حسابًا، ولكي يفعلوا ذلك بفرح غير انين" (عب 13: 17). هكذا أب الاعتراف في غيرته على خلاص أبنائه، يبكى لأجل الخاطئ، ويحزن معه، ويصوم معه، ويداوم على المطانيات لأجله، ويذلل نفسه لأجل خلاصه. ويصلى لأجل كل واحد من أولاده: يا رب إرحم فلان، يا رب إغفر له وسامحه. يا رب ساعد فلان، وأنقذه من الخطية الفلانية. لا تسمح يا رب أن يهلك وأن طول النهار والليل، له حزن ووجع في قلبه لا ينقطع من أجل آبنائه بالروح. يريد أن يقول عنهم كما قال الرب للآب في (يو 17: 12). " الذين أعطيتنى حفظتهم، ولم يهلك منهم أحد". |
||||
07 - 02 - 2014, 05:20 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الغيرة المقدسة - البابا شنوده الثالث
العمل الإيجابي هنا ونتذكر ايضًا غيرة نحميا وكم عملت: لقد سمع من بعض الإخوة أن سور أورشليم منهدم، وأبوابها محروقة بالنار، وأهلها في شعر وعار. فغار غيرة للرب. يقول: "فلما سمعت هذا الكلام، جلست وبكيت، ونحت أياما وصمت وصليت أمام إله السماء وقلت:.. هم عبيدك وشعبك الذي افتديت بقوتك العظيمة.." (نح 1: 3، 4، 10). ولكن نحميا لم يكتف بالصلاة والنوح، بل عمل عملًا. لقد قرر أن يكلم الملك في هذا الأمر. لقد كان ساقيا للملك وكان موقفه حساسًا، ولكنه لم يصمت. فلما سأله الملك عن سر كآبته، أجابه: "كيف لا يكمد وجهى، والمدينة بيت مقابر آبائى خراب، وأبوابها قد أكلتها النار؟! " وأضاف: "إذا سر الملك، وإذا أحسن عبدك أمامك، ترسلنى إلى يهوذا، إلى مدينة قبور آبائى، فأبنيها" (نح 2: 3، 5). وهكذا لم تكن غيره نحميا مجرد إنفعال، وإنما كانت غيرة عملية إيجابية بناءة فسافر، وجمع الشعب، ونظم العمل، وقال قولته المشهورة: "هلم فنبنى سور أورشليم، ولا نكون بعد عارًا" (نح 2: 17). وتحمل في سبيل البناء الكثير من المتاعب وشماتة الأعداء، ولكنه صمد فة قوة. وكان العاملون معه " باليد الواحدة يعملون العمل، وبالأخرى يمسكون السلاح" (نح 4: 17) إلى أن تم بناء السور في أثنين وخمسين يومًا (نح 6: 15) وتفرغ بعد هذا للإصلاحات الروحية وقيادة الشعب إلى التوبة (نح 8 – 10) حقا أن غيرة القلب تدفع إلى الكآبة وإلى البكاء من أجل الخطاة، كما كما تدفع أيضًا إلى العمل الكرازى في قيادة الناس إلى الإيمان والتوبة. قيل عن القديس بولس لما دخل أثينا إنه: "إحتدت روحه فيه، إذ رأى المدينة مملوءة أصنامًا " (أع 17: 16). لذلك كان يكلم الذين يصادفونه في السوق كل يوم، ودخل في مناقشة مع الفلاسفة الأبيقوريين والرواقيين، وتكلم أيضًا مع الأريوس باغوس.. كما تكلم في مجامع اليهود.. وهكذا فعل أبلوس، وهو حار بالروح: " كان هذا خبيرًا في طريق الرب. وكان وهو حار بالروح يتكلم ويعلم بتدقيق ما يختص بالرب.. وكان باشتداد يفحم اليهود جهرًا مبينا بالكتب أن يسوع هو المسيح" (أع 18: 25، 28). هناك عمل آخر في الغيرة وهو الصراع مع الله. |
||||
07 - 02 - 2014, 05:21 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الغيرة المقدسة - البابا شنوده الثالث
الصراع مع الله مثال ذلك الموقف العجيب الذي وقفه النبى، لما أخبره الله أنه سيهلك الشعب إذ عبدوا العجل الذهبي.. حينئذ شفع فيهم موسى بكل غيرة، طالبا من الله أن يغفر لهم فلا يهلكوا ووصل في حماسة أنه قال: " لماذا يا رب يحمى غضبك على شعبك؟!.. والآن إن غفرت خطيتهم، وإلا فامحنى من كتابك الذى كتبت " خر 32: 11، 32). أى أنه يقول: لا أريد أن أدخل الملكوت وحدى. فإما أن تغفر لهؤلاء، وإما أن أهلك معهم إن هلكوا، وتمحو اسمى من كتابك الذي كتبت..!! انظروا إلى أية درجة وصلت محبة موسى وغيرته، لذلك فإن الله – قبل أن يعاقب - قال له: " أتركنى ليحمى غضبى عليهم وأفنيهم، وفأصيرك شعبًا عظيمًا" (خر 32: 10). وأنا أقف منذهلًا أمام كلمة " إتركنى " يقولها الرب لموسى، كما لو كان موسى ممسكًا به لا يدعه يفعل..! تقول له: "إتركنى "؟! ومن الذي يمسكك يا رب؟! وما الذي يمنعك، وأنت الإله القادر على كل شئ؟! إنها محبة موسى للشعب، وغيرة موسى على خلاصهم، تمسك بالرب، تمنعه من إفنائهم.. هوذا موسى يقول له: إرجع يا رب عن حمو غضبك، واندم على الشر بشبعك.. إذكر إبراهيم واسحق.. " خر 32: 12، 13) " لماذا يتكلم المصريون قائلين: أخرجهم بخبث ليقتلهم في الجبال، ويفنيهم عن وجه الأرض؟! (خر 32: 12). هذا هو الصراع مع الله: فيه تضرع، وشفاعة، وفي منطق واقناع، وفيه حب للناس، وفيه إمساك بالرب (ومنعه) عن إهلاكهم..! كنت وأنا طفل صغير ضئيل المعلومات، أظن أن يعقوب أبا الآباء هو الوحيد الذي صارع مع الرب وقال له: "لا أتركك إن لم تباركنى" (تك 32: 26). ولكن هوذا موسى يقول يقول له أيضًا " لا أتركك".. لا أتركك يحمى غضبك على الشعب. لا أتركك تفنيهم لا اتركك حتى تغفر لهم وتندم على الشر.. لابد أن تسامح. لابد أن تغفر. وإن كنت لا تريد أن تغفر لهم، أمح اسمى من كتابك الذي كتبت.. إنها غيرة قلب، لا يشاء أن أحد يهلك. " يريد أن الجميع يخلصون، وإلى معرفة الحق يقبلون (1تى 2: 4). ويصارع مع الله من أجل خلاص الكل، حتى الذين سجدوا للعجل الذهبى، قالوا: "هذه هى آلهتك يا إسرئيل التي أصعدتك من أرض مصر" (خر32: 4)..! " إن لي حزنا عظيما ووجعًا في قلبى لا ينقطع. فإنى كنت أود لو أكون أنا نفسى محرومًا من المسيح، لأجل إخوتى أنسبائى حسب الجسد" (رو 9: 2، 3) لو كان حرمانى هذا يوصلهم، لفضلت أن أكون محرومًا من المسيح، لكي يصلوا هم إليه!! أى حب أعظم من هذا في محيط الخدمة؟! وأية غيرة أعمق من هذه، في بذل الذات لأجل الآخرين. إنها محبة للناس وشفقة عليهم. أولاد الله الذين تملكهم الغيرة لهم صراع مع الله من أجل الكنيسة وصراع مع الله من أجل خلاص كل نفس. إنهم يصرخون إلى الله ويقولون له: قم أيها الرب الإله، وليتبدد جميع أعدائك.. وليهرب من قدام وجهك كل مبغضى إسمك القدوس. وأما شعبك فليكن بالبركة ألوف ألوف وربوات ربوات يصنعون مشيئتك. قم أيها الرب الإله، فإن البار قد فنى، قلت الأمانة من بنى البشر (مز 12: 1). قم واعمل. لأنك رجاء من ليس له رجاء، ومعين من ليس له معين، قم فإننا قد تعبنا الليل كله ولم نصطد شيئا (لو 5: 5). أنت القوة وأنت المعين، وبدونك لا نقدر أن نعمل شيئا (يو 15: 5). من الوسائل الروحية التي تعمل بها الغيرة المقدسة، تشجيع الخطاة حتى لا يدركهم اليأس فيفشلوا. |
||||
07 - 02 - 2014, 05:23 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الغيرة المقدسة - البابا شنوده الثالث
تشجيع الخطاة ما أجمل وما أعمق قول القديس بولس في هذا المعنى: " شجعوا صغار النفوس. اسندوا الضعفاء. تأنوا على الجميع" (1تس 5: 14) إن أخطر سلاح يستخدمه الشيطان، هو أن يشعر الإنسان الخاطئ بأنه لا فائدة، وأن الخطية قد سيطرت تمامًا ولا مخرج منها! وبهذا اليأس يقوده إلى الاستسلام والبقاء حيث هو في وضعه الخاطئ.. بلا طريق إلى التوبة والخلاص. أما الإنسان المملؤ غيره على خلاص النفس، فإنه: يفتح أمام الخطاة باب الرجاء، ويدفعهم فيه دفعًا.. ينفخ في الفتيلة المدخنة لعلها تشتعل، ويعصب القصبة المرضوضة bruised reed لعلها تستقيم، ويقول لكل أحد: "لا تخف. الله سوف لا يتركك. معونة الله معك. هناك حلول كثيرة لمشكلتك. الله لا يعجز عن حلها". وهكذا يدفعه دفعًا كما كان الملاكان يدفعان لوطًا إلى خارج سادوم (تك 19: 15، 16). وهكذا يتذكر قول الرسول: "قوموا الأيادى المسترخية والركب المخلعة" (عب 12: 12). مستخدمًا في ذلك كل عطف وحنو وطول أناة..، ويضرب الأمثلة بالذين كانت حالتهم أسوأ وأمكنهم أن يخلصوا.. أيضًا بالغيرة يدفع الخدام إلى الخدمة بقوة، ويشجعهم. وهكذا كان السيد المسيح يشجع التلاميذ قائلا لهم " لا تضطرب قلوبكم ولا تجزع" (يو 14: 27) " ها أنا معكم كل الأيام وإلى أنقضاء الدهر" (متى 28: 25).. " سيسلمونكم إلى مجالس، وفي مجامعهم يجلونكم.. فمتى اسلموكم فلا تهتموا كيف أو بما تتكلمون، لأنكم تعطون في تلك الساعة ما تتكلمون به. لأن لستم أنتم المتكلمين، بل روح أبيكم فيكم" (متى 10: 17- 20) " حتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة" (متى 10: 30). وبهذا التشجيع، كانوا يمتلئون غيرة، ويخدمون بلا خوف. وبهذا التشجيع، كانوا يمتلئون غيرة، ويخدمون بلا خوف. هوذا الله يشجع ارمياء في العهد القديم ويقول له " لا تخف من وجوههم، لأنى أنا معك لأنقذك.. ها قد جعلت كلامى في فمك.. هأنذا قد جعلتك اليوم مدينة حصينة، عمود حديد وأسوار نحاس على كل الأرض.. فيحاربونك ولا يقدرون عليك، لأنى أنا معك –يقول الرب – لأنقذك" (أر 1: 8 _ 19) وبنفس الوضع قال الرب لبولس مشجعًا: " لا تخف، بل تكلم ولا تسكت، لأنى أنا معك، ولا يقع بك أحد ليؤذيك" (أع 18: 9، 10). وبنفس الطريقة قام الرب بتشجيع موسى لما اعتذر بأنه ليس صاحب كلام. فقال له الرب " اذهب وأنا أكون مع فمك، وأعملك ما تتكلم به.. وتأخذ في يدك هذه العصا التي تصنع بها الآيات" (خر 4: 10- 17) حتى أقوى الناس يحتاجون أحيانًا إلى تشجيع، كما حدث مع إيليا النبي لما هرب من إيزابل (1مل 19). إن حرارة الغيرة إذا فترت، فالتشجيع يشعلها. وإن كان الأنبياء يحتاجون إلى تشجيع كما شرحنا بالنسبة إلى ارمياء وموسى وإيليا (ا) وبولس الرسول وباقى الرسل.. فكم بالأولى الخطاة في سقطاتهم.. إن وجدت خاطئًا عاجزًا عن التوبة لأنه يحب الخطية. قل له: إن محبة الخطية سوف لا تستمر معك. لأن نعمة الله ستعمل فيك وتنقذك من محبة الخطية. وسيأتى وقت تكرهها وتشمئز منها. الله لن يترك الشيطان يحاربك طول الزمان بلا هوادة، فلابد أن الله سيوقفه عند جده. فلا تخف. يسقط عن يسارك ألوف، وعن يمينك ربوات، وأما أنت فلا يقتربون إليك. بل مجازاة الخطاة تبصر (مز 91). هناك أشخاص يسيرون في حياة البر، ويخافون من عدم القدرة على إكمال الطريق. وهناك من قد أحاطت بهم التجارب، ويخشون من عدم القدرة على النجاة أو على الصمود.. هؤلاء وأولئك: اشرح لهم عمل النعمة وعمل الروح القدس. واشرح لهم أن الله لا يترك الإنسان بمفرده، حتى إن ضغطت عليه التجارب إلى حين، فلابد أن نعمة الله ستدركه وتنقذه. شجعهم بقول ارمياء النبى، لما أحاط الأعداء بالمدينة: الذين معنا أكثر من الذين علينا (2مل 6: 16). بهذا لا يخاف الخطاة وإنما يصمدون. وإلى جوار تشجيع الخطاة، لابد أيضًا من التدرج معهم |
||||
07 - 02 - 2014, 05:24 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الغيرة المقدسة - البابا شنوده الثالث
التدرج مع الخطاة ليست الغيرة القوية هى فرض حياة الكمال على الناس، حتى لو كانوا لا يستطيعون السلوك فيها! فقد حاول الكتبة والفريسيون أن يفعلوا ذلك، فلامهم السيد المسيح له المجد لأنهم كانوا " يحزمون أحمالًا ثقيلة عسرة الحمل، ويضعونها على أكتاف الناس، وهم لا يريدون أن يحركوها بأصبعهم" (متى 23: 4). وكانوا بهذا يغلقون ملكوت السموات قدام الناس. فلا هم دخلوا، ولا جعلوا الداخلين يدخلون (متى 23: 13). ليست الغيرة هى لوم الناس على عدم السلوك في المثاليات، إنما الغيرة هى مساعدتهم على السلوك فيها. هى اعطاء قوة للضعيف، ورجاء لليائس، وثقة لمن يظن حياة البرفوق مستواه. هى الأخذ بيد كل إنسان، ورفعه إلى المستوى الذي نريد له. وذلك بأن تثبت له أن الحياة الروحية سهلة وممكنة، وتزيل منه الخوف.. ولا يأتى ذلك إلا بالتدرج مع التائب والمبتدئ. والتدرج له في الكتاب المقدس أمثلة عديدة: منها ما قاله الرسل في أول مجمع مقدس عقدوه في أورشليم بشأن قبول الأمميين في الإيمان. أي هؤلاء الآباء القديسون، وفي حنو ورحمة وحكمة: " أن لا يثقل على الراجعين إلى الله من الأمم" (أع 15: 19 ) " بل يرسل إليهم أن يمتنعوا عن نجاسات الأصنام، والزنا، والمخنوق والدم" (أع 15: 20)..و هكذا لم يضعوهم أمام وصايا عديدة تجعل الطريق صعبًا أمامهم0و هكذا قال بولس الرسول أيضا لأهل كورنثوس: " لم استطع أن أكلمكم كروحيين، بل كجسديين، كأطفال في المسيح. سقيتكم لبنا لا طعامًا، لأنكم لم تكونوا بعد تستطعيون" (1كو 3: 1،2). الغيرة المقدسة لا تعنى أن تجعل المبتدئ يجتاز الطريق الروحي كله في فتره واحدة، فهذا غير ممكن عمليا. إنما خذ بيده خطوة خطوة يصل. وهكذا كلما يجد لذة في الحياة الروحية، يشتاق أن ينمو فيها، ويكمل طريقه. ولا يأتى ذلك بالضغط أو بالأمر، إنما بالنمو الطبيعى. وحسنًا قال أبونا يعقوب عن غنمه الرخصة وبقرة المرضعة: "إن استكدوها.. ماتت في الطريق" (تك 33: 13). حتى السيد المسيح نفسه قال لتلاميذه " إن لي أمورًا كثيرة أيضًا لأقول لكم، ولكنكم لا تستطيعون أن تحتملوا الآن" (يو 16: 12).. وهكذا كان يعلن لهم كل شيء في حينه، حينما يمكنهم أن يستوعبوا.. واستخدم الرب مبدأ " في ملء الزمان" (غل 14: 4). ولذلك فالغيرة لا تعنى القسوة في القيادة والارشاد. لا تعنى تشامخ الذين يعرفون، على الضعفاء الذين لا يقدرون. ولا يمكن أن تعنى مطلقًا أن تطالب المبتدئ بالوصول إلى القمة، وإلا أشبعته تو بيخًا وانتهارًا باسم الغيرة المقدسة. إن لكل إنسان مستواه " كما قسم الله لكل واحد مقدارًا من الإيمان" (رو 12: 3). فلا نطالب الكل بمستوى واحد باسم الغيرة. وإنما كل واحد حسب قدرته وإمكانياته ومواهبه. وربما ما لا يستطيعه الآن، يستطيعه فيما بعد. إذن لا تثبط همة أحد. بل شجع الكل، وتدرج مع الصغير حتى يكبر، ومع الضعيف حتى يقوى،.. في غير كبرياء وفي غير فريسيه. كن حانيًا ولا تكن جانيًا. اعمل على تقوية الضعيف بدلا من أن تنتهره.. ومع تشجيع الخطاة والتدرج معهم، ضع أمامك قاعدة روحية هامة في فهم هذه النقطة وهى: المقصود هو تسهيل الوصايا، وليس التساهل في الوصايا. ونحن نقول في صلوات القداس الإلهى " سهل لنا طريق التقوى". والمدرس الناجح يسهل أمام تلاميذه فهم العلوم. وهكذا الناجح يسهل طريقه تنفيذ الوصايا، دون أن يتساهل فيها، أي في كسرها.. حاشًا.. لذلك فلتكن غيرتك ممزوجة بالحكمة. واذكر قول الكتاب: " رابح النفوس حكيم" (أم 11: 30). ننتقل إلى نقطة أخرى في (كيف تعمل الغيرة؟) وهى عملها مع الله.. |
||||
07 - 02 - 2014, 05:25 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الغيرة المقدسة - البابا شنوده الثالث
الشركة مع الله لا يستطيع أحد أن يخلص إنسانًا إلا عن طريق الله نفسه فتحريك القلوب وايقاظ الضمائر، هو من أعمال الله ذاته، الذي قال فليكن نور، فكان نور (تك 1: 3)، والذى قال " بدونى لا تقدرون أن تعملوا شيئًا" (يو 15: 5). لذلك فالعمل على خلاص النفس، لا يكون إلا بالشركة مع الله. لذلك قال بولس الرسول عن نفسه وعن زميله أبولس " نحن عاملان مع الله" (1كو 3: 9) " وأنتم فلاحة الله، بناء الله". لابد أن يصل الإنسان إلى الله ليوصل الناس إليه. واضرب لك مثل الحديد والمغناطيس. المغناطيس يقدر أن يجذب الحديد. وإذا ما تمغنط الحديد، يمكنه أن يجذب إليه حديدًا آخر. وإذا تلاقت معهما قطعة حديد ثالثة، تنجذب أيضًا.. إذن الحديد المتلامس مع المغناطيس يمكنه ذلك. قطعة حديد وزنها طن لا يمكنها أن تجذب مسمارًا، إن كانت غير ممغنطه. ولكن مسمارًا ينجذب اليه. مثال آخر هو لمبة الكهرباء، وتيار الكهرباء: هناك لمبات كهرباء، جميلة جدًا، وقوية جدًا، ومن نوع ممتاز، تضئ فيفرح الناس جدًا بضوئها. ولكنها في الواقع لا تستطيع أن تعطى ضوءًا مالم تكن متصلة بتيار الكهرباء. فإن انقطع عنها تيار الكهرباء، فحينئذ باطل هو عملها، ولا فائدة من صنفها وجمالها وقوتها.. وهكذا باطلة كل غيرتك، وإن كانت بعيدة عن الله، الذي هو مصدر القوة.. وهكذا مع غيرة التلاميذ في نشر الملكوت، قال لهم الرب: "لا تبرحوا أورشليم حتى تلبسوا قوة من العالى (لو 24: 49). وأكمل ذلك بقوله " لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم، وحينئذ تكونون لي شهودًا" (أع 1: 8). وهكذا كان. ولم يبدأ الرسل خدمتهم إلا بعد حلول الروح القدس عليهم. أترى كانت غيرة الرسل تكفى لنجاح الخدمة، بدون حلول الروح القدسعليهم؟! كلا بلاشك. فالخدمة كلها عبارة عن الشركة مع الله، العامل فينا، والعامل معنا، والعامل بنا. " وإن لم بين الرب البيت، فباطلًا يتعب البناءون" (مز 127: 1) إن بولس كان يغرس وأبولس كان يسقى. لكن الله كان ينمى" (1كو 3: 6). ويعلق بولس الرسول على هذا الأمر فيقول " إذن ليس الغارس شيئًا، ولا الساقى، بل الله الذي ينمى" (1كو 3: 7). افحص إذن غيرتك. هل هى عاملة مع الله؟ إن فقدت الصلة بالله، فلن تستطيع أن توصل أحدًا إليه، مهما كانت غيرتك. لأن " فاقد الشئ لا يعطيه". لابد إذن أن نحب الله، لكي نجعل الناس يحبونه. ولابد أن نطيع وصاياه، حتى نقدر أن نشرح لهم عمليًا كيف تطاع الوصايا . حقًا أنه تواضع من الله أن يشركنا معه في عمله. ومع ذلك نحن نتكاسل! الله قادر أن يخلص العالم كله بدوننا. ولكنه من تواضعه اشركنا معه نحن الضعفاء ونحن الخطاة! فهل نتجاهل نعمته هذه ونتكاسل في عمله. ولا تكون لنا غيرة متقدة، مثله..! هذا عجيب حقا. والأعجب منه، أننا أحيانًا نعرقل الملكوت! بسلبياتنا، وبصراعاتنا في الخدمة، وبفتورنا، وبأخذ المفاتيح، ولا ندخل، ولا نجعل الداخلين يدخلون، بمنافسات بشرية بعيدة عن روح الغيرة وروح الخدمة!!ه |
||||
07 - 02 - 2014, 05:26 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الغيرة المقدسة - البابا شنوده الثالث
الغيرة لأجل الله وملكوته هناك دوافع كثيرة للغيرة المقدسة، بعضها خاص بالله وبعضها خاص بالناس، وبعضها خاص بالعمل ذاته، وبنفس الشخص. أولها الغيرة لأجل الله وملكوته. الذى يحب الله، يريد أن جميع الناس يحبونه. ويحترق قلبه بالغيرة إن وجد أناسًا بعيدين عن الكل. هو يريد أن يكون الكل لله " للرب الأرض ووملؤها، المسكونة وجميع الساكنين فيها" (مز 24: 1). والذى يحب الله، يريد أ ملكوت الله ينتشر. ويدخل الله في كل قلب، وفي كل بيت، وفي كل مدينة. ويصرخ ليلا ونهارًا، ومن عمق قلبه " ليأت ملكوتك". لذلك لا يحتمل أن يوجد مقاومون لله، يحاربون ملكوته.. فبكل جهده يعمل على أن يجذب الكل إلى ملكوت الله. والذى يحب الله، طبيعى أنه يحب أولاده.. فهو يريد أن الجميع يخلصون، ولا يشرد منهم أحد، ولا يهلك منهم أحد. كل نفس يصادفها تكون عزيزة عليه، لأنها من أولاد الله، الذين يجب أن تكون لهم صورة الله ومثاله. والذى يحب الله، يجد لذة في أن يفرح قلب الله. وكيف يفرحه؟ يقول الكتاب " يكون فرح قدام ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب" (لو 15: 10). إذن إن أردت أن تفرح قلب الله قدام ملائكة السماء، حاول أن تقود غيرك غلى التوبة. فيقول الله " ينبغى أن نفرح ونسر، لأن ابنى هذا كان ميتًا فعاش، وكان ضالا فوجد" (لو 15: 22). كذلك الذي يحب الله، ينفذ وصاياه. ووصيته تقول " اطلبوا أولًا ملكوت الله وبره" (متى 6: 33). وماذا أيضًا؟ إنه يقول " اعملوا لا للطعام البائد، بل للطعام الباقى الذى للحياة الأبدية" (يو 6: 27). فعلينا أن نطلب ملكوت الله بكل قوتنا وبكل مشاعرنا، ونقدم لأولاد الله الطعام الباقى اللازم لأبديتهم. |
||||
07 - 02 - 2014, 05:28 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الغيرة المقدسة - البابا شنوده الثالث
غيرة حب الناس وشفقة عليهم غيرتك على الناس تنبع من محبتك لهم،، ورغبتك في خلاصهم. لذلك اشعرهم بمحبتك. صادقهم. أجعلهم يحبونك، ويحبون الحياة المقدسة التي تحياها، ويشتاقون أن يكونوا مثلك في روحياتك التي تجذبهم إليك، وتجذبهم إلى إلى الله. وثق المحبة لها مفعول كبير وقوى.. السيد المسيح أظهر محبته للعشارين، وكان يأكل معهم أحيانًا، بينما كان الفريسيون يحتقرونهم. ولكن محبة المسيح كانت هى الغالبة، فكسبتهم.. ومن محبتك للناس تشفق على مصيرهم الأبدى. هناك آيات في الكتاب المقدس يقف الخادم أمامها مرتعبًا، مشفقًا على إخوته مثال ذلك قول الرب للهالكين، في اليوم الأخير: "إذهبوا عنى يا ملاعين، إلى النار البدية، المعدة لإبليس وملائكته" (مت 25: 41). مساكين هؤلاء الناس الذين سيذهبون إلى النار المؤبدة، ويكونون في عشرة إبليس وباقى الشياطين في المكان الذي قال عنه سفر الرؤيا (رؤ 21: 8): " في البحيرة المتقدة بنار وكبريت، الذي هو الموت الثانى". هناك حيث يوجد " الخائفون، وغير المؤمنين، الرجسون، والقالتلون، الزناة، والسحرة، وعبدة الأوثان، وجميع الكذبة" (رؤ 21: 8). ما أرعب هذا المصير إن تصورنا فيه بعض إخوتنا وأصدقائنا ومعارفنا، أوأى أحد من البشر عمومًا.. هذا المصير الذي قال عنه الرب: " هناك يكون البكاء وصرير الأسنان" (مت 13: 50) " هكذا يكون في إنقضاء العالم: يخرج الملائكة، ويفرزون الأشرار من بين الأبرار، ويطرحونهم فى أتون النار.. " " وكما يجمع الزوان ويحرق بالنار، هكذا يكون في إنقضاء هذا العالم.. (مت 13: 49، 50، 40). بل ما أصعب هذه العبارة، تخرج من فم الرب: " إنى لم أعرفكم قط. اذهبوا عنى يا فاعلى الإثم". هكذا يقول في اليوم الأخير للذين لم يفعلوا إرادة الآب الذي في السموات (مت 7: 21، 23). وهكذا يقول يقول أيضًا للعذارى الجاهلات: "الحق أقول لكن إنى ما أعرفكن" (مت 25: 12). كلما نتذكر الآيات الخاصة بالأبدية، نخاف على إخوتنا. الآيات الخاصة بالعذاب الأبدى، وبالظلمة الخارجية، وبصرخة غنى للعازر يطلب قطرة ماء يبل بها فمه، وهو معذب في ذلك اللهيب (لو 16: 24). عندئذ تملك الغيرة على قلوبنا، ونخاف على أولئك الذين سيهلكون، ويحرمون من الله وملائكته، ويطرحون في العذاب الأبدى، بلا أمل، بلا رجاء، وبلا نهاية.. ليست المسألة إذن مجرد غيره على ملكوت الله، وإنما أيضًا هذه الغيرة تحمل داخلها محبة الله، محبة الناس، وإشفاقًا عليهم من المصير الأبدى.. محبة تسعى إلى خلاص هذه الأنفس المهددة بالهلاك الأبدى. وكما قال القديس بطرس الرسول: "نائلين غاية إيمانكم خلاص النفوس، الخلاص الذي فتش وبحث عنه أنبياء.." (ابط 1: 9، 10). |
||||
07 - 02 - 2014, 05:30 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الغيرة المقدسة - البابا شنوده الثالث
دوافع غيرة بولس الرسول إنه يقول في محبته للناس واهتمامه بهم: " من يضعف، وأنا لا أضعف. من يعثر وأنا لا ألتهب" (2كو 11: 29). أى أنه لو مرض أحد، أنا في تجاوبى معه اصبح كأنى مريض مثله. ولو أن أحدًا عشر أو سقط في حياته، ألتهب أنا بالغيرة من نحوه لكي أخلص هذا الإنسان الذي مات المسيح من أجله. وأنقذه من الفتور، لكي يرجع إلى حرارته الأولى.. وكان القديس بولس يستخدم كل الوسائل التي تناسب الناس لكي يخلصهم. وفي ذلك يقول: " إذ كنت حرًا، استعبدت نفسى للجميع، لأربح الكثيرين " " صرت لليهود كيهودى، لأربح اليهود. وللذين تحت الناموس، كأنى تحت الناموس، لأربح الذين تحت الناموس". " صرت للكل كل شيء، لأخلص على كل حال قومًا" (1كو 9: 19 – 22). إنه كفاح لأجل الناس. يلتمس فيه الرسول كل الوسائل المناسبة لخلاصهم. المهم أن يخلصوا، بكافة الطرق. وكما يقول القديس يهوذا الرسول: "وارحموا البعض مميزين، وخلصوا البعض بالخوف، مختطفين من النار، مبغضين حتى الثوب المدنس من الجسد" (يه 22 / 23). المهم أن تعمل عملًا، ولا تقف تتفرج. |
||||
|