|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بقلم المستشار / أحمد رزق رئيس النيابة الادارية اصلاح المنظومة الانتخابية في مصر الديمقراطية لا نولد بها و لا نكتسبها بالبلوغ .. الديمقراطية كقيادة السيارة نتعلمها ثم نكتسبها بالممارسة .. نتعلمها اولا ثم نكتسبها بعد ذلك بالممارسة .. فالمرء ليتعلم القيادة يراقب اولا من يقود بجواره ليتعلم منه ، ثم يقود و بجواره من يلاحظه و يؤمنه في لحظة الخطر ، قبل ان يقود منفردا متحملا مسئوليته .. فإذا ما تغاضى عن تلك الخطوات و قفز لخطوة القيادة منفردة تكون النتيجة حادثة و العياذ بالله .. و الامر كذلك في الديمقراطية اذا لم تلاحظ ثم تتدرب ثم تمارس في النهاية تكون العاقبة حادثة .. بالبلدي تلبس في حيطة .. اين نحن من الديمقراطية ؟ قد يرى البعض اننا بعيدين كل البعد عن ممارسة الديمقراطية و هو صائب و قد يرى البعض – وهو صائب ايضا - اننا سنة اولى ديمقراطية و هي العبارة التي ما تزال برامج التوك شو تصدرها لنا منذ ثورة يناير حتى يومنا هذا .. و لكن المخطئ بحق هو من يدعي اننا مارسنا الديمقراطية في الانتخابات و الاستفتاءات التي مررنا بها منذ ثورة يناير و حتى الان .. فالديمقراطية يا سادة ليست العرس الديمقراطي الذي تدعيه كاميرات التلفزيون في عند لقاء البسطاء في اللجان ، و الديمقراطية ليست في الحشود امام اللجان و الاصابع التي انغمست في الحبر الفسفوري .. فالديمقراطية ليست في الصندوق و لكن في العقول .. الديمقراطية ليست هدف في ذاتها ، ليست ان نخرج على العالم معلنين مشاركة حتى لو 90 % من المصريين في الانتخابات فنكون نجحنا و حققنا هدفنا ، لكن الديمقراطية هي وسيلة نصل بها لهدفنا في وطن افضل .. فالمفترض ان نقف في طابور الانتخاب منتظرين ان نصل لغايتنا من الصندوق و ليس لأن نصل فقط للصندوق فنختار ما لا نعلم لسبب لا نعرفه .. و الامر ليس ببعيد فقد عانينا في الانتخابات الرئاسية الاخيرة من اختيارات الناخبين – و التي كنا كقضاة شهود عليها – لمرشح دون غيره ليس لاقتناعهم بالشخص او برامجه الانتخابي و انما اختيار تحت تأثير دعم المسجد او الكنسية لمرشح دون منافسه بل ان هؤلاء البسطاء كانوا حتى عاجزين عن تحديد اسم مرشحهم .. و الامر لم يتغير كثيرا في الاستفتاء الاخير على الدستور فتأيد الدستور او رفضه لم يكن لاقتناع غالب الناخبين به او لرفضهم ما جاء فيه و انما كان تأييدا للجيش المصري او نكاية في جماعة بعينها و كان رفض الدستور تأييدا لتلك الجماعة او رفضا لوجود الجيش في الساحة السياسية ، فالدستور لم يكن محل لتفكير اغلب الناخبين .. التجارب الشخصية التي مررت بها في اشرافي على اللجان الفرعية بمختلف المحافظات أكدت لي مرارا و تكرارا احتياجنا لتطوير النظام الانتخابي في مصر و من اهم مظاهر ذلك التطوير في وجهة نظري تطوير منظومة الناخبين بالحرص على نوعية الناخبين اكثر من الحرص على الكم .. فالمشاركة المقيدة في الانتخاب ليست بالبدعة بل ان المشاركة العامة بدأت اول الامر مشاركة مقيدة سواء كان ذلك القيد نصاب مالي معين او شهادة عملية او دراسية محددة و المشاركة المقيدة عرفتها الدول الديمقراطية المختلفة و مرت بها كخطوة نحو الديمقراطية المثلى و لن تجد اي غضاضة في ذلك ، بل و المشاركة المقيدة لا تزال معترف بها في عدة دول منها البرتغال و شيلي و الفلبين الذين يحرمون الأمي من مباشرة حقه في الانتخاب و البسطاء بطبيعة الحال تحكمهم عاطفتهم عند المشاركة في الحياة السياسية و ليس عقولهم فيكونوا الاكثر عرض دون غيرهم للانخداع بالشعارات التي يغازل بها الاحزاب مشاعرهم كاستخدام الدين في الدعاية .. كذلك فالبسطاء عادة ما يتوجهوا للصندوق الانتخابي ليس لرغبة حقيقية في المشاركة في الشأن العام بقدر ما هي خشية توقيع غرامة مالية عليه او بهدف تحقيق مكسب مالي من صوته الانتخابي ، فان لم يكن كذلك فانه سيكون من السواد الاعظم الذين يختارون ما لا يدركون فيما لا يعلمون .. اضافة لذلك انه لابد من مراعاة الفارق بين اختيار نائب لعضوية مجلس الشعب من جهة و اختيار رئيس للدولة او الاستفتاء على امر هام او دستور من جهة اخرى .. فمن غير المنطقي اطلاق المشاركة في الاستفتاء للجميع سيما مع دقة الامر في الامور التي تتعلق بالدستور و صبغتها القانونية مما يصعب على الامي او الحاصل على شهادة بسيطة فهمها و ادراكها .. و كذلك عند انتخاب رئيسا للدولة فهو على خلاف اختيار عضو مجلس الشعب فعادة ما يقوم الاخير بالمرور على اهل دائرته الانتخابية و التودد اليهم فان اختيار رئيس للدولة يتم استنادا لبرامج انتخابي و فكر سياسي يصعب على البسطاء الالمام به .. و اشتراط قدر معين من التعليم للمشاركة في انتخابات رئاسة الجمهورية او الاستفتاءات لا يتعارض كما قد يصور البعض و مبدأ المساواة بين المصريين ، فاشتراط المشرع الشهادة العلمية او المؤهل الدراسي يبقى شرط من شروط ممارسة حق التصويت و هو في ذلك كاشتراط المشرع بلوغ سن محدد او اشتراط ألا يكون الناخب محجور عليه او اشهر افلاسه او فصل تأديبيا من الوظيفة العامة ، فلا يمكن زعم عدم المساواة بين اي من هؤلاء و بين غيرهم ممن يحق لهم التصويت .. و لا يمكن القول لرفض ذلك ان منع مشاركة البسطاء في العملية السياسية سيؤدي لعزوفهم عن الشأن العام لان قائل ذلك ينكر حقيقة واقعية لا مراء فيها و هي ان اهتمام المواطن البسيط بالشأن العام لا يكون إلا بمرتبة تالية بعد اهتمامه بشئون حياته اليومية خاصة و ان ذلك الاهتمام مرجعه خشيته توقعي عقوبة عليه و ليس اهتمام بالشأن العام نفسه .. و بناء على ما سبق لماذا لا يتم اشتراط الكفاءة العقلية من خلال تعديل المادة الاولى من قانون مباشرة الحقوق السياسية لتكون " على كل مصري ومصرية بلغ ثمانية عشرة سنة ميلادية و اتم تعليمه الاساسي أن يباشر بنفسه الحقوق السياسية الآتية: أولاً: إبداء الرأي في كل استفتاء ينص عليه الدستور. ثانياً: انتخاب رئيس الجمهورية. و يكون لكل مصري ومصرية بلغ ثمانية عشرة سنة ميلادية أن يباشر بنفسه و لو لم يتم تعليمه الاساسي الحقوق السياسية عند انتخاب : 1.أعضاء مجلس الشعب. 2.أعضاء المجالس الشعبية المحلية. و التعديل السابق في قانون مباشرة الحقوق السياسية سيحقق لنا الهدف المأمول و سيبقى كذلك نصا تشريعيا عاديا يجوز تعديله في اي وقت متى ثبت عدم جدواه .. كما انه سيمكن كل مصري و مصرية حتى ولو كان غير متعلم من مباشرة حقه في التصويت في انتخابات مجلس الشعب و المجالس المحلية كخطوة تدريبية و تهميديه لهم قبل ان يعودوا بعد ذلك لمباشرة حقهم في التصويت في الشأن الاهم و هو اختيار رئيس الجمهورية و الاستفتاء على اي امر يتعلق بالدستور .. و للحديث بقية |
|