رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المقطع الأول: إنجيل متى 18: 15. " إذا خطىءَ أخوكَ إليكَ، فاذهب وعاتبهُ بينكَ وبينهُ، فإذا سمعَ لكَ تكون ربحتَ أخاكَ ". المقطع الثاني: رسالة كولوسي 3 : 12 - 13. وأنتم الذين اختارهم الله فقدسهم وأحبهم، البسوا عواطف الحنان والرأفة والتواضع والوداعة والصبر. احتملوا بعضكم بعضاً، وليُسامح بعضكم بعضاً إذا كانت لأحد شكوى من الآخر. فكما سامحكم الرب، سامحوا أنتم أيضاً ". المقطع الثالث: رسالة يعقوب 4 : 11. لا يتكلم بعضكم على بعض بالسوء، أيها الإخوة، لأنَّ من يتكلم بالسوء على أخيه أو يدين أخاه يتكلم بالسوء على الشريعة ويدين الشريعة. وإذا كنتَ تدينُ الشريعة، فما أنتَ عاملٌ بها بل ديَّانٌ لها ". المقطع الرابع: سفر الرؤيا 12 : 10. وسمعتُ صوتاً عظيماً قائلاً في السماء الآن صارَ خلاص إلهنا وقدرتهُ وملكهُ وسلطان مسيحه لأنهُ قـد طُرحَ المشتكي علـى أخوتنـا الذي كانَ يشتكي عليهم أمام إلهنا نهاراً وليلاً ". أوصتنا كلمة الله أن نسلك كما سلكَ الرب يسوع، وأن نتشبَّه به، لأنهُ كان النموذج الذي ينبغي أن نحتذي به، جاءَ إلى أرضنا وعاشَ بيننا تاركاً لنا سيرة طويلة من نمط حياة وتصرفات وأقوال وأمثال حتى نكون على مثاله، وكما أوصتنا الكلمة أن نجعل لها سلطان على حياتنا في كل شيء، التفكير والقول والفعل، وهيَ قد عالجت كل شيء ممكن أن يعترضك في هذه الحياة، فليسَ هناكَ من ناحية لم تغطها هذه الكلمة، فكل واحد منَّا يستطيع اللجوء إليها عندما تعترضهُ أية مشكلة أو عندما يحتاج أية مشورة أو حكم في أي موضوع كان. وكافة المشاكل التي تعرَّضَ أو قد يتعرض لها المؤمنون ليست نابعة سوى من السلوك أو التصرف أو الحكم على الأمور بواسطة المنطق والتحليل البشري بعيداً عن كلمة الله !! وإذ نعالج اليوم معاً موضوع: " بينَ العتابِ والشكاية "، دعونا نتأمل بكلمة الله وبما قالهُ لنا الرب يسوع عن هذين الموضوعين لكي ننجح في تأملنا هذا ونتوصل سوياً إلى اكتشاف الدرس الذي أرادَ الروح القدس أن يعلمهُ لكل واحد منَّا. لو تأملتَ بشخصية الرب يسوع، لوجدتهُ شخصاً يحب المواجهة وتسمية الأمور بأسمائها الحقيقية، فهوَ لم يُساوم ولم يتملق، وكان يسمي الأمور بأسمائها. لم يتورَّع عن القول لبطرس: " اذهب عني يا شيطان " ولم يتورَّع عن توبيخ الفريسيين توبيخاً شديداً، ولم يساوم مع المرأة الزانية عندما سامحها وأوصاها أن لا تخطىء بعدَ اليوم، لكنهُ بالطبع كانَ رحوماً وكلامهُ مملوء حقّ ونعمة، وكانَ يعرف التوقيت المناسب للمواجهة، وبدافع قلب مملوء بالمحبة غير المشروطة !! وهذا ما طلبهُ منَّا، عندما أوصانا أن نعاتب أخوتنا عندما يخطئون إلينا، لكنهُ وضعَ الإطار الصحيح لذلكَ فقال: " إذا خطىءَ أخوكَ إليكَ، فاذهب وعاتبهُ بينكَ وبينهُ، فإذا سمعَ لكَ تكون ربحتَ أخاكَ ". والواضح هنا ضرورة توفر ثلاثة شروط لهذه المسألة: الأول: أن أذهب إلى أخي وأعاتبهُ وجهاً لوجه، أي ليسَ أن أعاتبهُ في غيابه وأناقش موضوع خلافي معهُ، مع الجميع ولكن من دونه هوَ. والثاني: أن يكون ذلكَ بيني وبينهُ فقط، أي أن لا أصطحب معي مجموعة من الأشخاص وأفضح أموره وخلافي معهُ بحضورهم. والثالث: أن يكون هدفي ربح أخي وليسَ تدميرهُ وإذلاله. ولو أجرينا إحصائية صغيرة عن نسبة الذين يطبقون هذا المبدأ في كنائسنا اليوم، لجاءت النتيجة بكل تأكيد هزيلة جداً، فربما وجدنا 2 أو 3 % ممن يقومون بهذا فقط، ولو سألنا أنفسنا لماذا لا نعاتب أخوتنا ؟ لجاءت الإجابات كلها روحية ومثالية: " لا أريد ان أجرحهُ – عله يتغير لوحده – علني أتغلب على الموضوع لوحدي – ليست لي الجرأة للمواجهة – سأصلي لهُ بدلاً من إزعاجه ... إلخ). لكن لو سألنا أنفسنا بأمانة هل نتكلم عن هذه المواضيع مع أشخاص آخرين لجاءت الإجابات وبنسبة مرتفعة " نعم "، فنحنُ نذهب إلى جميع المحيطين بنا ونشتكي على الذين أخطأوا إلينا أمام الجميع وبغيابهم، لكننا لا نذهب إلى أصحاب العلاقة لنعاتبهم ونطيع كلمة الله، فننال رضاه ونربح أخوتنا !!! لماذا نتأمل في هذا الموضوع الآن ؟ أولاً: لأنَّ الروح القدس قادني إلى ذلكَ. ثانياً: لأنَّ هذا الموضوع خطير للغاية على أخوتنا الذين أخطأوا إلينا، وعلينا بكل تأكيد، وعلى كنائسنا !!! لأنهُ ينبغي أن تعلم أنهُ إن أمسكتَ على أخوتك أخطاءَهم بدلاً من معاتبتهم ومسامحتهم، فأنتَ تؤذيهم وتؤذي نفسك، وأنتَ تقيدهم وتقيد نفسك أيضاً، وهذا واضح وصريح في كلمة الله !!! لأنكَ إن لم تغفر للناس خطاياهم وزلاتهم، لن يغفر لكَ أبوكَ السماوي خطاياكَ وزلاتكَ، ولأنكَ بالدينونة التي تدين بها ستدان !!! ولأنَّ كل الكنائس على السواء تأذت ودُمّرَتْ خدماتها بسبب النميمة وشكاية الإخوة على بعضهم البعض. ولأنَّ الرب سمَّى الأشياء بأسمائها، وأوصانا بأن نسلك مثلهُ، لذا ينبغي علينا أن نسمِّي الأشياء بأسمائها ونقول معاً وبكل جرأة ووضوح في هذا الصباح، أنَّ كل كلمة تُقال على أي شخص آخر في غيابه مهما كانت الدوافع والأسباب هي " شكاية " ونتيجتها لن تكون إلاَّ مؤذية لمن يقولها أو يتفوه بها !!! بطبعنا البشري، جميعنا نحب أن نتكلم عن كل شيء لأشخاص آخرين، ولا سميا التكلم عن الأشخاص أو عن الأمور التي أزعجتنا أو تزعجنا، نريد أن نبدي رأينا بكل شيء، وأن نصدر حكمنا على كل شيء، نبدي رأينا في هذا الشخص، أو في هذه الخدمة، أو في هذا الواعظ، نبدي رأينا في سير الأمور في كنيستنا أمام أي شخص وفي كل وقت وكم هذا مؤذي !!! كم من الأشخاص خسروا بركات كثيرة ورسائل خاصة لهم من الله كانوا يحصلون عليها من خلال وعاظ أو من خلال رجالات الله الكبار، لأنهم لم يعودوا يستمعون لهم لأنهم سمعوا أحداً ما يتكلم عليهم بسلبية أو ينتقد أموراً معينة متعلقة بحياتهم ؟ وهل تعرفون لماذا ؟ لأنَّ وراء الشكاية والنميمة والإنتقاد، يتم فتح باب للأرواح الشريرة، لأنَّ الكلمة واضحة عندما سمَّت أنَّ المشتكي واحد وهو إبليس وهذا ما يقولهُ سفر الرؤيا بكل وضوح: " لأنهُ قد طُرحَ المشتكي على أخوتنا الذي كانَ يشتكي عليهم أمام إلهنا نهاراً وليلاً ". ولا نتعجب ولا نغتاظ، إن قلتُ لكم، أننا أحياناً ودون أن ندري قد نستخدَمْ من العدو لنقوم بدوره، وهذا ما يحاول الروح القدس أن يلفت انتباهنا إليه في هذا الصباح !!! تأمل معي مجدداً في ما يقوله سفر الرؤيا: " الذي يشتكي على أخوتنا ليل نهار ". ليرحمنا الرب لكي ندرك المعنى العميق لهذه الآية، ونكتشف أنَّ المشتكي هوَ إبليس، وأنهُ لا ينبغي أبداً على أي واحد منَّا أن يقوم بهذا الدور، لأنه ودون أن يدري سيجد نفسهُ واقفاً جنباً إلى جنب مع هذا العدو في كل مرة يشتكي فيها على إخوته !!! لقد أوصتنا رسالة كولوسي وبوضوح قائلة: " إذا كانت لأحد شكوى من الآخر. فكما سامحكم الرب، سامحوا أنتم أيضاً ". فهل كان لعدل الله شكوى علينا ؟ نعم وبكل تأكيد، وليسَ مصادفة أن تدوّن لنا نفس الرسالة، أي رسالة كولوسي هذا الكلام أيضاً. فهيَ تقول أنهُ كان هناكَ " صك " سُجَّلت عليه كل خطايانا، وهذا الصك يشتكي على كل واحد منَّا أمام عدل وقداسة الله، لكن ماذا فعلَ الرب بهذا الصك الذي يشتكي علينا ؟ هل أداننا وحكمَ علينا بسبب هذه الشكاية وهوَ وحدهُ الذي يحق له ؟ كلاَّ وبكل تأكيد !!! بل محا هذا الصك الذي كان ضدنا، وسمَّرَهُ في الصليب دافعاً دمهُ الثمين، وحياته الغالية ثمناً لذلكَ، ووضعَ على نفسه كل الشكايات ودفعَ ثمنها بالكامل. وأريدك أن تعرف أنكَ تستطيع أن تشتكي يومياً على أي شخص، وسوف تكون من الناحية المنطقية محقاً بشكواك هذه، لأننا كلنا نخطىء، وكلنا نسيء إلى بعضنا البعض، وكلنا نجرح بعضنا البعض، ولو فتشتَ عن سبب ما لتشتكي به على أفضل المؤمنين لوجدتَ، لكن السؤال هوَ ماذا ينبغي عليكَ أن تفعل تجاه ذلكَ ؟ تشتكي عليه – وأعذرني إن قلت كما يفعل إبليس ليل نهار – فتؤذيه وتؤذي نفسك ؟ أم كما تقول الكلمة في كولوسي: " إن كان لأحد شكوى من الآخر فليسامحهُ كما سامحكم الله " ؟ فتذهب إلى الصليب، تتأمل بيسوع الذي حملَ بيديه المثقوبتين صك الشكاوى ضد كل واحد منَّا، فوضعهُ على جسده وسمحَ للعدل الإلهي أن يُنفذ عقاب هذه الشكاوى فيه وحدهُ، عوضاً عنَّا، ليتمكن من بعدها كاتب سفر الرؤيا من القول : " الآن طُرحَ المشتكي على أخوتنا ليل نهار "، لأنَّ يسوع تحمَّلَ عواقب كل هذه الشكايات ؟ ولكَ وحدك أترك حق الجواب !!! لقد أوصانا يعقوب في رسالته قائلاً: " لا يتكلم بعضكم على بعض بالسوء، أيها الأخوة، لأنَّ من يتكلم بالسوء على أخيه أو يدين أخاه يتكلم بالسوء على الشريعة ويدين الشريعة ". فهل ندرك عمق هذا الكلام، ونكف عن التكلم على بعضنا البعض بالسوء، وهل ندرك أن من يتكلم بالسوء على أخيه أو يُدينهُ فهوَ يتكلم بالسوء على كلمة الله، ونتأمل ماذا سنحصد عندما نتكلم بالسوء على كلمة الله أو على الله نفسهُ لأنهُ هوَ أيضاً يُدعى الكلمة !!! الموضوع ليسَ سهلاً – نعم – والإساءات التي نتعرض لها ربما يومياً كثيرة ومؤلمة – نعم – وأحياناً نشعر بأننا إن لم نتكلم عن ذلكَ مع الآخرين فقد ننفجر – نعم – لكن خيرٌ لكَ أن تتحمل وتصل إلى حافة الإنفجار من أن تخالف كلمة الله، ومن أن تقف في صف المشتكي فتؤذي أخوتك وتؤذي نفسك، بل سلم أمرك لله الذي يعرف كيفَ يُعالج مشاكلك وجراحاتك، وكيفَ يحلّ لكَ كل الأمور لكن بطريقته هوَ، ولماذا لا تذهب إلى من أساءَ إليك وتعاتبهُ على كل شيء، فتباركهُ وتسامحهُ وتربحهُ مجدداً، كما تقول الكلمة قتنال رضى الله وبركاته، وأدعوك أن تقارن الفرق الآن بين العتاب ... والشكاية !!! لقد بقيتُ لفترة طويلة أتأمل في المقطع المشهور عن المحبة في رسالة كورنثوس الأولى 13، وأنا لا أفهم بعض الايات: " المحبة لا تحتد ولا تظن السوء " " المحبة تصدق كل شيء " فكيفَ لا أظن السوء عندما أتاكد أن هناكَ من يُسيء إليَّ 100% ؟ وكيف أصدق كل شيء وأنا أدرك أن الطرف الآخر يكذب عليَّ 100% ؟ إلى أن أجابني الرب قائلاً: " إنها محبتي وليست محبتك، وبالطبع لن تستطيع أن تفهمها بذهنك وبمنطقك، فهيَ نقية، غير مشروطة، لا تعتمد على استحقاق الآخرين وصلاحهم وصدق أعمالهم، فهيَ تصدقك في كل مرة تعدني بأنكَ ستتغير بالرغم من معرفتها بأنكَ لن تفعل ذلكَ بشكل كامل، فقط لأنني أحبك، وإلاَّ كيف ستفهم كيفَ وثقت وصدقت بطرس، وكيف أحببت يهوذا وغمست لقمتي في صحنه حتى اللحظة الأخيرة، وكيف وثقت أنه من التلاميذ الذين ناموا في بستان جستماني وتركوني كلهم في محنتي سأنشر بشارة الملكوت، وكيفَ أحببت الذين طعنوني وصلبوني، وكيف أحببت الشعب الذي دنَّسَ إسمي وهيكلي، فالمحبة لا ينبغي فهمها بل ينبغي ممارستها في كل الظروف والأحوال ". ونحنُ أيضاً لن نستطيع أن نفهم كيفَ نسامح من أساءَ إلينا وجرحنا، بدلاً من أن نشتكي عليه ونتكلم عليه بالسوء، ولن نفهم كيفَ لا نناقش مع الآخرين أمور الذين أخطأوا إلينا، لأنَّ هذه الأمور ليست للفهم والمنطق البشري، بل هذه الأمور لوضعها عند الصليب، والطلب من الرب أن يُفجّر محبته التي انسكبت في قلوبنا بالروح القدس، لكي نحب الذين أساءوا إلينا ولا نشتكي عليهم فنؤذيهم، بل نعاتبهم ونسامحهم فنربحهم. لنوقف الشكاية، ولننسحب من معسكر العدو المشتكي وننتقل لنقف تحت الصليب ونتعلم ما فعلهُ الرب ونفعل مثلهُ فنأتي بكل صك كتبنا عليه لائحة شكاوى ضد أخوتنا ونسمرهُ في الصليب، ونسامحهم كما سامحنا الله، ونذهب إليهم ونعاتبهم ونترك الدموع تغسل قلوبنا وقلوبهم، فنربحهم ونبعد عنهم الأذية، ونبعد عنا الأذية، لنتعلم أن نغير نوعية صلواتنا لهم التي تبدو بأغلبها شكاية عليهم أمام الله بدلاً من أن نتشفع لهم، ولنكن معهم كرجل واحد في الحرب، نقاوم إبليس ونهزمهُ، ونردد معهم الأية المعبرة التي دونها لنا سفر الرؤيا: " لأنهُ قد طُرحَ المشتكي على أخوتنا الذي كانَ يشتكي عليهم أمام إلهنا نهاراً وليلاً ". ونقول: لا شيء من الدينونة الآن علــى الذيــن هــم فــي المسيــح يسوع، وندرك انَّ الكلمة تقول: " من سيشتكي على مختاري الله. الله هو الذي يُبرر ". (رومية 8 : 33). وأخيراً أسال الله أن يكون كل واحد منَّا، في نهاية هذا التأمل قد أدركَ تماماً الفرق: بين العتابِ ... والشكاية !!! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الانتقاد والشكاية |
إيليا والشكاية والأنين |
الغواية والشكاية - مخالب ابليس ( أحد التجربة ) ج 2 |
الغواية والشكاية - مخالب ابليس ( أحد التجربة ) ج1 |
العتاب |