رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الادراك الإدراك عملية تأويل: قد ينظر الطفل الصغير إلى لعبة ما فيراها أشياء مجسمة لكنه لا يدركها وهو يسمعنا نتحدث لكنه لا يدرك ما نقول ، فعليه إذن أن يبدأ في تعلم أسماء الأشياء وخواصها واستعمالاتها ، كما عليه أيضا أن يتعلم معاني الألفاظ التي يسمعها ومعاني الكلمات التي يراها مكتوبة ولا شك أن بعض المعاني تكون فطرية غريزية عند الحيوانات الدنيا فالطائر يستجيب بالغريزة، أي دون تعلم سابق للمواد التي يبني بها عشه كما لو كان يعرفها ، لكن الإنسان عليه أن يتعلم الغالبية العظمى من هذه المعاني كي يستطيع التأويل على الفور ما يبرز في مجال إدراكه من صيغ إن كانت صيغا مألوفة له ، فإن كانت الصيغ غريبة أو جديدة أو معقدة ، يصعب عليه عندئذ إضفاء معنى عليها ، فهو بذلك يحتاج إلى شيء من الوقت والجهد والتحليل حتى يتضح له معناها . ونحن الكبار حين نكون بصدد شيء مبهم غامض أو غريب ينفتح أمامنا المجال لنأوله تأويلات شتى، وهي تأويلات تتوقف على حالاتنا النفسية والمزاجية الدائمة والمؤقتة ، الشعورية واللاشعورية ، نئول الحاضر في ضوء الماضي وخبرتنا السابقة ، فهذا الصوت الذي أسمعه من بعيد أدركه قطار مقبلا أو مدبرا أو صوت طائرة أو سيارة من نوعا ما ، وقد لا ندرك ما يدركه الفلكي في السماء ، كما لا ندرك في السيارة ما يدركه الميكانيكي ، ولا ندرك في اللحن الموسيقي ما يدركه الفنان ، وقد ندرك أشياء ونعرفها من خبرتنا السابقة قد لا يدركها أشخاص آخرون ، وعلى هذا إن الناس مختلفون في إدراكهم للشيء الواحد اختلافا كبيرا أو متوسطا أو ضئيلا وذلك لما بينهم من فروق فردية في السن والخبرة والذكاء والثقافة والمعتقدات ووجهات النظر ... والمحصلة هو أن الإدراك ليس كالإحساس الذي هو عبارة عن عملية تسقط فيها موضوعات العالم الخارجي على حواسنا المختلفة فالإدراك عملية معقدة لا تتلخص في مجرد استقبال انطباعات حسية ، حيث تتداخل فيه الذاكرة والمخيلة وإدراك العلاقات في تأويل ما ندركه ، فالعقل يضيف ويحذف وينظم ويأول ما يتأثر به من انطباعات حسية ، فإذا كانا دون الإحساس لا ندرك شيئا فنحن بالإحساس وحده لا ندرك شيئا ، وهذا يعني أن نشاط الحواس ليس كل شيء في عملية الإدراك ، وبعبارة أخرى إنه ليس من اللازم أن تؤدي كل إثارة لإحدى الحواس إلى إدراك ، أي لكي يتم الشعور بالمثير الخارجي فلابد من توفر عنصر الشعور لدى الفرد حتى يتم إدراك المثير ولابد من النضج الفكري حتى يتميز ويأخذ معنى مطابقا ولابد من وجود الذاكرة ليحفظ ويتحول إلى خبرة جديدة لتتشكل لديه صيغة منظمة متماسكة من مجموعة الأجزاء المتفاعلة . ومن أبرز خصائص الصيغة أنها ليست عبارة عن مجموعة الأجزاء المرصوصة رصا أو مجموعة تجميعا آليا ، بل أن هذه الأجزاء متفاعلة يؤثر بعضها في بعض وبينها علاقات تجمعها وحدة معينة ، وعلى هذا الأساس فليست الصيغة مجرد مجموعة أجزاء، بل هي صفات غير صفات الأجزاء ، فالمربع الهندسي صيغة له خصائص لا توجد في كل خط من خطوطه الأربعة على حده، فالصيغة هي التي تعطي الأجزاء معناها وصفاتها، فليس للأجزاء صفات أو وظائف مطلقة وإنما هي تشتق معناها من الكل الذي يحتويها. واعتمادا على ما سبق ذكره إن الإدراك يسير من الكل إلى الجزء من المجمل إلى المفصل ، فحينما ينظر الإنسان إلى صورة أو إلى منظر طبيعي لكان أول ما يراه من الصور أو المنظر انطباعا عاما مجملا ، فلو أطال النظر والتأمل أخذت تفاصيل الصورة أو المنظر تثبت إلى عينيه واحدة بعد الأخرى، وقد يستطيع بعض الرعاة إدراك نقص القطيع دون تعداده ، ذلك لأن النظرة الإجمالية العامة والإدراك الإجمالي العام سابق التحليل والتعرف على الأجزاء . ++++++++++++++++++++++++++++++++++++ |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
علم النفس الترابطى _ الجذء الثانى |
علم النفس الترابطى |
علم النفس التحليلى _ الجذء الثالث |
علم النفس التحليلى _ الجذء الثانى |
لغة حل المشاكل ..... الجذء الثالث |