|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من أين أتت الوثنية علي الرغم من أن الإنسان كان في الأصل يعرف الله ؟ و كيف تطورت الوثنية و تشكلت ؟
الاحابة كان الإنسان منذ خلقه يعرف الله . و لكن بعدما تفرقت الشعوب في الأرض ، بعد برج بابل و تبلبلت الألسنة ، بمضي الوقت نسوا الله ، أو بعدوا عنه ببعدهم عن التقليد السليم . و لما كان الله غير منظور لهم ، بدأوا يتخيلونه في قوي أخرى منظورة . إما في قوي هي مصدر الخير لهم ، مثل الشمس مصدر النور و الحرارة ، في علوها و جمالها و إشراقها … أو مثل النهر ، الذي يعطيهم الماء مصدر الحياة أو الري للإنسان و الحيوان و النبات … أو صاروا يعبدون ملوكهم ، مظهر القوة و العظمة و السيطرة و الإرادة أمامهم ، الذين كانوا يستطيعون أن يحكموا عليهم بالموت ، أو يبقوهم في الحياة ، أو يمنحوهم من خيرات الدولة و مناصبها . و صاروا أيضاً يعبدون كائنات يخافونها ، و يقدمون لها القرابين استرضاء لها حتى لا تؤذيهم ، مثل النار ، أو الحية ، أو بعض الوحوش ، أو الأرواح ، و ما إلي ذلك … +++++++++ و بعضهم كان يتخيل لكل معني هام إلهاً …فمثلاً هناك إله للجمال ، و إله للخصب … و يعطون لكل من هذه الآلهة إسماً ، و يحيكون حوله أسطورة يتداولها الناس ،و تصبح جزءاً من عقيدتهم يسلمها جيل إلي جيل … و لكي يثبت الأمر في حسهم ، يتخيلون لهذا الإله صورة ، و ينحتون له تمثالاً . ثم يقيمون له شعائر للعبادة ن تتفق مع الأسطورة الخاصة به . أما ما يختص بهذه الشعائر من مذابح و ذبائح ، و من صلاة و سجود ، و من بخور و تسبيح و ترتيل ، فكلها أمور تعلموها في جوهرها من فترة ما قبل التشتت و التفرق ، مما كان يقدم للإله الحقيقي وحده من عبادة قبل الطوفان و بعده … و هم في الواقع لم يعبدوا التماثيل كأحجار ، و إنما لأنها تمثل اَلهة … و هذه الآلهة الوثنية ، ما كانوا فيها يعبدون الحيوان أو الإنسان كحيوان أو إنسان ، و لكي لأنه مثال للإله الذي في ذهنهم بما حوله من أساطير … +++++++++ و تمثال الإله الذي تقدم له العبادة يسمي وثناً . فليس كل تمثال من تماثيل القدماء كان وثناً . إنما الوثن هو التمثال الذي كان يعبد . و بعض هذه الأوثان كانت ضخمة تقام في المعابد . بينما بعضها كان صغيراً يحتفظ به الناس في بيوتهم ، و يأخذونها معهم في أسفارهم . و الآلهة ( بوتو ) أي الحية كان يضعها الفراعنة في تيجانهم ن كجزء من التاج … +++++++++ و في تلك الأساطير تخيلوا آلهتهم ، و لهم قصص عائلية كما للبشر . فمثلاً الإله أوزوريس تزوج الإلهة إيزيس ،و أنجب منها إبنهما الإله حورس . و تخيلوا أيضاً قصص صراعات و حروب تدور بين هذه الآلهة . و البعض منهم يموت ، ثم يوجد من ينتقم له . و هذه الآلهة يوجد منها إله خير و آخر شرير … لقد اسبغوا علي آلهتهم صوراً من الحياة البشرية التي يحيونها أو يرونها … و قصص الآلهة كانت تعبر أحياناً من بلد إلي آخر ، و تأخذ أسماء أخري . و هذه الحركة في التاريخ يسمونها Cencretism . فمثلاً قصة الإله أوزوريس تعبر من مصر إلي بلاد اليونان ، ليأخذ هذا الإله إسم ديونسيوس ، في قصة شبيهة . و هذا الأمر له قصص تكاد تتشابه بين اَلهة الهند و الصين و بلاد الشرق الأقصى … +++++++++ إننا نؤمن بإله واحد ن له كل صفات المثالية .أما العالم الوثني فتصور لكل صفة إلهية إلهاً . و هكذا عندهم تعدد الآلهة ، بحيث يمثل كل إله صفة من صفات الإلوهية ، أو عملاً من أعمالها .. و في التاريخ المصري القديم ن حاول اخناتون أن ينشر عقيدة التوحيد ، داخل نطاق عبادة الشمس ، و لكنه لم ينجح طويلاً ، و عاد الآلهة يسيطر علي معتقدات الناس . و طبعاً هناك فرق كبير بين الوثنية و الإلحاد . فالإلحاد معناه عدم الإيمان بوجود إله علي الإطلاق ، كما يقول الوحي الإلهي في سفر المزامير ” قال الجاهل في قلبه ليس إله ” ( مز 14 : 1 ) . أما الوثنيون فكانوا يؤمنون بفكرة الألوهية ز و يعبدون إلهاً ، أو عدداً من الآلهة ، أو أسرة إلهية ، أو عدداً من الآلهة لهم كبير . كما نقول إن زيوس هو كبير آلهة اليونان ، و جوبتر هو كبير آلهة الرومان ، و رع هو كبير آلهة المصريين … +++++++++ و الوثنية كانت تنتشر بالخلطة و بالتزاوج .و لذلك كان الله في العهد القديم يمنع الخلطة بالأمم و التزاوج معهم ، حتى لا يعبد الشعب آلهتهم . و لعل من أخطر الأمثلة في التاريخ لسوء الاختلاط بالأمميين ، هو تزوج سليمان الحكيم بزوجات مواَبيات و عمونيات و صيدونيات .. ( 1 مل 11 : 1 ، 2 ) . و هكذا ” بني سليمان مرتفعة لكموش رجس المواَبيين علي الجبل الذي تجاه أورشليم ، و لمولك رجس بني عمون . و هكذا فعل لجميع نسائه الغريبات اللواتي كن يوقدن و يذبحن لآلهتهن ” ( 1 مل 11 : 7 ، 8 ) . لكل ذلك أرسل الله الأنبياء ، ليثبتوا الشعب في عبادة الإله الحقيقي . و زود هؤلاء الأنبياء بالوحي ، و بالمعجزات . و كان سفر الشريعة يقرأ علي الناس في المجامع كل سبت . كما كانت الأعياد و المراسم و الذبائح تذكرهم ايضاً بعبادة الرب حتى لا يضلوا … +++++++++ و مع كل ذلك نسمع عن وجود وثنية في أيام الآباء و الأنبياء .و مع كل ذلك نسمع أن راحيل زوجة أبي الآباء يعقوب، و ابنة أخي رفقة التي تزوجها أبونا اسحق بن ابراهيم ، علي الرغم من أنها من أسرة متدينة ن قيل عنها في مفارقتها لأبيها لابان ” فسرقت راحيل أصنام أبيها ” ( تك 31 : 19 ) .. و لما زحف لابان وراءهم ، كان مما قاله ليعقوب ” لماذا سرقت آلهتي ؟!” ( تك 31 : 30 ) . و نسمع أن بني إسرائيل لما تأخر عليهم موسي النبي علي الجبل مع الله ن اجتمعوا علي هرون و قالوا له ” قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا ” ( خر 32 ك 1 ) . و نزع كل الشعب أقراط الذهب التي في آذانهم ، و صنعوا عجلاً مسبوكاً ، و بنوا له مذبحاً ، و أصعدوا محرقات و ذبائح سلامة . و قالوا ” هذه اَلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر ” . ( خر 32 : 3 – 6 ) … فماذا تقول في ذلك ، بعد كل المعجزات التي حدثت أمامهم و فعلها الرب علي يد موسي النبي . أهو جهل ؟ أم تأثير الأمم الوثنية ؟ أم حروب الشيطان و ضلالاته ؟ أم كل ذلك معاً ؟.. +++++++++ و لا ننسي أن الروح القدس لم يكن يعمل في قلوب الناس كما في أيامنا .. كذلك لا ننسي أيضاً في تاريخ الوثنية أمراً آخر يضاف إلي أساطيرها المتوارثة هو : تأثير الفلسفة الوثنية و أفكارها علي الناس . و هؤلاء الفلاسفة كان تأثيرهم علي العالم الوثني ، لا يقل عن تأثير الأنبياء علي شعب الله . و كانوا هم الذين يشكلون عقائد الشعب . يضاف إلي هذا تأثير كهنة الوثنية و معلميها ، و تأثير الأسرة علي أبنائها . و أمر له خطورته في تاريخ الوثنية ، هو سلطة الملوك الوثنيين . و صدق ما قيل في المثل الشائع عن تلك العصور ” الناس علي دين ملوكهم ” . و قد شرحنا مثلاً كيف أن اخناتون نشر ديانة جديدة استمرت في أيامه . و سجل الكتاب كيف كان داريوس ملك فارس يصدر أوامره في ما يعبده الشعب ، حتى أن دانيال لما لم يشترك في تلك العبادة ألقي في جب الأسود (دا6) . و تاريخ الإستشهاد معروف كيف أن ديوقلديانوس مثلاً كان يقتل المسيحيين في وحشية إذا لم يعبدوا آلهته . و من قبله نيرون في عصر الرسل و خلفائه طوال حوالي ثلاثة قرون … |
|