|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الإخوان المسلمون بقلم: أنور السادات (4) السادات يبدو أن مسألة اختفاء الأستاذ حسن الهضيبى تشغل أذهان بعض الناس.. وقد سألنى البعض عن حكاية الاختفاء هذه وهل قبض على الهضيبى.. أو أنه مطلوب القبض عليه؟ وقد كثرت التكهنات حول هذه الحكاية.. وبخاصة بعد الخطاب الذى أرسله الأستاذ الهضيبى إلى الجمعية التأسيسية للإخوان أثناء اجتماعها الأخير يوم الخميس الماضى، والذى قال فيه (فضيلته) إنه كان يود أن يلقاهم -أى يلقى أعضاء الجمعية التأسيسية- ويسمع حديثهم.. لولا أن ظروفًا قهرية ألمت به فأبعدته عنهم.. ومن حق الرأى العام أن يعرف الحقيقة كلها، فالهضيبى رجل عجيب جدًا.. وحكايته طويلة جدًا..! وبالرغم من أن نشر الحقيقة قد يضايق الأستاذ الهضيبى بل سوف يضيع عليه نشرها فرصته الكبرى والأخيرة فى الظهور أمام الرأى العام بمظهر «البطل» المطارد.. الذى تطلب الثورة رأسه! أقول: بالرغم من هذا فإنى مرغم على نشر تلك الحقيقة حتى أستريح وأريح، فالأبطال قد كثر عددهم فى هذه الأيام، وأصبحت البطولة هينة إلى حد كبير. وقبل أن أستطرد فى سرد الحقائق أود أن أوجه للأستاذ الهضيبى هذا السؤال: ما هى تلك الظروف القهرية التى ألمت بك يا سيدى والتى منعتك من لقاء أعضاء الجمعية التأسيسية والتحدث إليهم؟ إنما كان مفروضًا أن يوضح الأستاذ الهضيبى تلك الظروف حتى كان من الممكن أن يعرف الرأى العام الحقيقة.. إذا كانت تلك الظروف -مثلا- هى أننا نريد القبض عليه! أما أن يفتعل الأستاذ الهضيبى «ظروفًا قهرية» من عنده ومن نسج خياله فذلك معناه أنه يريد أن يظهر أمام أعضاء الجمعية التأسيسية للإخوان وأمام الرأى العام بمظهر بطولى.. ولو مرة فى عمره! إن افتعال البطولة مسألة سهلة لا تكلف صاحبها إلا بضع أكاذيب وروايات يطلقها ثم لن يخسر شيئا إذا لم يصدق أحد أنه بطل. أما البطولة نفسها.. البطولة الحقيقية فقد تكلف صاحبها عنقه وعنق الأستاذ الهضيبى فهو لم يتعرض للخطر من أجل أن يكافح فى سبيل مطالب الشعب، ويناضل ويخوض مع الشعب معاركه، والبطولة كانت ستأتيه حيث يكون بلا حاجة إلى افتعال أو ادعاء أو أكاذيب. إننى هنا كما سبق أن ذكرت مضطر إلى ذكر الحقيقة.. حقيقة اختفاء الأستاذ الهضيبى عن الأنظار. فنحن لم نطلب القبض عليه ولم نطارده، بل لم نفكر فى شىء من هذا.. بعد أن عرفنا من هو وماذا يريد. وهو يعرف -فعلا- هذه الحقيقة، بل لقد كان يأمل أن نلقى القبض عليه بعد عودته أخيرًا من سوريا.. وبعد أن أذاع هناك بيانه المشهور الذى هاجم فيه الثورة. والبيان المذكور كان نسخة طبق الأصل من بيان محمود أبو الفتح الذى أذاعه هو الآخر فى الخارج والبيانان أصلهما موجود عندى لمن يريد أن يرى أو يسمع، والهضيبى -وهذا سر آخر أذيعه- كان قد أشاع عن طريق بيانات أرسلها إلى الإخوان أنه يتوقع أن تلقى حكومة الثورة القبض عليه عند وصوله إلى مطار القاهرة. وهو -الإمام الكبير- كان قبل سفره إلى الخارج موجودًا فى مصيفه بالإسكندرية.. وعندما أبدى رغبته فى السفر لم تمانع حكومة الثورة وهى الحكومة التى تعرف ماذا سوف يفعل هذا الإمام الكبير فى الخارج، وماذا سوف يصرح به لأن موقفه من الثورة كان قد وضح تمامًا وبخاصة بعد اتصالاته بالإنجليز. لم تكن نية القبض عليه موجودة إطلاقا فى ذهن أحد.. بالرغم من نشاطه المادى وبالرغم من نواياه العديدة وأطماعه التى ليس لها حد. وقد سافر الهضيبى -فعلا- إلى الحجاز ثم إلى لبنان وسوريا، وأراد هناك أن يقيم الدنيا ويقعدها وهو يذيع تصريحًا إثر تصريح ضد حكومة الثورة، ثم قبل أن يعود إلى مصر أذاع بيانه المذكور والذى كما قلت كان نسخة طبق الأصل من بيان محمود أبو الفتح. وقد وصل الهضيبى إلى مطار القاهرة ولم يجد فى انتظاره واحدا ليلقى القبض عليه كما ادعى.. أو كما أشاع أنصاره فى مصر. ويخيل إلىّ أنه أصيب بالحزن الشديد لعدم القبض عليه.. ويخيل إلىّ أنه شعر بأن خطته فى افتعال البطولة قد فشلت -هذه المرة- عندما وصل إلى بيته سليما معافى.. وجلس هناك بين أنصاره ومريديه. لم يعجبه إطلاقا هذا التسامح من الثورة، فهو كان يأمل أن يغطى كل ماضيه الملىء بالأخطاء بدخول السجن وكسب عطف الذين يعرفون ذلك الماضى والحاضر أيضا. وقد كان عجيبا حقا أن يشيع الهضيبى.. أو ربما أنصاره أن الحكومة ألقت القبض عليه فور وصوله إلى مطار القاهرة. وقد مرت أيام بعد وصول الإمام الكبير من سوريا، ثم بدأ يعيد الكرة لكى يتم القبض عليه فأخذ يذيع بيانات ويهرب منشورات ضد حكومة الثورة لعل وعسى.. لكن إنه أيضا خاب هذه المرة. فهو يخرج من بيته ويعود، وهو يذهب هنا وهناك ولا يجد من يراقبه أو يتتبع خطاه لكى يلقى القبض عليه. وضاق الإمام الكبير ذرعًا بهذا التسامح -الذى ليس له حد- من الثورة.. بل ربما تخيل أننا قد عرفنا حقيقة خطته -حول افتعال البطولة- فتركناه يفعل ما يشاء. وأخيرًا وبعد أن سرى اليأس إلى نفسه وتأكد أنه ليس فى النية -إطلاقا- القبض عليه لكى يتحقق أمله العريض فى البطولة فكر وتدبر، وربما عقد اجتماعًا ناقش فيه مع مريديه خطة جديدة تظهره أمام الإخوان والرأى العام بمظهر البطل.. فكانت حكاية اختفائه.. وكان خطابه إلى الجمعية التأسيسية للإخوان، الذى قال فيه إن ظروفا قهرية تمنعه من حضور الاجتماع. كانت حكومة الثورة -إذن- هى التى خلقت تلك الظروف القهرية أو كان رجال البوليس فى المدن والقرى يراقبون الأماكن والطرق والميادين ويقيمون الدنيا ويقعدونها بحثا عن الإمام الكبير البطل. وهو نفسه يعرف أن حكومة الثورة لو كانت تنوى القبض عليه لحققت بينها فورًا.. وفى أى ساعة من ساعات النهار أو الليل، فهو ليس ببعيد عن متناول أيديها. لقد كان خطاب الأستاذ الهضيبى الذى أرسله إلى أعضاء الجمعية التأسيسية يوم الخميس الماضى مليئا بالعجب، ففى كل سطر من سطوره يلمس المرء التناقض الغريب فى منطق هذا الإمام الكبير المسلم. ففى الخطاب المذكور -مثلا- تحدث الهضيبى إلى أعضاء الجمعية التأسيسية عن دعوة الإخوان وأنا هنا أتطوع بنشر بيانه على الرأى العام.. قال فضيلته فى خطابه المذكور بالحرف الواحد. من أكبر العوامل التى تؤثر على سير الدعوة وتسللها وتشوه مقاصدها وتقلب المستعمرين عليها بما أيقظوا من العالم الإسلامى وبما وقفوا فى وجه كل معاهدة تمكن للمستعمرين أدنى تمكين من أرضهم، لقد استخفوا عندهم العمل لإحباط هذه الدعوة بكل وسيلة، وهم لا يطعنون على الإسلام فى ذاته عداوة لأهل البلاد التى يحتلونها، ولكنهم يطعنون على الإخوان المسلمين القائمين بالدعوة، ويوعزون لبعض أهالى البلاد -الذين لهم مطامع عندهم- والذين يستهويهم الحكم بأن يكونوا سواعدهم فى اضطهاد الإخوان المسلمين والشناعة عليهم ورميهم بالنقائض. انتهى كلام الإمام الهضيبى.. وهو كلام خطير فعلا -بالنسبة إليه على الأقل- هو يعرف -إذن- الأسباب التى تعطل سير دعوة الإخوان وتشوه مقاصدها وهو يرى أن المستعمرين هم أسباب هذا التعطيل وذلك التشويه، لأن دعوة الإخوان قد أيقظت -كما يزعم فضيلته- العالم الإسلامى. ونحن يسعدنا فعلا أن يساهم الإخوان فى يقظة هذا العالم الإسلامى، كما يسعدنا أن يكون لهم موقف يتناقض مع وجود الاستعمار فى بلاد المسلمين، لكن أن يزعم الهضيبى هذا وبلا حرج، فهذا ما يثير الأعصاب.. أعصابى أنا على الأقل. فهو كان مرشدًا للإخوان المسلمين وأمينًا على تلك الدعوة يوم أن كان فى البلاد ملك خائن مستبد فاسد هو ظل الاستعمار فى هذه البلاد، فهل كان مما لا يعطل سير الدعوة أن يهادن الهضيبى ذلك الملك الخائن، ثم يتذرع بصلة النسب التى بينه وبين نجيب سالم ناظر الخاصة الملكية، فيتفق معه على هذه المهادنة وأيضا على خطة أهدافها وعلى شل جماعة الإخوان وإبعادها عن محيط الكفاح الشعبى ضد القصر والإنجليز.. لم تجد خطة الهضيبى مع صهره، ونتوج بتلك الزيارة الكريمة للملك الكريم. كما وصفها -فضيلته- بالنص. لما كانت يا سيدى الإمام الكبير «الدعوة» فى حاجة إلى رعاية القصر لكى تمضى سيرها نحو أهدافها العظمى.. نحو إيقاظ العالم الإسلامى، وطرد المستعمرين من بلاد المسلمين. قل لنا بربك وفسر لنا واشرح وأسهب فى الشرح.. إذ ربما نحن مخطئون. وهل كانت تصريحاتك بعد مقابلة فاروق عن الزيارة الكريمة وقولك: إن الأمر لولى الأمر.. مما يقوى سير الدعوة ولا يشوهها؟ أم هل كانت «الدعوة» التى تزعمتها لكى تسير بها نحو تحرير البلاد من الاستعمار تفرض عليك -لكى تقوى الدعوة وتمضى فى طريقها- أن ترتكب فى حق الشعب هذا الذى فعلته.. يوم أن توجهت لمقابلة مستر «أيفانز» المستشار الشرقى للسفارة الإنجليزية وعرضك الكريم السخى عليه بأن ترتبط البلاد ببنود سرية وبنصوص تحتم عودة القوات البريطانية.. دون أن يطلع الشعب عليها؟! ثم ما رأيك فيما دار بينك وبين «أيفانز» من حديث عجيب خطير؟! وماذا كان ردك عليه حين سألك فى اتفاقية السودان.. عندما قابلته فى 9 فبراير 1953؟ إن «أيفانز» السياسى الأزرق الناب قد أوقعك فى الشرك! لقد خيل إليك -ما فى ذلك شك- أنك تمثل قوة رهيبة فى مصر، فبدأت تساوم وبدأت تتخبط.. وكان الله فى عونك. أكان الاستعمار -إذن- يعمل على تشويه دعوتك وهو يراك وأنت تمثل تلك الدعوة تبدى استعدادك للاتفاق معه فى السر؟! أى من وراء ظهر الشعب.. يا فاضل.. يا مسلم! لم يسبق لسياسى مصرى أن جرأ على أن يتقدم بمثل عرضك الذى يذكره مستر أيفانز! ثم لماذا لا نذهب بعيدًا؟ لماذا لا أذكرك.. ما دمت قد قررت أن دعوتك تناهض الاستعمار وتصارعه بأيام معركة القتال؟ إنك تقول: إن بعض أهالى البلاد لهم مطامع عن المستعمرين والذين يستهويهم الحكم والذين يوعز إليهم الاستعمار أن تكون سواعدهم عاملة فى اضطهاد الإخوان المسلمين والتشنيع عليهم ورميهم بالنقائض.. فمن هم هؤلاء الأهالى؟ أهم نحن يا سيدى؟ أظنك لا تقصدنا.. وإلا فهل نسيت أننا نحن الذين خضنا معركة القتال وكنا نحاول أن نزج بالجيش فيها بأسلحته وعتاده إلى جوار الشعب؟ ثم هل تذكر أننا نحن الذين نطمع فى الحكم قد طلبنا منك أيام المعركة أن تشترك فيها فرفضت وأصررت على الرفض وأظن أن ذاكرتك لم تخنك.. لهذا فأنت لا شك تذكر أنك أصدرت أوامر للإخوان بالابتعاد عن المعركة متذرعًا بلا شك بقوله تعالى: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة» فاستجاب بعض الإخوان لأمره، وتمرد البعض الآخر وخاض معنا المعركة ضاربا بأوامرك عرض الحائط؟! ونحن الذين تتهمنا بأننا نريد الحكم.. نحن الآن نريد الحكم يوم أن كنت فى مصيفك أو فى فراشك لا أدرى، فقمنا نطرد الملك الخائن الفاسد «صديقك» بعد أن ظللنا نكافح أعواما طويلة وأنت وراء مكتبك فى وظيفتك آمن مطمئن؟ مَنْ إذن الذى يستهويه الحكم؟! المناضلون والمكافحون أبناء الشعب أم الذى كان يجد الأمان والكرم فى قصر الخان وفى رحابه؟ إننى لأشد الناس فهما لموقفك لطول ما لمسته بنفسى من أعمال بطانتك.. فأنت يا سيدى تفتعل كل تلك المواقف البطولية.. وترتدى الآن قناعا غريبا عنك لأن أسرة محمد على التى كانت تحميك وتقويك وتنفخ فيك لتعدك لحكم البلاد لتحميها أنت بدورك تحت ستار الدين من الشعب قد سقطت، فأصبح أملك العريض الكبير أسطورة، ولم تعد الورقة الرابحة فى أيدى المستبدين والمستعمرين! وترتب على الأسلوب الجديد الذى اتبعه أتاتورك والذى لم يكن ضمن برنامجه أن فشلت دعوته.. وكانت النتيجة غير ما كان يرجوه ذلك الرجل لبلاده! لقد كان معروفا أن وراءه تجارًا أرادوا أن يحطموه أو على الأقل ليشوهوه أمام الرأى العام الإسلامى حتى يبدو كمستبد باطش وحينئذ يمكن إطفاء المشعل الذى يحمله فلا تصبح تركيا دولة تشيع فيها المدنية والمعرفة، بل يشبع فيها الظلام والاستبداد والقهر! وقد كان ونحن هنا فى مصر لا يمكن أن نسمح لهؤلاء التجار بأن يكرروا المأساة.. فيوقفوا الطوفان الذى بدأ يجتاح كل الأرض فى بلادنا منذ 23 يوليو عام 1952.. باسم الدين! إن الله مع الحق والعدل والحرية والعمل والمعرفة.. وليس مع حسن إسماعيل الهضيبى! الله مع الذين أطاحوا برأس الفساد، وأعادوا الأرض لزراعها، وأخرجوا المستعمر بإصرارهم وإيمانهم بالشعب وليس سبحانه مع الذين هادنوا الفساد والاستعمار والإقطاع. إن الله معنا وليس مع الهضيبى. الجمهورية 19 ديسمبر 1953 |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
محمد أنور السادات |
محمد أنور السادات السادات ينتقد"مرسي" |
من هو الرئيس أنور السادات؟ |
رد أنور السادات علي اقتحام مطرانية شبرا |
قتلة أنور السادات صوتوا لمرسي |